الجزائر

سلاح إسرائيل الفعال في كل حروبها هو: اتفق العرب على ألا يتفقوا


سلاح إسرائيل الفعال في كل حروبها هو:
اتفق العرب على ألا يتفقوا
بقلم: الطيب بن إبراهيم
السياسة هي التاريخ والتاريخ هو السياسة والعلاقة بينهما علاقة تبادل الأدوار فالأحداث السياسية اليوم هي تاريخ الغد وتاريخ اليوم هو أحداث سياسة الأمس وعند بداية الأحداث من مفاوضات واتصالات ولقاءات ومؤتمرات ووساطات ومناوشات هي أحداث سياسة ويتصرف فيها ويتحدث عنها رجال السياسة وعند تقادمها تتحول إلى أحداث وأخبار تاريخية وتصبح بين أيدي المؤرخين مهما بلغ قِدمها ولو قرونا ومن هنا فالراسخون في علم التاريخ والسياسة يعلمون أن ضعف العرب كما يظهر وكما هو مصطنع هو ليس ضعفا حقيقيا وقوة إسرائيل التي لا تقهر كانت مصطنعة مزيفة وليست حقيقية ومن يقف وراء قلب المعادلة هو الجهة أو الجهات المستفيدة منها.
وفي اطار الحديث عن الحروب عبر التاريخ يتأكد لنا أن من أسلحة الحرب بل من أفتكها: الخداع والخيانة والدعاية وإخفاء الحقيقة والمباغتة وغيرها وليس الاعتماد على السلاح الأبيض أو الأسود بمختلف عياراته وجبهاته وكل الأسلحة في الحرب تعتبر أسلحة شرعية والحرب خداع وفي إطار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والذي كان يقال له زيفا العربي الإسرائيلي وهذا لتكبير الموضوع قصدا لمصلحة إسرائيل وكأنها ضحية كل العرب بينما هناك دول عربية لم تطلق منها رصاصة واحدة ضد إسرائيل في تاريخها في ذلك الاتجاه كانت النكسات العربية مدوية وكانت تتكرر وذلك ليس لضعف عربي ولكن لخلاف عربي.
وفي سياق الحرب خداع قد يحدث هذا مرة أو مرتين والمؤمن لا يلدغ من حجر واحد مرتين ولكن أن يصبح الاستثناء قاعدة وتصبح القاعدة استثناء فهذا ما لا يصدق وهو أن إسرائيل أصبحت قوة مهيمنة لا تقهر وهذا قضاء وقدر وأن العرب الأكثر من عشرين دولة أصبحوا ضعفا؟؟ هذه الحقيقة كان يعلمها الراسخون في علمي التاريخ والسياسة في الجهتين المتصارعتين الراسخون المستقلون الذين ينظرون لحقائق الأمور من بواطنها وليس الذين توجه عقولهم وبصائرهم وأبصارهم لزيف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى 69 طه.
*صفحات تاريخية سوداء
منذ سنة 1948 تاريخ صناعة إسرائيل وتاريخ الخيانات والمؤامرات لم يتوقف ضد المقاومة كما هو عليه الحال اليوم بل اليوم أصبحت المؤامرات فوق الطاولة وليست تحتها مُقَنَّنة ومُشرعنة نهارا جهارا بعدة أسماء ومسميات وعلى رأسها اسم التطبيع؟؟ لكن الجديد هذه المرة أن أطراف الخلاف والخيانة خارج المعركة بين طوفان الأقصى وإسرائيل وليسوا طرفا فيها والحمد لله ولو كانوا طرفا لانتهت الحرب خلال ستة أيام كأقصى حد أو خلال ستة ساعات كما قالت إسرائيل يوما ما. لأن الخلافات في أوقات المحن بين الأشقاء خيانة وتصفية الحسابات عادة تكون بعد انتهاء الحرب. هذه المرة كانت أطراف الخلاف والخيانة متحالفة ضد غزة لخنق المقاومة بالحصار ليس من أجل منع السلاح بل الحصار للتجويع ولم تكن تصدق أن المارد يخرج من تحت الرماد ويدك القلاع ويقتلع الأوتاد وإلا كانت اندست بين الصفوف.
وهنا نتوقف عند حقيقة تظهر لأول مرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو أن قوة المقاومة العسكرية في غزة مقارنة بالدول العربية يمكن أن نصفها ب قوة الصفر وبكل المقاييس إذا قسنا حجم غزة جغرافيا وبشريا واقتصاديا وعسكريا واستخباراتيا مع عشرين دولة عربية مجتمعة بمساحاتها وسكانها وجيوشها وأسلحتها وأجهزة استخباراتها وإعلامها وأموالها وكيف أن هذه الدول كانت تتكرر هزائمها في كل حروبها مع إسرائيل على مدى ما يقرب ثمانية عقود باستثناء حرب أكتوبر 1973 ونسبيا فقط لأن ما حققته كان العبور ولم يكن تحرير سينا فهل يعقل أن عشرين جيشا وعشرين دولة لا تصمد أمام إسرائيل أسبوعا وغزة المجهرية في الوطن العربي تتحدى إسرائيل وتتحدى أمريكا وتتحدى مرتزقة أوروبا وتتحدى أفتك الأسلحة وأحدثها وتصمد الأسبوع بعد الأسبوع والشهر بعد الشهر وتقدم قوافل الشهداء بعد القوافل وتفرض المعادلة وتظهر حقيقة السلاح الفعال وقوة العربي وقوة المقاوم وقوة الإرادة التي لا تكسر بل تردع إسرائيل في هجومها البري. لأنها كانت وحيدة بدون تعدد الأطراف وفي التعدد يكمن الضعف وتسكن الخيانة وأن تقاتل بمائة موثوقة خير من ألف فيهم المشبوه ولو واحدا.
هذه الحقيقة كانت مغيبة منذ ولادة إسرائيل وأوروبا وأمريكا يُرَوِّجون لجيشها الذي لا يقهر ولضعف وهزيمة العرب التي لا تجبر فكيف لبعض العشرات أو حتى مئات المقاتلين المحاصرين في منطقة تضاريسية مفتوحة وبأسلحة بسيطة محمولة أن يحاربوا إسرائيل بل يتحدوا إسرائيل ويكبدونها الخسائر غير المتوقعة ولأول مرة تنتقل الحرب من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم ولكن ذلك المستحيل تحقق أمام أنظار العالم وأمام الأعداء والأصدقاء. لقد سقط القناع وظهر الزيف والخداع وتأكد أن السلاح الفعال لإسرائيل التي كانت تهزم به العرب على الدوام ليس ضعفهم ولا جبنهم ولا قلة تخطيطهم ولكن خلافاتهم التي استغلت ووظفت وتم تحييد قوتهم.
عندما قال رجل بحجم ووزن المفكر الألمع العالمي العربي ابن خلدون: اتفق العرب على ألا يتفقوا وهو الذي كان يجمع بين العلم والفكر والسياسة في عصر كثرت فيه المؤامرات وما أشبه الليلة بالبارحة وهي العبارة التي رددها بعده زعماء في فترات متتالية عانوا من الخلافات والخيانات أشهرهم جمال الدين الأفغاني وفي المعاصرين الملك فيصل وجمال عبد الناصر وغيرهم لأنهم ذاقوا الأمرين من الأعداء ومن الأشقاء ولعل من عبر عن ذلك الخلاف العربي البغيض بطريقته من الشعراء الكبار أمير الشعراء شوقي قائلا:
إلامَ الخلف بينكم إلام وهذه الضجة الكبرى علامة
وفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعض وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)