الجزائر

عودة الاضطرابات إلى منطقة الحوض المنجمي بولاية قفصة التونسيةحركة النهضة بين مطرقة العلمانيين وسندان السلفيين



 
يحل كوفي عنان الوسيط الدولي في الأزمة السورية اليوم بتركيا للاطلاع على حقيقة الوضع الإنساني لعشرات آلاف اللاجئين السوريين الذين فروا من جحيم المواجهات الدامية التي أصبحت من ابرز يوميات الشعب السوري.
وتأتي زيارة الأمين العام الأممي السابق إلى تركيا في نفس يوم انتهاء المهلة التي منحها للفرقاء السوريين من اجل سحب مظاهر التسلح من شوارع المدن السورية المضطربة كخطوة أولى باتجاه احتواء الوضع الدامي في هذا البلد.
والمؤكد أن هذه الزيارة ستكون حاسمة في انتظار الموقف الذي سيخرج به الوسيط الدولي بخصوص مسألة وقف أعمال العنف وهو الذي كان قبل يوم فقط أدلى بتصريحات ساخنة وساخطة أعرب خلالها عن تذمره الشديد من استمرار قتل المدنيين وعدم التزام السلطات السورية حسبه بتعهداتها التي التزمت بها في تنفيذ بنود مخططه للتسوية.
وكان عنان قال أنه ''على اتصال دائم بالحكومة السورية مع اقتراب المهلة المحددة لها'' داعيا ''جميع الدول ذات النفوذ على الأطراف المتحاربة التدخل لضمان إنهاء إراقة الدماء وبدء الحوار''.ودعا مجددا الحكومة السورية والمعارضة إلى وقف جميع أشكال العنف بحلول السادسة من صباح الخميس القادم بتوقيت دمشق.
هذه الأخيرة التي طالبت بضمانات مكتوبة من قبل المعارضة بعدم احتلالها للمناطق التي تنسحب منها القوات الحكومية كشرط مسبق لتطبيق خطة التسوية.
وهو الأمر الذي سيكون محل نقاش بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره السوري وليد المعلم الذي انتقل أمس إلى العاصمة موسكو لشرح موقف بلاده من مسألة تطبيق مخطط عنان خاصة وأن روسيا كانت من بين الدول الداعمة لهذا المخطط ووصفته بالفرصة الأخيرة لتفادي اندلاع حرب أهلية طويلة الأمد في سوريا.
وتقضي خطة عنان بوقف العنف من جميع الأطراف تحت إشراف الأمم المتحدة وسحب القوات العسكرية من المدن وتقديم مساعدة إنسانية إلى المناطق المتضررة وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث الجارية منذ أكثر من عام والسماح بالتظاهر السلمي.   بالتزامن مع هذه الجهود الدبلوماسية تبقى لغة الرصاص سيدة الموقف في وضع السوري متفاقم بلغ حد التعفن بعد أن تواصلت المواجهات بين القوات النظامية ومقاتلي الجيش السوري الحر الذي يضم في صفوفه في كل من ادلب بالشمال ودير الزور بالشرق مما أدى إلى سقوط 13 قتيلا، 12 منهم من صفوف القوات الحكومية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قتيلين على الأقل و15 جريحا سقطوا في المناطق الحدودية من الجانب التركي اثر تعرضهم لطلقات نارية آتية من الجانب السوري.

وجدت حركة النهضة الإسلامية في تونس نفسها في موقع المدافع عن منطلقاتها الفكرية وتوجهاتها الدينية والسياسية في مسعى منها لإقناع الرأي العام الداخلي والخارجي ببعدها عن التيار السلفي. وترى مختلف مكونات الطبقة السياسية التونسية وخاصة العلمانية منها وتلك المنادية بالديمقراطية والحريات الفردية والعامة في الأفكار السلفية تهديدا لاستقرار البلاد بسبب التجاوزات التي يمارسها أنصار هذا التيار.
وفي مسعى للتصدي لهذه الظاهرة واتساع دائرة الناشطين فيها تحركت شرائح واسعة داخل المجتمع التونسي بقوة هذه الأيام وألقت بكل ثقلها على حركة النهضة التي تقود الحكومة الحالية لإرغامها على توضيح موقفها من التيار السلفي والسلفيين وطالبوها بالقيام بخطوات جريئة من اجل حماية الأفراد والمرافق والمؤسسات العمومية والخاصة والدفاع عن الحقوق الأساسية الفردية منها والجماعية وحرية الرأي والتعبير والمعتقد.
وهو ما جعل الحكومة المؤقتة بقيادة حمادي الجبالي العضو القيادي في حركة النهضة تتعرض لهذه الضغوط وأكدت عن رفضها التام لظاهرة التطرف والتعصب والغلو والمغالاة التي تعرفها البلاد منذ نجاح ثورة الياسمين.
وكانت وزارة الشؤون الدينية التونسية أكدت في تقرير لها سيطرة منتسبي هذا التيار على أكثر من 400 مسجد في عدة مناطق مما دفع بزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي إلى الإعلان عن استئناف إلقائه للدروس داخل المساجد من أجل ''وضع حد للتجاوزات'' التي تمارسها الجماعات السلفية.
غير أن العديد من الملاحظين يرون ان الغاية من مواقف الحكومة المنددة بالظاهرة السلفية وعودة زعيم حركة النهضة الإسلامية إلى التدريس بالمساجد تعبير عن ''الإدراك بالخطر'' الذي باتت تشكله الجماعات السلفية على حزب النهضة نفسه. وبحسب هؤلاء فانه من البديهي إقناع الرأي العام بـ''انعدام أي توافق أو تواطؤ'' بين الحزب الحاكم والجماعات السلفية.
ولكن مهمة حركة النهضة لا تنحصر فقط في إقناع الرأي العام الداخلي فهي أيضا مطالبة بإقناع الرأي العام الغربي وخاصة الأوروبي منه بموقفها المعتدل وهي التي التزمت باحترام القيم والآليات الديمقراطية، وتوضيح علاقاتها بسلوكات الجماعات السلفية من أجل عودة الاستثمارات الخارجية في ظل مناخ اجتماعي مستقر وخلق دينامكية اقتصادية جديدة في تونس التي تعاني من تفاقم في الأوضاع الاقتصادية.  وفي هذا السياق، اعتبر سامي براهم الباحث المتخصص في الحضارة الإسلامية أن هناك ''تصادما صامتا'' بين حركة النهضة والتيار السلفي وأن هذا التصادم ''مرشح'' للتصعيد وأن الظاهرة السلفية ''مفتوحة'' على كل الاحتمالات بما فيها العنف والإرهاب. وحسب الأكاديمي التونسي فإن حركة النهضة الإسلامية تسعى إلى ''إبراز التمايز الفكري والسياسي الذي يفصلها عن التيار السلفي الذي يكفر الديمقراطيين والعملية الانتخابية والذي يعتدي على حريات الفكر والمعتقد''. ويرى ان السلفيين باتوا يشكلون''عبئا ''على حركة النهضة الحاكمة في البلاد التي ''وجدت'' نفسها في ''موقف حرج'' بين تيار سلفي يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية واعتبارها مصدرا وحيدا وأساسيا من مصادر التشريع وبين تيار علماني يدعو إلى احترام مبادئ الديمقراطية والالتزام بجملة من المكتسبات الحداثية. ويعتبر هذا المحلل ان خروج الحكومة الائتلافية من مثل هذا المأزق يمر حتما عبر الاستجابة للحد الأدنى من المطالب الاجتماعية وتوفير المناخ الأمني والاجتماعي السليم لمعالجة الظاهرة .
وفي الوقت الذي يشتد فيه الجدل على الساحة السياسية التونسية حول تنامي النشاط السلفي عادت الاضطرابات إلى منطقة الحوض المنجمي بولاية قفصة اثر مهاجمة محتجين مراكز أمنية وأضرموا به النيران.
وتأتي هذه الاضطرابات في أعقاب الإعلان عن نتائج مسابقات للتوظيف بشركة ''فوسفات قفصة'' وهي الاحتجاجات التي عرفتها كذلك جل المدن الواقعة بمنطقة الحوض المنجمي على غرار المضيلة وأم العرائس والمتلوي.
وعمد المتظاهرون العاطلون عن العمل إلى قطع الطريق المؤدية إلى مدينة قابس فيما افرغوا حمولات شاحنات محملة بمادتي الفوسفات والاسمنت بينما استخدمت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وفتح الطريق أمام حركة المرور.  وأدت موجة الإضرابات عن العمل والمظاهرات في مختلف مناطق البلاد إلى إغلاق حوالي 200 مؤسسة أجنبية غادرت البلاد للبحث عن وجهات تجارية أخرى مما أسفر عن تسريح 15 ألف عامل وإلحاق خسائر هامة بالاقتصاد التونسي بلغت حوالي 8,1 مليار دولار .



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)