الجزائر

على خطى كاراكاس!



لا يكاد المواطن البسيط ينعتق من دفع ضريبة أو زيادات في السلع، حتى يستيقظ على إجراءات أخرى، تعمل على تذويب راتبه البسيط قبل أن يصل الى جيبه، وبالتالي، لا أستغرب تماما أن يصل الجزائريون محدودي الدخل إلى اليوم الذي يتخلون فيه عن الاستيقاظ باكرا للذهاب إلى العمل، ما دام أنهم لا يقبضون شيئا من رواتبهم!. فإذا كان البرلماني يشتكي من راتبه الذي يقارب ال30 مليون سنتيم شهريا، ويدعي أنه لا يكفيه حتى أصبح يتمسكن ويلقب نفسه ب البرلماني الفقير !، فكيف هو حال الجزائريين الفقراء والمغبونين الذين يطاردون رواتبهم الزهيدة، والتي أصبحوا يقبضونها في بعض المؤسسات بعد 60 يوما من العمل؟، من سيفكر في هؤلاء الذين يدفعون تكاليف الكراء والكهرباء والماء والغاز، زيادة عن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، خاصة وأن البعض منهم لا يقبض سوى 18 ألف دينار سنتيم شهريا؟. هؤلاء إذا كانوا لا يستطيعون دفع تكاليف كل ما ذكرت سالفا، فكيف لهم أن يعالجوا أنفسهم وعائلاتهم إذا ألم بهم طارئ صحي معقد، يستدعي إجراء عملية جراحية، خاصة وأننا نعلم كيف تسير الأمور في مستشفياتنا في مثل هذه الحالات؟، كيف سيهتمون بتعليم جيد لأبنائهم، الذين لا يفهمون شيئا مما يقرأون كما تقول عنهم الوزيرة؟.. ما هو السبب الحقيقي وراء تراجع مستواهم؟.. وهل تدرك الوزيرة أن بعض هؤلاء التلاميذ هم من العائلات الفقيرة ويشعرون بمعاناة عائلاتهم التي تعيش في كابوس يومي وهو ما سيؤثر، بطبيعة الحال، على تحصيلهم الدراسي بشكل مباشر، ففاقد الشيء لا يعطيه!. أصبحت الضرائب والزيادات بالنسبة للجزائريين، مثل جهاز قياس ضغط الدم، فهي التي تقيس نبضات قلوبهم يوميا، حيث يكتوون بالزيادات منذ دخول البلاد في التقشف بسبب تراجع عائدات النفط، الذي عدّلت الحكومة من مؤشر السعر المرجعي وجعلته يساوي الخمسين، ورغم انها طبعت النقود من أجل تخفيف الأزمة على الاقتصاد والمواطن، لكن حدث العكس تماما، التهبت الأسعار بشكل كبير جدا وازداد التضخم، في حين بقي الأجر القاعدي يراوح مكانه في رقم 18 ألف دينار، والذي لا يكفي حتى لشراء تلفاز من نوعية رديئة، ورغم كل هذا، يتساءل البعض لماذا يغامر الجزائريون بحياتهم نحو أوروبا؟. في المقابل، لم تستطع الحكومة، وبعد عدة إجراءات وقائية خاصة بالفئات الهشة، انتشال هذه الأخيرة من مستنقع الغلاء، لذلك جاء تصنيف منتدى الاقتصاد العالمي دافوس ، أن الجزائر في المرتبة الأولى إفريقيا والرابعة عالميا، من حيث فرض الضرائب على الشعب، بمعدل 72.7 بالمائة، وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير على مختلف أسعار السلع التي ازدادت في بعض المنتجات إلى الضعف، لذلك ترغب الحكومة في رفع الدعم عن مختلف المنتجات التي يستفيد منها جميع الجزائريين الفقير منهم والغني من أجل تجاوز الأزمة، وهذا بهدف توجيه الدعم إلى الفئات التي تستحقها والتي قال عنها رئيس الجمهورية أن الدولة لن تتخلى عن الفئات الهشة والفقيرة ، وبالتالي، ينتظر أن يتم توجيه الدعم لمستحقيه من باب الحفاظ على مفهوم الدولة الاجتماعية الذي اعتمدته الجزائر منذ الاستقلال، بالرغم من الإصلاحات الاقتصادية الجوهرية التي باشرتها الجزائر منذ سنوات، للانعتاق من التبعية للنفط. ووسط هذه المعمعة الضرائبية على رقاب المواطنين، أطلت علينا وزيرة البيئة، فاطمة زراوطي، تؤكد أن هناك ضريبة جديدة تدفعها كل عائلة جزائرية بقيمة تتراوح بين 1000 دج إلى 1500 دج على القمامة ابتداء من الشهر المقبل، ربما السيدة الوزيرة ترغب في معاندة بعض الدول ذات الرفاهية الاجتماعية العالية، لكن ألا تعلم أن بعض العائلات الجزائرية لا تستطيع حتى ضمان قوت يومها، فكيف لها أن تصل إلى دفع ضريبة على النفايات التي لا ترميها أصلا لأنها لا تشتري شيئا يرمى، بل تقتني ما تحتاجه للأكل فقط!، وبالتالي، لا أستبعد، ومع توالي الأزمة واشتدادها على المواطنين البسطاء منهم، أن تهتدي الجزائر إلى ما ذهبت إليه كاراكاس ليس بفرض ضريبة على النفايات فقط، بل حتى على الهواء النقي أيضا!.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)