الجزائر

شبان يعانون الإقصاء والتهميش بسبب انعدام المستوى الدراسي



شبان يعانون الإقصاء والتهميش بسبب انعدام المستوى الدراسي
لا يختلف إثنان أن بعض الشباب الجزائري يعاني من الأمية بسبب عدم التحاقه بمقاعد الدراسة أومغادرته لها مبكرا دون إنهاء الطور الابتدائي، وهو المشكل الذي يعود بكثرة وأصبح من بين الطابوهات في المجتمع الجزائري لا سيما في ظل العولمة، حيث أن نظرة المجتمع لشاب ليس بإمكانه ملأ صك لسحب أموال يعتبر بمثابة ”كارثة” في زمن العلم والمعرفة. هذا المثال ينطبق على شباب لم يسعفهم الحظ لمزاولة دراستهم، حيث أصبح هؤلاء يعيشون على هامش المجتمع، وما زاد من معاناتهم هي نظرة الاحتقار التي ينظر بها إليهم الأقارب والأصدقاء، وهذا ما يزيد في تعقيد الأوضاع ويخلق لديهم مشاكل نفسية قد تنتهي في طريق لا تحمد عقباه. ونتطرق في هذا الروبورتاج بعض الحالات لشباب عديمي المستوى التعليمي سردوا معاناتهم في المجتمع، والبداية كانت مع الشاب ”عبد المطلب” في العقد الثاني من عمره الذي قال ”كبرت وترعرعت في وسط عائلي لابأس به دخلت المدرسة كغيري من الأطفال وبدأت أدرس بصفة عادية وعندما كنت في الصف الخامس توفي أبي ولم نجد من يتكفل بنا ،فالظروف الاجتماعية التي حلت بنا أجبرتني على مغادرة مقاعد الدراسة ”. ويردف عبد المطلب ”اضطررت للتوجه إلى العمل بحكم أنني الأخ الأكبر وبالتالي كان لزاما عليّ إعالة أسرتي حتى أنقذها من الجوع والفقر”. ووصف الشاب حالته قائلا ”الأمية جعلتني أتجرع مرارة التهميش والحرمان”، وواصل ”لأنه بمستواي هذا لم أجد عملا لائقا فأنا أعمل في المقهى ويستغلني صاحب المحل كالعبيد”. وعاد الشاب للحديث عن نظرات المجتمع له وقال وهو يذرف الدموع ”نظرات زبائن المقهى تزيد من ضيق قلبي فهي مفعمة ومليئة بالاحتقار ومجردة من الإحساس بالغير أو الإنسانية”.حالة أخرى تشبه حالة عبد المطلب وهي حالة ”فوزية” في العقد الثالث من عمرها تقول أنها غادرت مقاعد الدراسة وهي في الصف السادس بسبب العوز والفقر، كما أنها لم تجد من يساعدها في الدراسة حتى والديها أميين وبالتالي لم يتمكنا من متابعتها في الدراسة أو مساعدتها في المراجعة لا سيما أوقات الامتحانات.وتقول فوزية ”عشت حياة غير عادية ، فأنا اليوم لا أتقن لا القراءة ولا الكتابة ولم أتمكن من استيعاب كل ما درسته خلال تلك السنوات القليلة التي كنت أتردد فيها على المدرسة”. وتابعت ”لقد أثر علي كثيرا، لأني لا أحسن العمل سوى في التنظيف، وأنا أعمل اليوم كمنظفة في المنازل وأعاني الويلات مع احتقار الناس لي”. وكشفت ”فوزية” أن حتى أقرب الناس إليها تخلى عنها في إشارة إلى زوجها الذي طلقها، وتقول أن ”السبب يعود إلى عملي الذي لم يتقبله ومستواي الدراسي لأني ليس بإمكاني مساعدة ابنائي على الدراسة مستقبلا”.وطالبت ”فوزية” بضرورة بفتح أقسام بيداغوجية تهتم بالحالات المشابهة لها حتى تتفادى مستقبلا من ينعتها بالأمية أو الجاهلة على حد قولها ”أن البعض ينفر بمجرد إدراكه بأنها عديمة المستوى”. علي هو الآخر شاب في العقد الثالث من عمره يروي فصول ومأساة حياته ويقول أنه ولد وترعرع في حي شعبي ودخل المدرسة وكان تلميذا نجيبا لكن سوء الصداقة دفعته للتخلي عن الدراسة وهو في الصف الخامس ليلتحق برفقاء السوء في الشارع. ويقول علي ”لم أدرك أهمية الدراسة لكن مع الوقت فهمت أنني أطفأت الشمعة التي كانت ستضيئ طريقي في هذه الحياة”. ثم يواصل ”لقد أصبحت اليوم عبئا على المجتمع ولم أعد أصلح لأي شيء وكل الأبواب التي أطرقها موصدة في وجهي وهذه هي المعاناة الحقيقية التي أثقلت كاهلي وجعلتني أبقى مهمشا إلى حد الآن”. واعترف علي ”كل المؤسسات توظف أصحاب الشهادات والكفاءات ، وهذا ما جعلني أتمنى أن تعود الأيام والسنين بي إلى الوراء لأصحح خطئي”.ويجمع هؤلاء الشباب على ضرورة مساهمة الجمعيات في العمل التوعوي وشرح مثل هاته الحالات التي كانت تعاني في صمت ولم يسعفها الحظ لمزاولة دراستها، فواجهت مشاكل أسرية مستعصية قضت على حلم الطفولة، لتنتهي بها الأوضاع وسط مجتمع لا يرحم، فيستقبل مثل هذه الحالات بالإقصاء والنفور ونظرات جد قاسية تزيد من تعميق الجراح.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)