الجزائر

عمود الشعر في زمن الهايكو



مازال البعض يرى أن عمود الشعر الذي وضع أسسه أبو علي أحمد بن محمد المرزوقي المتوفَّى (421 ه) يصلح منطلقا للشعر اليوم وبغيره لا يكون الشعر شعرا .. وهو لا يضع في حسابه أن المرزوقي عاش في القرن 5 الهجري ونحن نبعد عنه مسافة تفوق ألف سنة تشكلت فيها مدارس نقدية و شعرية وظهرت فيها فنون تتقاطع معه وتتداخل.و رغم أن هذه القواعد لم تكن قبل الشعر بل بعده أي أن المرزوقي استنبط قواعده من خلال ما وجد من شعر وهي لمن لا يعرفها ولا سمع بها مضمّنة في قوله : « إنهم كانوا يحاولون شرف المعنى وصحته، وجزالة اللفظ واستقامته، والإصابة في الوصف، ومن اجتماع هذه الأسباب الثلاثة كثرت سوائر الأمثال، وشوارد الأبيات، والمقاربة في التشبيه، والتحام أجزاء النظم والتئامها على تخير من لذيذ الوزن، ومناسبة المستعار منه والمستعار له، ومشاكله اللفظ للمعنى، وشدة اقتضائهما للقافية حتى لا منافرة بينهما، فهذه سبعة أبواب هي عمود الشعر، ولكل باب منها معيار « إلا أن هذا البعض لا يريد الخروج منها ويرى الخارج عنها مارقا يتوجب علينا إهمال نصوصه وهو لعمري من خلال هذا الرأي يضع نفسه في دائرة العته من حيث لا يشعر لأن الأذواق تبدلت ومعاني الشعر تعددت وانتفت الأغراض بتلك الدقة والتفصيل وتحول الأمر في الشعر إلى تعدد في الأشكال الشعرية وتثاقف مع حضارات جديدة وثقافات انتصرت لجماليات من داخل الشعر ومن خارجه صارت مدار اعتماد الشعر وليس معنى هذا أن ما في هذه النظرية يجب أن يهمل كليا لكن الأمر متروك لصنعة الشاعر وموهبته في اعتماد ما يجب وترك ما لا بجب كي يخرج نصه في أبهى حلة ... وعلى الذي لا يرى إلا هذا العمود أن يلتفت لأعمدة أخرى ما دارت في خلد المرزوقي ولا من جاء بعده أو قبله وهي الآن تشكل الذائقة الشعرية بشكل لافت ومختلف ..
عمود الشعر مرحلة نقدية من مراحل النقد العربي تبدل ما تبدل منه وبقي ما بقي ولكن الشعر مدارات تعددت وأحوال تجددت وليس علينا اليوم القبول والتسليم المطلق والجامد بتلك النظرية بل علينا أن نكون أبناء عصرنا وأن نصنع لأنفسنا نظريات نقدية جديدة ندخل بها مداخل الشعر وننعم في مدارج جماله ...
وأما الشعر فعصي على التحديد والقولبة لأنه طائر حر في سماء الجمال..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)