الجزائر

عندما يتحول جهاز الشرطة إلى أداة لمنع المسيرات ومحاصرة التجمعات وإيقاف الاحتجاجات


حقبة تلوى أخرى وسنة بعد سنة، تلاشى ويضمحل الدور الرئيسي لجهاز الشرطة في بلادنا، الذي حيد بفعل قوانين الجمهورية عامة وتلك التي تضبط نشاط منتسبي هذا السلك، عن مهامه المنوطة به، بحكم أنه تحول من جهاز أمني يضمن أمن المواطن ويسهر على سلامة ممتلكاته، إلى أداة لقمع حق من حقوقه الدستورية ألا وهو الحق في الإحتجاج والإضراب.الأرقام تتحدث عن نفسها، إحصائيات رسمية صادرة عن خلية الإعلام والإتصال في الشرطة، تعكس الإرتفاع الرهيب في السنوات الأخيرة لنسب الجريمة بمختلف أنواعها، بمعدل 700 جريمة يوميا تسفر سنويا عن توقيف ربع مليون مشبوه، تعاقب أو تسجن نسبة ضعيفة منهم للأسف لعدة أسباب بعضها طبيعي وقانوني وأغلبها بفعل فاعل، ونقصد هنا تدخل "المعارف" أو المحسوبية، واقع حال جعل الشعور بالأمن والأمان لدى المواطن يتراجع، إلى درجة أن شريحة أو نسبة لا بأس بها من الشعب أضحت لا تؤمن بمقدرة الشرطة على حمايتها أو إنصافها، أو إسترجاع حقوقها وكف الظلم عنها، جرائم في الطرقات العامة لكبرى عواصم الولايات عبر الوطن من سرقة وإعتداءات وصل بعضها إلى القتل، يفلت بعض مرتكبوها من العقاب، سيناريو تكرر طيلة سنوات حتى كسب هؤلاء المجرمون الثقة في أنفسهم بعدما خدشوا (لنقل خدشوا أفضل من أن نقول كلمة أخرى) هيبة جهاز الشرطة وضربوا مكانته في المجتمع، حتى تزعزعت ثقة الشارع المحلي فيه، بحكم أن مواطنين تقدموا بشكاوى لدى مراكز شرطة عبر مختلف ربوع الوطن، مصحوبة بأدلة دامغة عن تعرضهم لإعتداءات، سرقات وهتك للأعراض والشرف، دون أن يتم إنصافهم، بل لم يتم حتى تحريك تحقيقات في قضاياهم، وعلى طرف النقيض مواطنون آخرون من أصحاب "لكتاف" كما نقول بالعامية، حُركت قضاياهم ونالوا حقوقهم بعد تدخل مسؤولين وأشخاص نافذين لصالحهم.
في السياق ذاته وبعدما جُرّد أم تم تحييد جهاز الشرطة عن أدواره الرئيسية، وُظف أو تم إستعماله كأداة للقفز على بعض حقوق المواطن التي يكفلها له دستور البلاد، على غرار الإحتجاج والإضراب، علما أن أكثر من 5 آلاف إحتجاج تم تسجيلها السنة الماضية 2017، فضت نسبة لا بأس بها منها بالعنف عن طريق تدخل قوات الشرطة وبالأخص قوات مكافحة الشغب التي تتدخل في بعض الأحيان حتى في حال عدم وجود شغب وتعامل من تواجههم كأنهم قاموا بشغب حتى ولو لم يقوموا بأي شغب، وكأمثلة قريبة للذاكرة ما حصل الأسبوع المنصرم أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العاصمة، أين إحتج طلبة المدارس العليا، الذين تمت محاصرتهم بقوات الأمن ومكافحة الشغب التي إستعملت القوة والعنف نعم العنف بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ضد طلبة وطالبات عُزّل، وثقت تسجيلات فيديو من عين المكان إكتسحت مواقع التواصل الإجتماعي، تعرض بعضهم للضرب المبرح على يد أفراد الشرطة، ما سبب لبعضهم إصابات بالغة، حالهم حال الأطباء المقيمين قبلهم الذين عُنّفوا هم أيضا وبشكل غير مقبول البتة أثار حفيظة الشارع المحلي الذي تضامن معهم بشكل لافت ومنقطع النظير عبر مواقع التواصل الإجتماعي. وعلى ضوء ما سبق ذكره نريد التذكير أن الشرطي ملزم بتطبيق أوامر وتعليمات أحب أم كره، أوامر يتلقاها بطبيعة الحال من القيادة التي أصدرتها إستنادا إلى قوانين الجمهورية، وأخرى خاصة بهذا الجهاز الأمني، قوانين ساهمت وبشكل كبير بناء على ما ذكرناه آنفا في تغيير الصبغة الحقيقية ولو نسبيا لجهاز الشرطة في بلادنا.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)