الجزائر

شخص شارك في حرب التحرير، وأفطر في رمضان بسبب المشقّة التي كان يجدها وأصحابه أثناء مواجهتهم للعدوّ، فما هو حكم ذلك الإفطار وماذا عليه؟


قبل الإجابة عن هذا السؤال نغتنم قرب ذِكرى استقلال الجزائر، لنشيد ببطولات أبناء هذا الوطن الغالي وتضحيتهم بالمال والنّفس من أجل حرّيته وتطهيره من دنس الكفّار والمشركين، فنسأل الله أن يرحَم شهداءنا وأن يقبَل جهادهم ويرفعهم به إلى أعلى عليّين، وأن يغفر لمجاهدينا ويحفظهم من كلّ سوءٍ وبلاء، ففضلهم علينا بعد الله تعالى عظيم.
أمّا عن حكم إفطار المجاهدين في صفوف جيش التحرير الوطني أثناء ثورة التحرير، فالجواز عملاً بالفتوى الصّادرة آنذاك من العلماء والشيوخ، حيث إنّ القادة العسكريّين كعميروش رحمه الله وغيرِه لم يكونوا يُقدِمون على فعل شيء حتّى يَرجعوا إلى العلماء والعقلاء من أجل استشارتهم ومعرفة حكم الشّرع في قضاياهم المستجَدّة عملاً بقوله تعالى: {فاسْألوا أهلَ الذِّكرِ إن كُنتُم لا تعلمون}.
قال الشيخ أحمد حماني رحمه الله وجعله من أهل الفردوس وجزاه عن هذه الأمّة وعن دين الإسلام خيرَ الجزاء: ''.. المسافر للجهاد أولى النّاس بالأخذ بالرُّخصة والإذن في الإفطار، وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله للمجاهدين أن يفطروا إذا كانوا في مواجهة العدو وإن لم يكونوا مسافرين، فقد كانوا في مدينة دمشق يواجهون جيش التتار المهاجم لها، أخَذَ ذلك من أمر النّبي صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه بالإفطار في غزوة الفتح عام 8 للهجرة، إذ سافروا إليها في رمضان فلمّا كانوا على أبواب مكّة عزم عليهم فقال: ''إنّكم مصبحوا عدوِّكم والفطر أقوى لكم فأفطروا'' فكانت عزيمة ولم يبقَ لهم إلاّ أن يفطروا فدخلوها في عشرين من رمضان وأفطروا بمكّة. وأخْذاً من قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''والفطر أقوى لكم'' استنبط العلماء أنّ للجنود إذا كانوا في مواجهة العدوّ، جاز لهم أن يفطروا إذا كان الصّيام يوهِن قُوّتَهم ويعرِّضهم لتفوّق العدوّ''.
وأضاف الشيخ حماني رحمه الله قائلاً: ''وهذا الّذي دعانا لإصدار فتوى لجنود جيش التّحرير أن يفطروا في عام 1956م جواباً عن سؤال ورد إلينا من الولاية الثانية بشمال قسنطينة، وقد انتهَت الحربُ بالنّصر والحمد لله بعد سنين، فمِن الشُّكر لله والوفاء بعهده  القضاء لدينه''.
ويستفاد من الجملة الأخيرة من كلام الشيخ رحمه الله، أنّه يتعيَّن القضاء على هؤلاء الجنود المجاهدين الذين أفطروا أيّام الثّورة التحريرية، مع إطعام مسكين عن كلّ يوم تكفيراً عن التّأخُّر في القضاء. والله أعلَم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)