الجزائر - A la une

سيرتا ملتقى الحضاراتالجسر القائم بين المشرق والمغرب


سيرتا ملتقى الحضاراتالجسر القائم بين المشرق والمغرب
مدينتان جزائريتان لهما من الموقع التاريخي والجغرافي مايؤهلهما لأن تكون كل واحدة منهما عاصمة للثقافة العربية سيرتا، مدينة الجسور، الصخور والباهية وهران، عرين الأسود والنمور، وهاهي قسنطينة التي صبّ فيها التاريخ أطواره، وأجرى فيها العلم أنهاره، تستعد لتكشف عن مكنوناتها الثقافية العربية، وهي مركز ملتقى الحضارات من الزاب وقلعة بني حماد جنوبا، ومن بونة عنابة شرقا وميلة وبجاية وسطيف غربا، لتشكل واسطة العقد الحضاري الجزائري.قسنطينة مدينة المالوف والفن وصخرة الصمود والمقاومة التي قاومت الاحتلال الفرنسي مقاومة لم يشهد لها الاستعمار مثيلا حين احتلاله الجزائر، أبت هذه المدينة التي التف شعبها حول حاكمها الذي أظهر فيها قدرة على المقاومة والاستماتة، وخاض فيها المعركة شارعا شارعا، زقاقا زقاقا؛ صالح باي الذي اعترف له الشعب بالبطولة وأنزله المكانة التي أنزلها للأمير عبد القادر في الغرب الجزائري، فكان لكل منهما دوره في التصدي للاستعمار الفرنسي.
في الوقت الذي تحولت قسنطينة إلى ورشة عمل للمنشآت الثقافية الكبرى والترميمات الجارية على بعض معالمها التاريخية والأثرية استعدادا للعرس الثقافي الكبير، لتتويجها عاصمة للثقافة العربية 2015، تبقى أشياء كثيرة وملامح جميلة تخفيها قسنطينة، كأنها من أسرار جمالها وأشيائها الخاصة التي تترك الباحث والدارس يمضي فيها عقله وجهده الفكري للبحث عنها ليقدمها إلى القارئ العربي الذي سبق أن تسرب له شيء منها، من خلال ثلاثية الروائية الجزائرية أحلام مستغاني “ذاكرة الجسد.. فوضى الحواس وعابر سرير”.
قسنطينة تتفقد تاريخها الثقافي العريق وتحث الكتاب والمؤرخين على البحث في أعلامها منذ دخول الإسلام إليها وقبله من خلال الآثار والمواقع التي تحيط بها من كل جانب، فمن خلال الحضارة العربية الإسلامية، غير بعيد عنها مسجد أبي دينار في ميلة، الفاتح الإسلامي الكبير الذي ابتنى بها مسجده المشهور باسمه، ويعدّ أول مسجد حسب بعض الروايات الذي تم تشييده في الجزائر، ثم أن هذا الفاتح الإسلامي الكبير واصل طريقه مع الفاتح الإسلامي وقائد الجيوش الإسلامية عقبة بن نافع غربا إلى المحيط الأطلسي، وعاد من هناك ليستشهدا معا في المعركة التي وقعت ببسكرة في المكان المعروف بسيدي عقبة، حيث مقبرة الشهداء.
قسنطينة أيضا مدينة عبد الرحمان بن خلدون العالم العربي الذي أسس لعلم الاجتماع، وهناك رواية تقول إنه قرأ فيها العلوم وتزوج واحدة من حرائرها، كما أن قسنطينة أنجبت من العلماء والفقهاء الكثير، منهم ابن قنفذ القسنطيني الذي طار صيته في العالم الإسلامي لما تركه من آثار علمية، وبالقرب من قسنطينة الرافد العلمي الكبير مدينة بجاية التي علمت الغرب علم الرياضيات وأخرجتهم من الأرقام الرومانية إلى الأرقام العربية العالمية الحديثة، حيث انبعثت الحضارة العالمية من خلال عبور العلوم العربية إلى أوروبا، وبالأخص علم الرياضيات والبحار.
قسنطينة أيضا مدينة النهضة الجزائرية الحديثة بأعلامها وعلمائها، فمن الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد النهضة إلى أئمة السياسة، التحرر والإصلاح الذين ساهموا بفكرهم في بعث النهضة العربية الحديثة، وهيأوا لها أجيالا لتحريرها من المحتلين الغاصبين، فكانت جمعية العلماء يتدفق نورها من قسنيطنة ليصل شعاعه إلى العاصمة، تلمسان، ووهران وإلى كل مكان في الجزائر التي أكدّت للمستعمرين أنها بلد عربي مسلم، كما جاء ذلك في صيحة الشيخ عبد الحميد بن باديس “شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب”.
لم تتأخر قسنطينة إبان الاستقلال عن مواصلة دورها التاريخي، والعلمي العربي والإسلامي، حيث احتضنت أكبر جامعة إسلامية، جامعة الأمير عبد القادر، وانتخبت لها خير العلماء الذين عرفهم القرن العشرون، وعلى رأسهم العلامة المفكر الإمام الغزالي رحمه الله، كما كان من أبرز ما أنجبته من العلماء المفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي، ولا ننسى الكاتب والشاعر الكبير مالك حداد.
هذه هي قسنطينة التي تعيد تزيين حواريها، جسورها وقصورها وآثارها لتستقبل الوفود العربية 2015، وتكون عاصمة لثقافتهم، كما كانت الجزائر ودمشق وبغداد.
في بحر الأسبوع الفائت، وقفت وزيرة الثقافة على بعض المرافق والورشات التي تنجز من أجل تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، من قاعات للمحاضرات وقصور ومتاحف وغيرها مما تم تسطيره لتكون قسنطينة جوهرة الثقافة العربية علما ومعالما.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)