وَكَانَ بَعْضُ أَخْوَالِي مِنْهُمْ
(الحديث عن الزّهاد)
كَانَ قَدْ مَلَكَ مَدِينة تِلِمْسَان
يُقَالُ لَهُ يَحْيَى بْن يُغَّانَ
وَكَانَ فِي زَمَانِهِ رَجُلٌ فَقِيهٌ مُنْقَطِعٌ
مِنْ أَهْلِ تُونُسَ يُقَالُ لَهُ
أَبُو عَبْدُ الله التُّونُسِي
« كَانَ بِمَوْضِعٍ خَارِج تِلِمْسَانَ يُقَالُ لَهُ « العُبَّاد
كَانَ قَدْ انْقَطَعَ بِمَسْجِدٍ يُعْبَدُ اللهُ فِيهِ
وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ بِهَا يُزَارُ
فَبَيْنَمَا هَذَا الصَّالِحُ يَمْشِي بِمَدِينَةِ تِلِمْسَان
بَيْنَ المَدِينَتَيْنِ أَقَادِير وَالمَدِينَةِ الوُسْطَى
إِذْ لَقِيَهُ خالُنَا يَحْيَى بن يُغّان
مَلِكُ المَدِينَةِ
فِي خَوَلِهِ وَحَشَمِهِ
فَقِيلَ لَهُ
هَذَا أَبُو عَبْدُ اللهِ التُّونُسِي، عَابِدُ وَقْتِهِ
فَمَسَكَ لِجَامَ فَرَسِهِ وسَلَّمَ عَلَى الشَّيْخِ
فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ
وَكَانَ عَلَى المَلِكِ ثِيَاب فَاخِرَةٌ
فَقَالَ لَهُ
يَا شَيْخ هَذِهِ الثِّيَابُ الَّتِي أَنَا لاَبِسُهَا
تَجُوزُ الصَّلَاةُ لِي فِيهَا ؟
فَضَحِكَ الشَّيْخُ ؛
فَقَالَ لَهُ المَلِكُ
مِماَّ تَضْحَك ؟
قَالَ
مِنْ سَخَفِ عَقِلِكَ، وجَهْلِكَ بِنَفْسِكَ وَحَالِكَ
مَا لَكٌ تَشبِيهُ عِنْدِي إِلاّ بِالكَلْبِ
يَتَمَرَّغُ فِي دَمِ الجِيفَةِ وَأَكْلِهَا وَقذَارَتِهَا
فَإذَا جَاءَ يَبُولُ يَرْفَعُ رِجْلَهُ حَتَّى لاَ يُصِيبَهُ البُولُ
وَأَنْتَ وِعَاء مُلئَ حَرَامًا وَتَسْأَلُ عَن الثِّيَابِ
وَمَظَالِمُ العِبَادِ فِي عُنُقِكَ
(355) قال الراوي
فَبَكَى المَلِكُ، وَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ
وَخَرَجَ عَنْ مُلْكِهِ مِنْ حِينِهِ
وَلَزِمَ خَدْمَةَ الشَّيْخِ
فَمَسَكَهُ الشَّيْخُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ
ثُمَّ جَاءَهُ بِحَبْلٍ فَقَالَ لَهُ
« أَيُّهَا المَلِكُ »
قَدْ فَرَغَتْ أَيَّامَ الضِّيَافَةِ
قُمْ فاحْتَطِب
فَكَانَ يَاتِي بِالحَطَبِ عَلَى رَأْسِهِ
وَيَدْخُلُ بِهِ السُّوقَ
وَالنَّاسُ يَنْظُرُونُ إلَيْهِ وَيَبْكُونَ
فَـيَـبِـيعُ
وَيَأْخُذُ قُوتَهُ
وَيَتَصَدَّقُ بِالبَاقِي
وَلَمْ يَزَلْ فِي بَلَدِهِ ذَلِكَ حَتَّى دَرَجَ
وَدُفِنَ خَارِجَ تُرْبَةِ الشَّيْخِ
وَقَبْرُهُ اليَوْمَ بِهَا يُزَارُ
فَكَانَ الشَيْخُ إِذَا جَاءَهُ النَّاسُ يَطْلِبُونَ أَنْ يَدْعُو لَهُمْ
:يَقُولُ
التَمِسُوا الدّعَاءَ مِنْ يَحْيَى بنِ يُغَّان
فَإِنَّهُ مَلَكَ فَزَهَدَ
وَلَوْ ابتُلَيتُ بِمَا ابْـتُلِي بهْ مْنَ المُلْكِ رُبَّمَا لَمْ أَزْهَدْ
الفتوحات المكية 1987 ج 11 ص 351-354
-
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/05/2019
مضاف من طرف : tlemcen2011
صاحب المقال : إعداد : محمد بن أحمد باغـلي
المصدر : mirath.org