الجزائر

"عبد القادر رزيق المخادمي" تنبأ بالربيع العربي قبل وقوعه بعدة سنوات




يعد كتاب النظام الدولي الجديد "الثابت والمتغير" للكاتب الجزائري ،والمحلل في الفكر السياسي عبد القادر رزيق المخادمي الذي صدر سنة 2002 من المراجع الهامة القليلة التي استشرفت بشكل عميق ما سيحدث في العالم من تحولات في كافة الأصعدة ،عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية وتداعياتها السياسية على العالم بأسره ، فالكاتب تنبأ بالثورات العربية أو ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي قبل وقوعه بسنوات عديدة بشكل من التحليل والوصف الدقيق للإستراتيجية الأمريكية في ظل النظام الأحادي القطبية ، التي تقوده أمريكا فعند الرجوع إلى هذا الكتاب نجد أن المؤلف كان يمتلك رؤية واضحة و بعيدة لمستقبل العالم بعد أحداث الحادي عشر سبتمبر
يرى الباحث والمحلل السياسي عبد القادر رزيق المخادمي في كتابه النظام الدولي الجديد أن
الولايات المتحدة الأمريكية من خلال سياستها شجعت على الإبقاء على النقاط الساخنة في العالم من حروب صغيرة وأخرى جاهزة للتفجير بما يتناسب والمصالح الأمريكية وقائمة البراكين كثيرة وهي تتوزع على مناطق البلقان، والشرق الأقصى، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية والوطن العربي ويضيف الكاتب أن سيناريوهات تفجير هذه البراكين يصعب عدها ولعل أهم البراكين العربية الجاهزة للتفجير الأمريكي ،هي السودان والصومال والجزائر والأردن والعراق وفلسطين كما اعتبر
ان المؤشرات الملتقطة على الساحة الدولية تنبئ بأن الآتي أعظم وان الوطن العربي يتعرض إلى عملية قضم ويعيش على حافة السكين وفي المنظار الأمريكي سيتم عولمة جميع الدول العربية دون استثناء على أساس نشر الديمقراطية في العالمين العربي، والإسلامي باعتبار أنها غير مؤهلة للاندماج في النظام الدولي الجديد الذي ترنو الولايات المتحدة بسطه على العالم مستدلا بالتقرير الذي نشره معهد راند في الولايات المتحدة الأمريكية حول أفضل الخيارات الإستراتيجية للتعامل مع الشرق الأوسط حين ذكر
" إن ضرب العراق هو هدف تكتيكي أما السعودية فهي الهدف الاستراتيجي ومصر هي الجائزة الكبرى فمن هذه الدول الثلاث ، خرجت كل الدعوات المناوئة للغرب، ومنها جاء معظم أفراد تنظيم القاعدة لذلك يجب تغيير الأنظمة فيها إلى أنظمة ديمقراطية ليبرالية محبة للغرب "
و اشار الكاتب أن الخريطة العربية منذ الثلاثاء الأسود باتت تحترق من أطرافها الأربعة وليس غريبا أن نسمع عن وجود تصورات لإعادة صياغة حياتنا كبشر وثقافة وبالتالي رسم الخرائط و إعادة تشكيل دولنا وأنظمتنا السياسية بشكل جذري "
معتبرا أن العراق كان البداية الاختبارية لتجسيد الأمركة، في منطقة الشرق الأوسط بجميع أهدافها ولكن المرامي البعيدة للإستراتيجية الأمريكية الجديدة هي إزالة الأنظمة العربية الحالية برمتها وهز الشرق الذي كان ملتقى الديانات والأعراف والحضارات .
كما قدم المؤلف تصورا دقيقا للعولمة بأنواعها الاقتصادية والثقافية ،حيث اعتبر أن الغزو الثقافي هو اخطر ما يواجه الشعوب التي تسعى للتحرر ونيل استقلالها السياسي وقد تضاعفت هذه الخطورة مع ازدياد حالة التبعية الأمنية والاقتصادية ، والنسيج الاجتماعي لهذه الشعوب سيهدد بالمزيد من التدمير والشرذمة والحروب الداخلية في ظل حالة العقم السياسي التي سيعمل النظام على فرضها على العديد من الأنظمة في الدول النامية وفي المقابل فالجبهة الثقافية سيكون لها الدور الأول والأساسي في مكافحة إمكانيات قيام أنظمة استعمارية جديدة تحت عنوان النظام الدولي الجديد .
مضيفا أن العولمة الثقافية هي ظاهرة جديدة وهي تثير للعالم تحديات متعددة مباشرة تواجه الثقافة القومية ،والهوية العربية و تحديات غير مباشرة من خلال النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وان معظم المجتمعات والشعوب تبدو غير مطمئنة في ظل هذا الزخم الكبير من القيم والمفاهيم وأفكار العولمة الثقافية التي تروج عبر الفضائيات وتكنولوجيات الاتصال وتقديم الثقافة الأمريكية كنموذج للثقافة العالمية الذي ينبغي نشره عن طريق شبكات الاقتصاد المتحررة من كل قيد
مشيرا في كتابه انه وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بدأت كتابة جديدة للتاريخ فرضها تداعي الأحداث وتسارعها وتفرد القوى اللاعبة فيها بعدما أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة العظمى المهيمنة في نظام وحيد القطب حاملا لواء الحضارة المنتصرة وان من شان ذلك ذوبان الهوية الوطنية في الهوية الأمريكية، التي كادت تبتلع كل الحضارة الغربية بعد تلوينها بلونها وانتصرت بها ومعها في صراع الحضارات، متوقعا أن العالم سيشهد حروبا مستقبلية على ضوء التوترات المتصاعدة بعد 11سبتمبر بين الحضارة الانكلوسكسونية والحضارات الأخرى وبخاصة الحضارة الإسلامية .
جلال نايلي


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)