الجزائر

سخرية الشعراء وظلم السلاطين



سخرية الشعراء وظلم السلاطين
تعجبني سخرية الشعراء العرب واستخفافهم بخصومهم، مثلما يعجبني نداؤهم للأوطان والأمهات في الأوطان وهذا الشاعر الكبير أحمد مطر يقول: ضاع رجاء الرجاءْ … فينا ومات الإباءْ… يا أرضنا لا تطلبي من ذلنا كبرياءْ.. قومي احبلي ثانيةً .. وكشِّفي عن رجلٍ.. لهؤلاء النساءْ!
أحمد مطر واحد من شعراء الغضب والسخرية، تشكل أشعاره لافتات عربية وعنوان للجرأة الأدبية والسياسية التي يتوجب على كل صاحب قلم أن يتحلى بها، وقد جسد هذا الشاعر الكبير في قصائده كل معاناة المواطن العربي الذي يعيش تحت وطأة الأحكام العرفية عندما قال:
في بلاد المشركين.. يبصق المرء بوجه الحاكمين.. فيجازى بالغرامهْ!.. ولدينا نحن أصحابُ اليمينْ.. يبصق المرء دماً تحت أيادي المخبرينْ.. ويرى يوم القيامهْ.. عندما ينثر ماء الوردِ والهيلِ.. بلا إذن.. على وجه أمير المؤمنين.
ومن عصرنا الحديث إلى عصر المجد الاسلامي يروى أن زوجة بشار بن برد قالت له: ما أدري لم يهابك الناس مع قبح وجهك؟!
فقال لها: ليس من حُسْنه يُهاب الأسد.
وأكثر ما يعجبني في سيرة هذا الشاعر ذكاؤه وقوة بصيرته رغم انعدام بصره وفي هذا الصدد يروى عنه صاحب الأغاني أنه سخر برجل مبصر، أتاه يسأله عن منزل رجل كان بشار يعرفه، فجعل بشار يصف للرجل بيته ويفهمه وهو لا يفهم،
فأخذ بشّار بيده وقام يقوده حتى أوصله إلى منزل الرجل وهو يقول:
أعمى يقود بصيراً لا أبا لكموا.. قد ضلَّ من كانت العميان تهديه!! وهذه واقعة شهيرة في الأدب العربي حتى أنها تحولت إلى مثل.
وفي التاريخ العربي الكثير مما نستدل به على الثراء والتنوع الذي عرفته الثقافة العربية الاسلامية والأدب بصفة عامة، فقد كانت الحياة الأدبية نتاج ثراء الحياة السياسية التي أبدع قادتها في بناء الأمم والرفع من قيمة العلماء والمشاهير الذين تركوا بصماتهم واضحة، ولم يكن للشعراء والأدباء ما يجعلهم في آخر الصفوف فقد ظلوا في مقدمة القوم يشيرون ويستشارون.
ويعجبني موقف نزار قباني الذي يمزج بين مذاق كأس الغزل والعشق بهموم السياسية وهاجس المخبرين:
أوقفوني.. وأنان أضحك كالمجنون وحدي.. من خطاب كان يلقيه أمير المؤمنين.. كلفتني ضحكتي عَشْرَ سنين
سألوني.. عمّن حرّضوني فضحك.. قال عنّي المدّعي العام… وقال الجندُ حين اعتقلوني … إنني ضد الحكومة… لم أكن أعرف أن الضحك.. يحتاج لترخيص الحكومه…
ومن هذه النماذج فإن الشعر العربي ظل مناضلا مرة ضد التعصب والتطرف وضد الاستبداد والتسلط مثلما ظل ساخرا من غباء السلاطين الذين يوغلون في الاستبداد فيقعون في شر استبدادهم…




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)