الجزائر

شيء ما.. وراء الحدود


شيء ما.. وراء الحدود
يبدو أن الرمال والصحراء والشمس الحارقة.. ليست خطوطا دفاعية آمنة.. فالأزمات مثل الكثبان المتحركة.. تعبر الحدود.. ولا تعترف بالحواجز.. وتحمل معها العطش والموت والسراب الخادع.
كل الهاربين من القانون تلاشوا في الصحراء.. وتحولوا إلى كائنات أسطورية.. انقلبوا أباطرة.. وأنشأوا ممالك وإمارات.. كانت الصحراء باستمرار.. هي الملاذ الآمن للعفاريت والمهربين والهاربين.
بالنسبة إلينا نحن الجزائريين.. الصحراء التي تمدنا بالبترول والغاز.. هي ذاتها الصحراء التي لا نستطيع أن نتبأ بخباياها وانتفاضاتها.. والتي نخافها بقدر ما نحرص عليها.. ففيها يتجاور الموت والحياة .. الأمن والخوف.. الشيء وضده.. لاشيء في هذا الفضاء المفتوح آمن أو ثابت أو حقيقي.. بل كل شيء يظهر ويختفي في اللحظة نفسها.
***
الصحراء لا تعترف بالحدود.. وليس لها معالم ثابتة.. فما يحدث في مالي جارنا الجنوبي أو ليبيا.. أو النيجر.. أو موريتانيا.. قد ينتقل إلينا كزوبعة تهبط من السماء.. ولهذا السبب لم يبن الفرنسيون خط ماجينو صحراوي.. وتركوا الصحراء تمارس طقوسها القاسية بطريقتها الخاصة.
أليس هذا ما يراد له أن يحدث الآن؟.. وإلا ما معنى أن يصرح الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي يوم 13 أفريل 2012 (علينا أن نعمل مع الطوارق لنرى كيف يمكن أن يحصلوا على قدر أدنى من الحكم الذاتي، وعلينا أن نبذل كل ما بوسعنا لمنع ظهور دولة إرهابية أو إسلامية في قلب الساحل).. أليست هذه دعوة صريحة لإزاحة أول حجر في صف «الدومينو» المترامي على رقعتنا الحدودية؟!
***
ماذا يعني الحكم الذاتي للطوارق؟ وهل هي نهاية القصة.. عندما يمسك الرجال الزرق بزمام أنفسهم.. وينشئون برلمانا خاصا بهم.. ويبسطون سلطانهم على الرمال المتحركة؟
الراجح أن اليد الخفية التي لعبت في الخفاء.. تريد أن تلعب في العلن.. فلا شيء يخفى إلى الأبد.
انتبهوا جيدا.. الداخل ليس معزولا عن الخارج.. فالخيوط الدقيقة التي لا ترى.. هي خيوط موجودة فعلا.. والأشياء التي تبدو محدودة وصغيرة.. قد تنمو إلى أحجام غير قابلة للاحتواء.. وما قد يبدو مجرد صداع حدودي يزعج الرأس.. سيتطور إلى ورم دماغي قاتل.
إن راية الأزواد تشبه راية الماك (الحركة من أجل الحكم الذاتي في القبائل).. وفي هذا التماهي إشارة إلى البعد الإقليمي للأزمة.. فالمستقبل مفتوح على سيناريو دولة لكل الطوارق.. ومن بعدهم لكل البربر.
***
يقال إن النعامة تدفن رأسها في الرمل.. كي لا ترى قاتلها.. والصحيح أن النعامة تهرب من مفترسها.. بمجرد أن يقترب منها.. وقد ترفس وتقاتل ولا تستسلم.. أما من يدفن رأسه في رمال الوهم.. فهم هؤلاء الذين يبصرون النار تقترب منهم.. ولا يفعلون شيئا لإطفائها.
في اعتقادي.. الحل واضح وسهل.. إجماع وطني على قداسة الوحدة الوطنية.. مزيد من الحريات في إطار ديمقراطي حقيقي.. دولة للجميع.. لا ترى في الصحراء منبعا للنفط أو منجما للذهب.. بل فضاء للانتماء والوطنية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)