الجزائر

شباب التريزوميا يقدّمون أعمالا فنية راقية



فضيل، آمال، أمين، ابتسام، عبد النور، سفيان، سعيد، محمد صالح، عادل، يسرى، هي أسماء شباب "تريزوميا" تحدوا إعاقتهم، وأنجزوا أعمالا فنية ضمن ورشة تدوير الورق بكليرفال (شوفالي)، التي تديرها الجمعية الوطنية للإدماج المدرسي والمهني لحاملي تريزوميا. بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، نظمت الجمعية الوطنية للإدماج المدرسي والمهني لحاملي تريزوميا، بالتعاون مع المركز الثقافي الجامعي، معرضا يضم لوحات فنية، وبطاقات مزخرفة بالأزهار المجففة، صنعتها أنامل شباب "تريزوميا".شباب التريزوميا لديهم رغبات متنوعة
في هذا قال المكوّن والتقني المختص في الصحة الذهنية، توفيق نايت قاسي، ل"المساء"، إنه رافق شباب "تريزوميا" في إنجازهم هذه الأعمال الفنية؛ حيث تم منحهم رسومات غير منتهية كي يقدموها في أحلى حلة باستعمال تقنية إعادة تدوير الورق. واعتبر أن مرافقة شباب تريزوميا مهم جدا، خاصة في هذه السن الحساسة سن الرشد، التي يعبّرون فيها عن حاجاتهم، ورغباتهم العاطفية والاجتماعية، وغيرها مثل أيّ شباب آخرين، وكذا أهمية توعية أوليائهم بها. وتابع محدّث "المساء" أن معدل عيش هذه الفئة في تزايد مستمر. وقد وصل إلى السبعين عاما.
وهم بحاجة إلى الإدماج المهني والاجتماعي، وإلى أن تكون لهم مكانة في أسرهم، لهذا فقد شعروا بسعادة وهم ينتجون هذه الأعمال الفنية. وأكد إثباته علميا رفقة زميل له غير مختص في هذا المجال والمتعاطف جدا مع فئة التريزوميا "عادل سمار " من خلال إعداد مذكرة ليسانس، أن ممارسة شاب حامل لمتلازمة داون، نشاطا مهنيا، تحسّن مستوى تصوّره لذاته، ليعيد تأكيد أهمية وعي الأولياء بالتحولات التي تصيب أبناءهم التريزوميين، خاصة في الجانب العاطفي؛ فلم يعودوا أطفالا؛ لهذا من الضروري مرافقتهم حتى يسلكوا النهج الصحيح في حياتهم.
توفير حرفة لشباب التريزوميا ضرورة
من جهته، أكد العضو المؤسس للجمعية عبد المالك بوحبال، ل"المساء"، أهمية توفير حرفة لهؤلاء الشباب بعد وصولهم إلى سن 18. وفي هذا فكر رفقة زملائه في تخصيص ورشات متنوعة لهم، من بينها ورشة إعادة تدوير الورق والتزيين بواسطة الأزهار، والتي اعتبرها نشاطا غير خطير، يمكن ممارسته من طرف هذه الفئة من المجتمع، مشيرا إلى أن هذا الورق بعد رسكلته، يخدم البيئة، كما يتحول إلى ورق ذي نوعية جيدة، يمكن أن يستعمله الفنانون التشكيليون، وهكذا استطاع هؤلاء الشباب تقديم أعمال فنية جميلة، وبمستوى عال. وبيع بعضها في العديد من المعارض.
وتحدّث بوحبال عن الهدف من تنظيم هذه الفعالية، والذي يتمثل في التعريف بجهود هذه الفئة من المجتمع، التي تطالب، فقط، بمرافقتها وليس حتى بتقديم المساعدة لها؛ فهم يملكون أفكارا مزهرة. واستطاعوا تجسيد إبداعهم في أعمال فنية، ليثبتوا أنهم فنانون حقيقيون. وذكر، أيضا، وجود ورشات أخرى تابعة للجمعية؛ مثل ورشات الخزف، والطبخ، والجلد؛ إذ تحاول الجمعية توجيه الحاملين للتريزوميا، لما يبتغونه؛ لتقديم أعمال فنية جميلة.
وفي ردّه على سؤال "المساء" حول التكوين الفني لبعض هؤلاء الشباب، حيث إن العيش من الفن صعب جدا، قال إن الغاية من هذا التكوين ليس جني المال وحسب. كما إن المجتمع الجزائري تغيّر في الآونة الأخيرة، وأصبح واعيا بأهمية الفن الذي لم يعد يقتصر والحمد لله على "الشطيح والرديح "؛ لهذا يسعى رفقة زملائه إلى إنشاء تعاونية للتريزوميا؛ حتى ينتج هؤلاء الشباب المزيد من الأعمال، ويبيعوها؛ بغية إدماجهم في المجتمع.
وتابع مجدّدا أنه تم تأسيس الجمعية بدون معرفة عميقة بالتريزوميا. وكان الهدف الأول تحقيق استقلالية الطفل التريزومي في العائلة، ليتم تجاوز هذه الغاية بشكل كبير، ليصبح هذا الطفل ومن ثم الشاب، قادرا على الكتابة، والقراءة، والتنقل وحيدا عبر الحافلة. كما لم يعد يتعرض للمضايقات في الشارع.
وأشار المتحدث إلى تزايد وعي الأولياء بحاجات أطفالهم المصابين بتريزوميا، وهو ما لاحظه حينما يُحضرون أبناءهم إلى برنامج الأرطفونيا، ويشاهدون بأم أعينهم كيف أن شبابا حاملين للتريزوميا ينجزون أعمالا فنية، ليملأ قلبهم الأمل والحبور، مؤكدا في السياق نفسه، زيادة رعاية فئة التريزوميا ليس من طرف الرسميين، بل من الأولياء. كما تطرق عبد المالك لقدرة المشاركين في ورشة الورق، على تنفيذ طلبيات خاصة؛ كبطاقات الدعوة، وبالتالي جني المال، ومواصلة النشاط.
للأولياء دور كبير في توجيه وفهم الحاجات
من جهتها، تحدثت الطبيبة النفسية السيدة حاج موسى عن تجربتها في التعامل مع أطفال وشباب التريزوميا، فقالت إنهم يعملون بجد، في فريق شعاره "الاتحاد"، مضيفة أنهم يتصالحون سريعا بعد كل خصام؛ لأنّ قلوبهم لا تعرف الحقد. كما يصلحون من أخطاء بعضهم البعض في تناغم كبير، في حين قال الأستاذ عادل سمار إنه سيعمل في مذكرة الماستر، على موضوع "دور الأولياء في مرافقة أبنائهم من الشباب المصابين بتريزوميا، خاصة في الجانب العاطفي"، مشيرا إلى أن كونه أكاديميا غير متخصص في الإعاقة الذهنية، لم يمنعه من الاحتكاك بهذه الفئة.
للإشارة، عبّر الشباب العشرة المشاركون في ورشة تدوير الورق ل«المساء "، عن فرحتهم الشديدة بقدرتهم على التعبير عن إبداعاتهم، والتأكيد على مكانتهم في أسرهم والمجتمع. كما قدّم البعض بقيادة فضيل، وصلات موسيقية متنوعة، على آلة الناي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)