الجزائر - A la une

شباب يرتبطون بأجنبيات هروبا من أثقال الزواج بجزائريات غلاء المهور والتهاب السكنات غول يرعب العزّاب



لأنّ غلاء المهور والتهاب السكنات صارا غولا يرعب العزّاب في الجزائر، يندفع قطاع غير صغير من الشباب للارتباط بأجنبيات، سيما مع السهولة التي تتم بها العملية مع غير الجزائريات، خلافا لما يحدث في ديارنا من مشكلات حقيقية تقف عائقا أمام إكمال نصف دين الكثيرين، في ظلّ الشروط التعجيزية التي باتت بعض الأسر الجزائرية تفرضها.
صنعت عادات الزواج السائدة في مجتمعنا، وتمسك بعض العائلات بمطالب لها أول وليس لها آخر، حاجزا أمام إكمال حلم آلاف الشباب في بناء أسر، خصوصا مع ارتفاع المهور إلى مستويات خيالية، وصار الارتباط بالأجنبيات مشروعا ناجحا بأقل التكاليف أمام الانتشار الواسع للصينيات والإفريقيات والتواصل مع أوروبيات، وهو ما تبحثه "السلام" في هذه الورقة.
قال أحد الشباب إنّه تعرف على ألمانية عبر الإنترنت، وأخبرنا أنها تريد الزواج به، كما كشف أنها أرسلت له دعوى لتسهيل حصوله على التأشيرة، حيث أكد أنه حقق حلمين في الوقت نفسه إكمال نصف دينه والهجرة إلى بلد أوروبي. وأكد لنا آخرون أنّ الأجنبيات لا يبحثنّ على الماديات بقدر ما يكون هدفهنّ بناء أسر عبر الزواج، وأبرز فريق ممن استجوبناهم أنّ الزواج بأجنبيات يعفيهم من تقديم مهور وتحمل مسؤولية تكاليف الزواج من جزائريات، ما يفوق قدرة أي شاب محدود الدخل -على حد وصفهم-.
وممن التقينا بهم عمار، الذي فضل الارتباط بإحدى الصينيات، حيث أخبرنا أنه وجد بها صفات لا يمكن توفرها لدى الجزائريات، كما أضاف أنها تخلت عن جميع حقوقها في سبيل الزواج به، ولم تطلب منه تقديم مهر أو سكن خاص بل وافقت على الاقامة رفقة عائلته. وأوضح شاب ارتبط بإحدى النيجيريات أنه وجد فيها مميزات نادرا ما تتواجد عند الجزائريات، خاصة أنها لم تطلب منه تقديم مهر وما كان يهمها حسب قوله هو الزواج به، مبرزا قبولها شرطه باعتناق الإسلام. ووجد بعض الشبان بأحياء سيدي فرج حلا سريعا بالزواج من لاجئات سوريات، ذكر أحدهم أنه فضل الارتباط بشامية سيما مع امتلاكها لجميع المميزات التي يحلم بها أي شاب، وعدم وقوعها في فخ الاشتراط الذي أصبح عنوانا للجزائريات، مثلما قال.
المغالاة مهّدت للنفور من الزواج
أكد أمين 40 سنة "للسلام" أنه قرر إلغاء فكرة الزواج نهائيا بعدما كانت أغلب تجارب ارتباطه فاشلة، حيث كشف لنا أن الشروط التي فرضتها عليه أسر الشابات كانت تفوق قدرته المادية، وجرى تفضيل زوجا ثريا لآخر من تقدّم إليها بعدما عجز عن تلبية طلبات عائلتها، هذه الأخيرة اشترطت عليه توفير سكن خاص، وتقديم مهر تفوق قيمته 150 ألف دينار.
وأرجع آخرون عزوفهم عن الزواج بجزائريات إلى المغالاة في تكاليف ما قبل العرس التي تخطت عتبة 400 ألف دينار بين شراء أطقم الذهب وتقديم المهيبة في المناسبات، حيث صرح لنا أحدهم أنّ خطيبته أثقلت عليه بحتمية تجهيز البيت الذي قام باستئجاره، وفرضت عليه شراء أثاث ماليزي أو فسخ الخطوبة، وهو ما كان. وثمة عامل آخر أسهم في تنفير الشباب، حيث ارتفعت أسعار الذهب إلى مستويات خيالية تفوق قدرة الراغبين في الزواج، خاصة أن تقديم طاقم من الذهب بات من الضروريات التي يجب تقديمها سواء في الخطوبة أو الزواج، تماشيا مع العادات التي مازالت سائدة لدى بعض العائلات التي تفرض شروطا تفوق قدرة الشباب، خاصة من يعانون من شبح البطالة. ويتجاوز طاقم الذهب المكون من خاتم وسلسلة وأقراط 150 ألف دينار بالرغم من وزنه الخفيف، وذكر لنا بائع بمحل مجوهرات وسط العاصمة، أنّ بعض معارفه يرهنون لديه بعض ما يملكونه من أغراض كضمان مقابل الحصول على أطقم الذهب. واضطر قطاع من الشباب لشراء طقم ذهب يتشابه مع الحقيقي، ويسمى"البلاكيور" بعدما عجز هؤلاء عن توفير طاقم حقيقي لشريكات حياتهم، وقد ارجعوا السبب إلى غلاء أسعارها التي لا تتناسب مع قدراتهم المادية، حيث كشف لنا أحدهم أنّ عائلة خطيبته رفضت إتمام مراسم الزواج إلى حين إحضار طاقم من الذهب، وحسب قوله فإنه كان صريحا مع خطيبته بعدم قدرته على شرائها فوافقت على خداع أسرتها بهذا الطاقم المقلد لمجرد إتمام الزواج.
في الوقت ذاته، تأكدنا من آخرين أنهم لم يتمكنوا من الزواج خاصة وأن توفير السكن أصبح ضروريا لبناء أسرة مع بنات حواء في ظل رفضهن مسألة تقاسم المسكن الخاص بعائلة من يرتبطون بهم. حيث أكد أحدهم أن مشوار زواجه لم يكتمل بسبب فرض الوكالات العقارية تقديم مقدم مالي لمدة سنتين قبل تأجير منزل، وهو ما لا يتناسب مع راتبه الضئيل، كما أضاف خلال حديثه أن أغلب من تقدم لخطبتهن لم يتقبلن فكرة السكن مع عائلته.
مهور خيالية في الغرب
مازالت العادات السائدة في ولايات الغرب، تفرض على الشباب قيودامادية تقف حاجزا أمام ارتباطهم بفتيات أحلامهم، في ظل تمسك الأسر بالتقاليد بعدما شكلت تلك المسألة مشكلة دفعت بمحدودي الدخل أو من يعانون من البطالة إلى العزوف عن الزواج، حيث علمنا من أحد سكان منطقة تيارت، أن من ضمن العادات التي لا يستطيعون الاستغناء عنهاأن يقدم للفتاة مهرا لا يقل عن 150 ألف دينار.وحسب مليكة، إحدى بنات الغرب، فإنّه يتم إلزام العرسان بالتكفل بجميع التكاليف الخاصة بتجهيز الفتاة، وحسب قولها فإنّ النساء تتفاخرن أمام جاراتهن بالمهر الذي دفع لهن وهو ما يعطي قيمة كبيرة لهن أمام معارفهن، في حين تحرص العائلات التلمسانية أن يتجاوز المهر الذي يقدم للعروس ال200 ألف دينار إضافة إلى تقديم طاقم من الذهب يتناسب مع قيمة فتيات المنطقة اللواتي يتميزن بالجمال، هذا ما أكدته لنا إحدى قاطنات تلك المنطقة كما أضافت أن سبب غلاء المهور هو العادات السائدة التي تفرض على الفتاة شراء عدد كبير من المفروشات، إضافة إلى اقتناء عدد كبير من الجبات والقفاطين الخاصة بجهاز العرس. وكحيلة للهروب من الأعباء يحاول الراغبون في الزواج أن يواجهوا عادات وشروط الزواج المكلفة بالبحث عن مطلقات أو أرامل يبحثن عن أزواج من خلال الإعلانات التي يضعها البعض في الجرائد، بقبول الزواج من عاملات فاتهن قطار الزواج يملكن سكنا خاصا بهن، مغتنمين فرصة حاجتهن الماسة لمن يحل لهن مشكلة الزواج في أقرب وقت، أو يتقبل وضعيتهن خاصة بعدما علمنا من بعض الشباب العازبين أنهم لم يجدوا من وسيلة سوى اللجوء لتلك الوسيلة التي تحقق حسب قولهم المنفعة للطرفين.
جمعيات الخير ترعى رحلة إكمال نصف الدين
تعمل بعض الجمعيات الخيرية على مساعدة العزّاب، وعلمنا أن شباب القرى استفادوا من تلك المبادرة الخيرية بعد تسجيل أسمائهم في لائحة المعوزين، هذا ما أكدته لنا مليكة بركاتي، الناشطة في "جمعية الإرشاد" حيث تقول أنها حاولت مساعدة بعض العازبين بقرى البليدة والأحياء المجاورة كمنطقة شفة، لحل المشاكل الخاصة بالزواج سواء بالبحث عن زوجات لهم أوالتكفل بكافة تكاليف العرس بداية من طقوس الاحتفال إلى تجهيز العروس وتوفير الأزياء التقليدية لها ولزوجها. كما أضافت المتحدثة ذاتها، أنّ الجمعية ساهمت في توفير حوالي 350 غرفة نوم وبعض الأجهزة المنزلية، حيث أشارت أن بعض المتبرعات يحاولن المساعدة بتحضير كميات كبيرة من الحلويات التقليدية، أو أطباق من الكسكس التقليدي، كما كشفت أن تلك المبادرة ساعدت في تخليص حوالي 500 شاب من مشكلة العزوبية.
وتكثف جمعية "الأمل" من تنظيم حفلات الزواج الجماعي بمناطق الجنوب الصحراوية، هذا ما أكده لنا رئيس الجمعية عبد المالك قسماوي، الذي أضاف أنّ الجمعية تساعد شباب مناطق وادي سوف وورقلة، على تحقيق حلمهم في الزواج بتسليم مهمة البحث عن زوجات لهم من قبل بعض الناشطات بالجمعية، كما تتكفل بتحضير جميع المستلزمات الخاصة بحفلات الأعراس إضافة إلى شراء تجهيزات ومفروشات خاصة بالعروس، وكذا التكفل بتكاليف حفلات الزواج، حيث كشف أن الجمعية ساهمت في زواج حوالي 450 شاب عبر الزواج الجماعي منذ بداية السنة الحالية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)