عقبات جنيف -2

مرة أخرى بينت المعطيات الجارية في جنيف أن توصل الفرقاء السوريين إلى أرضية تفاهم حول حل الأزمة في هذا البلد باتت بعيدة المنال على المدى المنظور، وأن مؤتمر جنيف الذي أريد له أن يكون بداية الحل لم يكن كذلك.والدليل أن اجتماع مونترو الممهد لمفاوضات جنيف لم يكن موفقا على عدة أصعدة منها ما يخص الدول الراعية الحاضرة في اللقاء التي أجمع المتتبعون أنها كانت طرفا في النزاع بدل أن تكون راعية للقاء وللمفاوضات ومنها ما خص وفدي الحكومة والمعارضة اللذين كانا على طرفي نقيض استحال معه على الابراهيمي أن يحقق أي اختراق باتجاه تقريب وجهات نظر الفرقاء.ومازاد الطين بلة هو ما نقل عن أن الولايات المتحدة تعتزم إحياء فكرة تسليح المعارضة السورية وهو موقف جاء في غير وقته لأنه ببساطة ينسف كل الجهود التي قام ويقوم بها الوسيط الأممي في الأزمة السورية، السيد الأخضر الابراهيمي، الذي يعي جيدا ومنذ بداية مهمته بأن الأمر ليس بالبساطة التي قد يظنها البعض.والتوجه الأمريكي نحو تسليح المعارضة يأتي في الوقت الذي ترجح فيه الكفة في المفاوضات الجارية إلى الجانب الذي يسيطر أكثر على الأرض وهذا لا يروق الدول التي تشترط إسقاط النظام عموما وإقصاء الرئيس بشار الأسد من أي دور سياسي على الخصوص.وأثبتت التجارب أنه كلما تعلق الأمر بالقضايا العربية وبالأحرى النزاعات العربية - العربية تبادر القوى العظمى بالتدخل فيها مباشرة أو بطريق غير مباشر لإطالة عمرها حتى إنهاك القوى المتنازعة ثم تفرض عليها منطقها باسم الرعاية الأممية لفض هذه النزاعات فتدخلها في متاهة المفاوضات حتى تصبح منسية أو تتفكك أوصال الدولة المتنازعة أطرافها.ونجدد القول هنا أن مؤتمر جنيف -2 الذي يحمل بوادر فشله في افتتاح لقاء مونترو الذي سبقه سيكون وسيلة لتمديد الأزمة السورية وما لها من تداعيات إنسانية واقتصادية مالم يدرك الفرقاء السوريون بأن الخلاص لا تأتي به الاجتماعات في أفخم الفنادق والمنتزهات الأوربية بل في التفاهم السوري - السوري للإبقاء على ما تبقى من البنية التحتية التي يحتاجها الطرفان في المستقبل عند انتهاء الأزمة.