الجزائر

سكان عاصمة "الظهرة" ينتظرون ترقية مدينتهم إلى ولاية تشهد قفزة تنموية كبيرة



تشهد مدينة عشعاشة الواقعة على بعد 80 كم من عاصمة الولاية مستغانم، قفزة تنموية رائدة لم تعرفها منذ زمن بعيد، فحجم المشاريع التي استفادت منها عاصمة "الظهرة" ببلدياتها الأربع: أولاد بوغالم، خضرة، النكمارية وعشعاشة البلدية الأم، التي تدخل في إطار مختلف البرامج التنموية والقطاعية، وحتى الوطنية، تفوق كثيرا مجمل الأرصدة المالية الضخمة التي استفادت منها المنطقة منذ عقدين من الزمن، وهو ما حوّل مدينة عشعاشة التي تلقب بعاصمة الظهرة، إلى ورشات مفتوحة وحركة تنموية وتجارية رائدة وعين ثاقبة للظفر بولاية منتدبة.
وفي هذا الشأن، استفادت دائرة عشعاشة من أكثر من 1000 مليار سنتيم، جسدت عمليات تنموية ضخمة مست مختلف القطاعات الحيوية، تم إنجاز العديد منها وفي ظرف قياسي، ومنها ما هو في طور الانجاز بنسب متفاوتة، فضلا عن المشاريع الأخرى التي ستنطلق بها الأشغال هذه الأيام.
الداخل إلى عاصمة "الظهرة"، يلاحظ التطور الكبير والنهضة التنموية الرائدة التي عرفتها هي وباقي البلديات الثلاث. فبعد ركود دام سنين عدة، ما أثر سلبا على مسار
التنمية بالمنطقة، عاد الانفراج وبشكل كبير إلى هذه الدائرة التي فاق عدد سكانها 76 ألف نسمة. ولعل القطاع الذي نال حصة الأسد من مجموع البرامج التنموية، وبأموال طائلة لم تشهدها المنطقة من قبل، قطاع الري الذي سجل استفاقة واضحة وفي مدة قصيرة، ولا يزال يواصل هذا التألق ويقطع أشواطا الواحدة تلوى الأخرى بفضل مجهودات الجميع، لاسيما المشرف على هذا المجال الحيوي، عويشات الحاج، رئيس القسم الفرعي للري بالدائرة، والبداية كانت بحصول المنطقة على أحد أهم الهياكل القاعدية، ويتعلق الأمر بسد وادي كراميس الذي تبلغ طاقة استيعابه أكثر من 45 مليون مكعب، 10 ملايين مكعب منها مياه صالحة للشرب، ستزود سكان 10 بلديات على مستوى دوائر عشعاشة،
سيدي لخضر وسيدي علي، قد تصل إلى 318644 نسمة في حدود 2030، بطاقة أولية تقدر ب 25000 متر مكعب يوميا. عملية التوصيل هذه، تكفلت بها الوكالة الوطنية للسدود، بغلاف مالي قدر ب 4500 مليون دينار في مدة 18 شهرا. كما تم رصد أكثر من 110 مليون دينار لصيانة ومراقبة الأشغال.
هذا، وسيمون هذا السد سكان مستغانم ووهران بالماء الشروب، وكذا بلدية "الظهرة" بولاية الشلف بحكم قربه منه.
مشروع سد وادي كراميس الذي بدأ في الخدمة في 19 جويلية 2006، بعدما تكفلت بإنجازه شركة إيطالية في مدة 05 سنوات بتكلفة مالية ضخمة، تبعته عمليات تنموية كثيرة قصد ضمان وصول هذه المادة الحيوية للسكان. وفي هذا المجال، تم برمجة مئات المشاريع التي تدخل ضمن مخططات التنمية المحلية والقطاعية، وحتى الوطنية منها، حيث تم إنجاز محطة رئيسية للضخ على مستوى السد بطاقة استيعاب قدرها 25000 متر مكعب يوميا، وخزانين بسعة 15 ألف متر مكعب، بالإضافة إلى خزانات أخرى على مستوى أولاد بوغالم، خضرة والنكمارية، بتمويل من خزينة الدولة في إطار برنامج الإنعاش الاقتصادي.
بالموازاة، استفادت بلديات الدائرة في إطار مخطط التنمية المحلية منذ 2007 إلى غاية 2009، من أرصدة مالية معتبرة فاقت 174 مليون دينار، بمجموع 25 عملية تنموية، تضاف إليها المشاريع القطاعية الكثيرة في نفس الفترة، منها ما قيمته 12 مليار سنتيم لسنة 2008 لوحدها، و15 مليار سنتيم لهذه السنة لعاصمة الدائرة فقط، في انتظار برمجة باقي العمليات التنموية للبلديات المتبقية.
هذه المشاريع، سمحت بزيادة نسبة التغطية بالمياه الصالحة للشرب بأكثر من 44 بالمئة ببلدية عشعاشة، حيث كانت سنة 1999 لا تتعدى 06 بالمئة، فيما وصلت ببلدية خضرة إلى 60 بالمئة و38 بالمئة ببلدية أولاد بوغالم التي كانت تنعدم بها نسبة التغطية تماما. أما ببلدية النكمارية، فوصلت إلى 44 بالمئة. أما النسبة الكلية، فقد تجاوز 46 بالمئة، شملت 30231 نسمة، وقد تصل إلى أكثر من 70 بالمئة في حالة استكمال المشاريع التي هي قيد الانجاز. فيما يؤكد رئيس الدائرة، إسماعيل معمر، على أن القضاء نهائيا على أزمة الماء الشروب سيكون في فترة وجيزة، نفس الشيء فيما يتعلق بشبكات الصرف الصحي التي وصلت نسبة التغطية العامة بها، إلى أكثر من 47 بالمئة حسب إحصائيات سنة 2008 بعدما كانت لا تتعدى 10 بالمئة أو تنعدم ببعض المناطق، حيث مست 32511 نسمة، وهو ما قضى كلية على الأمراض المتنقلة عن طريق المياه التي كانت تصيب السكان، خاصة داء التيفوئيد. بالمقابل، هذه العمليات التنموية حسّنت كثيرا الإطار المعيشي والاجتماعي لآلاف العائلات.
أما القطاع الفلاحي الذي يعد من أهم الركائز الأساسية ومصدر رزق آلاف العائلات، فإنه هو الآخر استفاد من مشروع سد وادي كراميس الذي سيساهم بشكل كبير في تزويد الفلاحين بمياه السقي، بطاقة إجمالية تصل إلى 25 مليون متر مكعب، وعلى مساحة تفوق 300 ألف هكتار من أصل 565 كم مربع.
وفي هذا الشأن، حظيت كل من بلدية أولاد بوغالم وعشعاشة من مشروع رصد له 250 مليار سنتيم في شطره الأول، من أجل سقي مساحة 1120، مثلما أكد ذلك رئيس بلدية عشعاشة، حمدي شريف عبد القادر. كما سيتدعم هذا القطاع في الأيام القليلة القادمة، بمشروع سد جديد بوادي بوزقارت على مستوى بلدية أولاد بوغالم، الذي ستبدأ به الأشغال في الأيام القليلة القادمة، هذا ما كشفه رئيس المجلس الشعبي البلدي السيد لوافي محمد.
هذا المشروع الهام، من شأنه زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية، لاسيما الطماطم داخل البيوت البلاستيكية التي اتسعت رقعتها بمجموع أكثر من 7000 بيت بلاستيكي، تمول على إثرها أسواق الجهة الغربية، وحتى الوسطى، من مادة الطماطم ذات النوعية الجيدة. وفي هذا الشأن، يطالب فلاحو المنطقة بضرورة إنشاء سوق للجملة، خاصة وإنهم أصبحوا يسوّقون منتجاتهم إلى سوق صيادة القريب من عاصمة الولاية التي تبعد بأكثر من 90كم.
مسار التنمية لم يتوقف عند هذا الحد، فقطاع الصحة هو الآخر عرف قفزة نوعية بعدما تدعمت عاصمة "الظهرة" بمشروع إنجاز مستشفى يتسع ل 60 سريرا، بتكلفة مالية فاقت 24 مليار سنتيم، ومن الممكن أن تصل طاقته إلى 80 سريرا، مثلما أكدته بعض المصادر الموثوق بها. أضف إلى ذلك، مشاريع صحية جوارية، كإنجاز قاعة علاج جديدة بدوار البغايدية ببلدية عشعاشة، بتكلفة قدرت ب 45 مليون دينار.
كما استفادت بلدية أولاد بوغالم مؤخرا، من مشروع إنجاز عيادة متعددة الخدمات، وهو ما سيرفع من نسبة الخدمات الصحية للسكان ويضع حدا لمعاناتهم اليومية التي
تجذرت منذ عقدين من الزمن.
وفي إطار تحسين الإطار المعيشي لمواطني الدائرة، فقد حظيت العشعاشة في السنة الماضية بمرافق حيوية عديدة، تؤهلها لأن تتبوأ مكانة هامة تجعلها في مصاف المدن الحديثة، التي تطمح للظفر بولاية منتدبة، خاصة وأن كل المؤهلات تسمح لها بذلك.
ومن بين تلك المنشآت القاعدية الهامة، نجد مشروع أمن الدائرة، يضاف إلى الأمن الحضري بخضرة ووحدة للتدخل لأعوان الحماية المدنية، ومقر جديد للبلدية، بغلاف مالي قدر ب 04 ملايير سنتيم،
ومركز للدفع للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، ومركز جواري للضرائب.
كما سيتم فتح ملحقين جديدين، الأول للصندوق الوطني للتقاعد، وآخر خاص بالضمان الاجتماعي لغير الأجراء، بالإضافة إلى مسبح نصف أولمبي، بتكلفة مليار و900 مليون سنتيم، وسوقين مغطيين في كل من أولاد بوغالم وعشعاشة، بتكلفة 02 مليار و600 مليون سنتيم، و04 مكتبات حضرية في كل بلدية، بتكلفة فاقت 60 مليون دينار، ستبدأ في الخدمة هذه السنة، ومركز ثقافي بمنطقة الشرايفية بعاصمة الدائرة، خصص له 600 مليون سنتيم.
قطاع التربية هو الآخر، نال حصة الأسد من مجموع البرامج التنموية التي استفادت منها بلديات الدائرة، ورصدت لها مبالغ ضخمة تعد بملايير الدينارات، حيث تم إنجاز هياكل تربوية جديدة، منها متوسطة وثانوية تتسع ل 800 تلميذ، ومدرسة ابتدائية بالمرابطين ببلدية أولاد بوغالم.
أما بلدية عشعاشة، فقد استفادت مؤخرا من ثانوية جديدة تجري بها الأشغال، بالإضافة إلى ثانوية أخرى تم إنجازها بمنطقة الشرايفية، التي فتحت أبوابها الموسم الدراسي للسنة الماضية، ناهيك عن متوسطة دشنت هذا العام بمركز البلدية.
أما في ميدان السكن الذي يبقى مطلب مئات العائلات، فقد استفادت الدائرة من حصص كثيرة وفي مختلف الصيغ، اجتماعي إيجاري بأكثر من 800 وحدة سكنية، وكذا التساهمي عما يزيد عن 400 سكن، بالإضافة إلى السكن الريفي الذي نالت من خلاله الدائرة حصة الأسد بمجموع 1620 وحدة سكنية من أصل 6000 سكن من هذا النوع، استفادت منه الولاية ضمن المخطط الخماسي 2005 2009، وهو ما يبيّن حرص الجهات المعنية على تطبيق برنامج التجديد الريفي.
هذا النوع من السكن، لقي استحسانا من سكان الدائرة الذين لازالوا يطالبون بالمزيد، كما أنه ساهم بشكل كبير في استقرار السكان وعودتهم إلى قراهم لخدمة أراضيهم، وقضى على ظاهرة النزوح الريفي وقلص من حدة أزمة السكن التي كانت تعاني منها بلديات الدائرة بسبب غياب الوعاء العقاري، لاسيما ببلدية النكمارية بحكم طابعها الجبلي، وكذا بلدية أولاد بوغالم التي لازالت تعني من ضآلة الجيوب العقارية، رغم أنها محاطة بأراض شاسعة عبارة عن مستثمرات فلاحية، وهو ما أثّر سلبا على مسار التنمية وجعلها تفقد العديد من المرافق الهامة، خاصة في سنوات التسعينيات، حيث تبقى بحاجة ماسة إلى أكثر من 400 وحدة سكنية اجتماعية، و200 سكنا تساهميا الذي يزداد الطلب عليه من قبل مواطني البلدية.
ودائما في مجال السكن، ومن أجل القضاء على البنايات الهشة، استفادت الدائرة في حصة أولى مما يزيد عن 50 سكنا ستنتهي بها الأشغال في الأيام القليلة القادمة، تضاف إليها حصة أخرى بمجموع 110 سكن في إطار البرنامج التكميلي لسنة 2008، والذي استفادت بموجبه ولاية مستغانم من 2000 وحدة سكنية، لكن الحصة الممنوحة للدائرة تبقى قليلة جدا مقارنة مع البيوت القديمة المنتشرة عبر الأحياء الحضرية. وعليه، سيتم إنجاز 50 وحدة بعاصمة الدائرة بمنطقة الشرايفية، و60 الأخرى وزعت بالتساوي على البلديات الثلاثة المتبقية.
أما أهم القطاعات الحيوية التي تعول عليها الدائرة، وبشكل كبير بلديات خضرة، عشعاشة وأولاد بوغالم، بحكم إطلالها على ضفة المتوسط على طول 40 كم، فهو قطاع السياحة الذي لا يزال غير مستغل، رغم أن هذه المناطق تزخر بأجمل الشواطئ على المستوى الوطني، خاصة شاطئ خاربات ببلدية أولاد بوغالم الذي ذاع صيته حتى بالخارج. لكن غياب الاستثمار المحلي وكذا الأجنبي، وعدم وجود استراتيجية واضحة في المجال السياحي، حال دون استفادة هذه المناطق من هذه الثروة الهائلة التي لا تقدر بثمن، وحتى مساعي الجهات المحلية للنهوض بالقطاع تبقى محتشمة لقلة مواردها المالية، كما هو الحال ببلدية أولاد بوغالم التي لازالت شواطئها تعاني نقصا فادحا في المرافق السياحية الضرورية، ويبقى شاطئها الوحيد المستغل حاليا لا يتوفر سوى على بعض "البانغالوهات" القديمة التي تعد على الأصابع، والتي شيدت في الثمانينيات.
كما تفتقر المنطقة إلى ميناء للصيد، الذي بإمكانه توفير مناصب شغل لآلاف الشباب ويصرف نظرهم عن "الحرڤة" التي استفحلت بشكل كبير بشاطئ خاربات، الذي بدل أن يكتسب شهرة إضافية في المجال السياحي ويمد السكان بثروة سمكية هائلة، تبقى غير مستغلة، تحوّل في هذه الأيام إلى ميناء ل "الحراڤة"، حيث شهد العام الماضي أكثر من 100 محاولة "حرڤة"، أسفرت عن ضياع عشرات الشباب الذين لازالوا في عداد الموتى.
دائرة عشعاشة ببلدياتها، تزخر بثروات بشرية، منها 70 بالمئة شباب، وطبيعية لا تحصى ولا تعد، جعلها تطمح أن تنال ولاية منتدبة، لاسيما وأنها تبعد عن الولاية الأم بحوالي 80 كم وتعد منطقة عبور لثلاث ولايات: الشلف شرقا، وغليزان جنوبا ومستغانم غربا، يمر بها الطريق الوطني رقم 11 الذي يشهد حركية غير معهودة.
فهل تحظى عاصمة الظهرة "خمس خماس" بولاية منتدبة، حلم يراود أكثر من 76 ألف نسمة؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)