الجزائر

"صنع في تركيا".. غزو عثماني جديد ينافس الواردات الصينية




استطاعت السلع والمنتجات التركية أن تجد مكانة مرموقة في السوق الجزائرية، وأن تنافس العملاق الصيني من حيث جودة المنتوج، والدول الأوروبية من حيث انخفاض الأسعار. ولعل المحلات المختصة في بيع الألبسة والمفروشات التركية، ورفوف المراكز التجارية أكبر شاهد على هذا ”الغزو” الذي تدعمه السياسة التركية المشجعة للتصدير من جهة، وتجار ”الكابة” رفقة التجار السوريين الذين يغازلون المستهلك الجزائري بسلع مستوردة بطرق خاصة من بلاد العثمانيين.أكثر من 940 شركة تركية غزت الأسواق الجزائرية، والملايير من الدولارات الناتجة عن المبادلات التجارية بين البلدين بلغت حوالي 2 مليار دولار كقيمة لصادرات تركيا نحو الجزائر، تخص أساسا قطاعات النسيج والصناعة الغذائية، جعلت المنتوج التركي منافسا شرس لنظرائه من السوق الأوروبية والعملاق الصيني، حيث يعول المستثمرون الأتراك على إيجاد سبل شراكة جديدة مع الجزائر نظرا لموقعها الجغرافي، حيث تعد سوقا مستهدفة من قبل المؤسسات التركية كونها تعد بوابة إفريقيا، ما سيسهل وصول السلع التركية إلى هذه البلدان من خلال محاولة إقامة تعاون في مجال نقل هذه السلع أوبفتح فروع لشركات تركية بالجزائر. كما عرفت العلاقات الاقتصادية الجزائرية التركية تطورا في السنوات الأخيرة، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين الجزائر وتركيا حاليا 5 ملايير دولار، كما يبلغ حجم الاستثمارات التركية في الجزائر 7 ملايير دولار.المفروشات والألبسة التركية تستهوي العروس الجزائريةفي الوقت الذي ركزت الصين على تصدير مواد منعدمة الجودة بحثت من خلالها على الكم لا النوع، ما فتح الأبواب واسعة أمام المنتجات التركية التي تعتمد على الجودة في الصنع، إضافة إلى حرصها على ملاءمة الأسعار، ها هي اليوم المفروشات التركية والألبسة الجاهزة تغزو المحلات التجارية وتغري ربات البيوت والعرائس، وهو ما شجعته الدراما التركية المدبلجة، والمعارض الخاصة بالمنتجات التركية التي باتت تستقطب زوارا مولعين بهذه السلع. فمن الألبسة إلى المفروشات، الصناعات الكهرومنزلية، الأثاث، التي كسرت كل أوجه المنافسة مع غيرها من المنتوجات المحلية والمستوردة، تحاول العروس الجزائرية قدر الإمكان اقتناء ما يسعها منها، وهو ما لمسناه خلال جولتنا بعدد من الأسواق والمساحات التجارية الكبرى في العاصمة، على غرار سوق دبي الذي لم يكتف بعرض مختلف أنواع هذه المواد المستوردة، بل فتح أبوابه لبعض الشبان الأتراك الذين فتحوا محلات خاصة ببيع جهاز العروس.وفي السياق ذاته تقول فلة، 30 سنة، التي تستعد للولوج الحياة الزوجية، إنها حرصت على اقتناء الأفرشة التركية التي تتميز بالفخامة وتتناسب مع متطلبات الفتاة الجزائرية، وتضيف أن الأسعار بالرغم من ارتفاعها إلا أنها لا تقارن بما تفرضه السلع الأوروبية.ومن جهته يقول منير، صاحب محل ألبسة بسوق علي ملاح، إن ”البيجامات” والملابس الجاهزة التركية باتت مطلب الفتيات الأول، حيث تختار أغلبهن اقتناء هذه العلامات دون غيرها، حتى بات أغلب التجار يعتمدون في مبادلاتهم على السلع التركية التي يجذبون بها الزبائن، خاصة ما تعلق منها بالأفرشة وملابس العروس التي يتفنن الأتراك في تصميم الجديد منها.السوريون وتجار”الكابة” يضاعفون الحظوظ التركيةتجاوزت السلع التركيا في الجزائر اليوم مرحلة التواجد التجاري، وهي تتجه نحو مرحلة الاستثمار والاستقرار النهائي والتخطيط لجعلها قاعدة انطلاق نحو فضاءات أخرى. وفي الوقت ذاته تدعم الحكومة التركية لكل أنواع التصدير، حيث يستفيد هؤلاء المنتجون من إعفاء جبائي يشجعهم على المضي قدما نحو غزو الأسواق العالمية بالماركات ذات الصناعة التركية، غير أن الوضع في الجزائر يختلف بعض الشيء، فلم يعد المستهلك الجزائري يكتفي بما يستورد عن طريق القنوات النظامية، بعد أن قرر التجار من الشبان الباحثين عن لقمة العيش بكل الطرق إغراق السوق الجزائرية بالسلع التركية التي يستوردونها بطرقهم الخاصة والسرية لتباع بالقطعة، حتى أن أغلب هؤلاء لا يسافر إلى بعد حصوله على بطاقة طلبات كاملة لزبائن محددين يحصلون على رغباتهم تحت الطلب، حتى امتلأت حجوزات الطيران المتجهة من وإلى تركيا، ولم تبق هناك أماكن شاغرة.ومن جهة أخرى، لم يدخر السوريون المتواجدون في الجزائر جهدا في الترويج للمنتوج التركي بحكم القرب الجغرافي بين البلدين سوريا وتركيا، حتى باتت تجمعهم اتفاقيات تجارية جعلت من السوريين أكبر مروج لهذه الصناعة في الجزائر، من خلال محلاتهم التي يعرضون في أغلبها ملابس ومفروشات تركية، إضافة إلى البعض الآخر المصنوع في سوريا أوفي ورشات خاصة في الجزائر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)