الجزائر

سياسة اتصالية مدروسة وممنهجة لمرافقة توجهات الدولة



الرئيس جعل من مهنة الإعلام الوسيط بين الرأي العام والسلطةأكد أساتذة مختصون في علوم الإعلام والاتصال، أن السياسة الاتصالية لرئيس الجمهورية التي ينتهجها منذ انتخابه مدروسة وممنهجة، أزالت الضبابية التي كانت سائدة في السابق وكرّست الاتصال السياسي بمفهومه الواسع، ما جعل سياسة الدولة وتوجهاتها وأولوياتها واضحة أمام الرأي العام الجزائري من خلال العديد من قنوات الاتصال التقليدية والمستجدة، تماشيا وتكيفا مع الأحداث المتسارعة والقرارات المتخذة متبوعة بالتحليل والشرح والتعليل، ما قطع الطريق أمام محاولي زرع البلبلة والتشكيك في مشروع بناء الجزائر الجديدة.
أشار البروفيسور رضوان ميلود أستاذ إعلام واتصال بجامعة باتنة ل«الشعب"، أن السياسة الاتصالية الناجعة لرئيس الجمهورية ارتكزت على انخراط مستشاريه وكل الهيئات من أجل إيصال الأهداف المرجوة من القرارات المتخذة للرأي العام الجزائري عبر الشرح والتفسير وإزالة الرؤية المبهمة للمواقف السياسية والانتماءات الدولة الجزائرية، بحيث أصبح التوجه واضحا ويرافقه التعليل.
وأكد د. ميلود أن هذه الإستراتيجية كرّست الاتصال السياسي والمؤسساتي، فالكل يعلم اليوم توجه الجزائر في عدة خيارات وقضايا على غرار الرقمنة والقضاء على البيروقراطية، تشجيع نسيج المؤسسات الناشئة، وعدم الاعتماد على الوظيف العمومي، والتخلص تدريجيا من الاعتماد على الريع البترولي من خلال الاستثمار في قطاعات أخرى منتجة كالفلاحة والصناعة.
ونفس الأمر بالنسبة للسياسة الخارجية - يقول المتحدث – حيث أن التموقع السياسي للجزائر أصبح واضحا وطنيا، وإقليميا ودوليا من خلال نشاطها الدبلوماسي والزيارات الدولية، وذلك عبر الانتقال إلى العلنية والوضوح في المواقف تجاه العديد من الأحداث العالمية والقضايا المهمة كمقاطعة قمة القاهرة، إبداء رأيها بكل صراحة في الأمم المتحدة، وبالتالي السياسة الاتصالية للرئيس لم تكن يوما اعتباطية بل هي ممنهجة ومدروسة بشكل تتوافق مع الإستراتيجية السياسية.
في المقابل أشار الأستاذ إلى أن الملاحظ خلال الأربع سنوات الأخيرة، اهتمام رئيس الجمهورية بالسلطة الرابعة في مرافقة عجلة التنمية وخدمة صورة الجزائر، بدليل ما تحقق من مكاسب من عدة نواح، بداية باستكمال الترسانة التشريعية التي بقيت لأكثر من 10 سنوات تراوح الأدراج، ونفس الأمر بالنسبة لسلطة الضبط بالنسبة للصحافة المكتوبة والمجلس الأعلى لأخلاقيات المهنة، وقانون الإشهار، ودعم المؤسسات الإعلامية من خلال الأجور وبطاقة الصحفي.
وحسب المتحدّث، يولي رئيس الجمهورية أهمية كبيرة للصحافة الالكترونية وتنظيم ممارسة المهنة وإرجاعها لأصحابها، بعدم السماح بفتح المؤسسات الإعلامية، إلا من ممارسيها ومن يملكون خبرة في الميدان، ناهيك عن الإلحاح على رسكلة الصحفيين وتكوينهم بالتنسيق مع وزارة الاتصال.
وانطلقت ورشات كثيرة في هذا الخصوص حول الاتصال المؤسساتي بالاشتراك مع وزارة التعليم العالي والداخلية وشملت كل ولايات الوطن والمكلفين بالإعلام والصحفيين حتى تزيل الفجوة بين الجهاز التنفيذي الإداري والسلطة الرابعة.
واعتبر د. ميلود تكريس رئيس الجمهورية للقاءات الدورية مع الصحافة التي يطل من خلالها على المواطنين، عبر السماح بتداول العديد من الصحفيين على قصر المرادية لطرح كل الأسئلة والانشغالات التي تهم المواطن والإجابة عليها مباشرة، بحيث جعل من مهنة الإعلام الوسيط بين الشعب والسلطة.
ويأتي الخطاب السنوي للرئيس بغرفتي البرلمان ليكرّس وسيلة أخرى للاتصال تضاف إلى سابقتها بالتعامل مع الصحفيين وإنشاء المرصد الوطني للمجتمع، كلها تمثل قنوات تترجم السياسة الاتصالية التي يسير بها الرئيس، فهي إستراتيجية مدروسة بعناية وممنهجة بدليل أن القرارات لم تأت دفعة واحدة وإنما على مدار أربع سنوات تم خلالها تجسيد وعود الرئيس تدريجيا ووفقا لتطلعات مختلف شرائح المجتمع الجزائري.
ونفس الأمر للقرارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الصادرة بمجالس الوزراء التي كانت خلال العهد الماضي قلّما نجدها متبوعة ببيانات تشرحها وتحللها بلغة بسيطة بعيدا عن لغة الأرقام الفجة، عكس ما هو معمول به اليوم، وبذلك أصبح المواطن يعرف كيف تقسم الميزانية وما هي الأولويات القادمة للدولة الجزائرية.
الاتصال السياسي .. متلازمة جمعت بين ثنائية شكلت بديهية
من جهته، يرى أستاذ الإعلام والاتصال سعيد عادل بهناس أنه لا يمكن التفريق بين الاتصال والسياسة، فموضوعات الاتصال لا تخلو من السياسة، ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تجد لها مدخلا لدى المخاطبين دون وسائل الاتصال، وخلص إلى أنهما ثنائية متلازمة تشكل بديهية الاتصال السياسي.
وحسب المتحدّث فالأمر يأخذ منحى رسميا أكثر حين تتماثل المؤسسات مع بعضها البعض، وحين تتخذ السلطة التنفيذية من السلطة التشريعية منبرا لمخاطبة المواطنين، وهو ما جسّده الرئيس من خلال خطابه للأمة بعد مرور أربع سنوات من انتخابه في 12 ديسمبر 2019، أمام هيئة ومنتخبين اختارهم الشعب.
وأثنى د. بهناس على الإستراتيجية الاتصالية الجديدة فالخطاب السنوي هو سابقة وتجديد لإستراتيجية في الاتصال السياسي المحمودة يأمل أن تستمر، ما يعطي أهمية كبيرة وقيمة للسلطة التشريعية والثقة بالواجب الذي يؤدونه والمهام المنوطة بهم من تشريع ورقابة، وربط علاقة بين السلطتين ليس فقط من خلال الوزراء فقط بل حتى من أعلى رأس هرم السلطة التنفيذية.
وأكد المتحدّث أن هذه الخطوة سنّة محمودة يأمل أن تكون تقليدا جزائريا، يتطور إلى نوع من الحوار الداخلي عبر تكريس الاتصال الصاعد النازل والوصول إلى الاتصال الأفقي والتشاركي، على اعتبار أن الجزائر الجديدة تهدف إلى تكريس الديمقراطية التشاركية بنص الدستور.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)