الجزائر

زوجات يخلعن أزواجهن ويفضلن الحرية على "سجن الزواج" إحصائيات تشير إلى تسجيل 137 قضية بمحكمة عنابة


زوجات يخلعن أزواجهن ويفضلن الحرية على
كشفت إحصائيات القضايا المتعلقة بالطلاق بمحكمة عنابة الابتدائية، تزايدا في معدل عدد الدعاوي القضائية الصادرة عن الزوجات ضد أزواجهن للمطالبة بالخلع والانفصال.هذه الإحصائيات خصت الثلاثي الأول للعام الجاري، حيث وصلت إلى خمسة وأربعين قضية، في حين بلغ معدل هذه القضايا خلال العام الفارط اثنان وتسعون قضية، بمجمل 137 قضية، مسجلة بمحكمة عنابة فقط أن دون غيرها من المحاكم الأخرى.
ويرى بعض المحامين الذين تكفلوا بهذه القضايا أن اللجوء إلى هذا الإجراء، الذي يكفله القانون الجديد المعدل لقانون الأسرة، يعد الخيار الوحيد الذي تلجأ إليه المرأة الزوجة، لوضع حد لمعاناتها النفسية وحتى الجسدية من تصرفات الزوج تجاهها، بعد استنفادها كل سبل إصلاح الأوضاع بينها وبين الشريك الآخر، بسبب تفاقم المشاكل واستحالة حلها بين الطرفين في الكثير من الحالات.
فقد أصبح لجوء المرأة إلى الخلع، برأي الكثيرين، صرخة نجدة و حلا لا مناص منه من ”جحيم علاقة زوجية انحرفت عن مسارها الطبيعي”، المتمثل في ضمان الزوج للاستقرار النفسي والعاطفي والمادي للزوجة”، وأن اختلال احد هذه العناصر يؤدي مباشرة إلى انهيار الرابطة الزوجية بين الطرفين.
فبعد أن كانت تتحرج حتى من طلب الطلاق، الذي ظل يعتبر مستهجنا لدى الكثيرين في المجتمع الجزائري، أصبح الخلع هو الحل الوحيد للكثير من النساء في سبيل فك الرابطة الزوجية، بعد استحالة العيش مع أزوجهن تحت سقف واحد، حيث أصبح اللجوء إلى المحاكم للمطالبة بخلع الزوج الوسيلة الوحيدة في الكثير من الحالات لحماية المرأة لنفسها من الضرر الجسمي والمعنوي الذي يسببه لها الزوج، رغم معارضة الأسرة والعائلة لها، التي غالبا ما تنحى إلى تحميل المرأة الزوجة مسؤولية فشل علاقتها الزوجية بدل الزوج، ومطالبتها بالصبر والتحمل رغم استحالة رأب الصدع الذي أصاب العلاقة بينها وبين زوجها.
وتتعلق أغلب مبررات الدعاوي القضائية المرفوعة في المحاكم، والتي تطالب المرأة فيها بالخلع، بخيانة الزوج لزوجته مباشرة بعد أشهر قليلة أو سنوات من الارتباط، حيث يعد هذا السبب رئيسي و دافع قوي للمرأة للمطالبة بالخلع، حيث ترى فيه الاجراء الوحيد لاسترجاع كرامتها المهانة.
كما تأتي المشاكل المتعلقة بالإهمال واللامبالاة، ورفض الزوج تحمل المسؤولية الأسرية، في مرتبة مهمة من مسببات لجوء المرأة إلى الخلع، وهو سبب أضحى يلقى تفهما أكثر فأكثر من عائلة الزوجة التي غالبا ما تبدي تضامنها معها وتعاطفها تجاه معناتها مع زوج مهمل لا يتحمل مسؤولية وواجباته كرب أسرة و رجل البيت.
رجال القانون يؤكدون:”الخلع من حق المرأة المضطهدة”
أجمع العديد من رجال القانون ، في تحليلهم لظاهرة التزايد الكبير في معدل قضايا الخلع على مستوى محكمة عنابة الابتدائية، أن الخلع من حق المرأة التي أصبحت ترفض العيش تحت أي ظرف من ظروف الضغط، مؤكدين أنه من غير المعقول أن تقوم هذه الأخيرة باستخدام هذا الحق في ظروف عادية أومشاكل بسيطة، لأن ذلك يدخل ضمن التهاون بقيمة الرابطة الزوجية، خصوصا أن المشرع أصر على أن فك هذه الرابطة المقدسة لا يكون إلا عند استحالة التوفيق بين الطرفين، لأسباب أو مشاكل جدية و عميقة تجعل الحياة بين الزوجين مستحيلة، خاصة منها ما تعلق بالسلامة الجسدية للمرأة التي تكون عرضة للاعتداءات والضرب والإهانة اللفظية والجسدية المتكررة من طرف الزوج، ما يشكل خطرا فعليا على حياتها، مرجعين في الوقت نفسه التزايد الكبير لهذه الظاهرة إلى التحولات التي طرأت، من جهة أخر، على بنية المجتمع الجزائري. وتعزز المنظومة الاجتماعية والقانونية بعوامل جديدة وفرت للمرأة حقوقا مدنية واستقلالية مادية، بدخولها عالم الشغل، الذي يمنحها حصانة مادية مستقلة عن الزوج، الأمر الذي يشجعها على طلب الخلع والانفصال، دون الخوف أو الخشية من الحاجة إلى طلب مساعدة الأهل المادية بمجرد إخلال الزوج بالمبادئ الأساسية للعلاقة الزوجية.
ويشير المحامون في هذا السياق إلى أن أغلب الحالات المسجلة لمطالبة المرأة العاملة بالخلع تتعلق بالخيانة الزوجية الظرفية، أو عند اكتشاف الزوجة لوجود علاقات متواصلة غير شرعية للزوج مع نساء أخريات، وهي الحالة التي لا تنطبق على المرأة الماكثة في البيت، والتي لا تلجأ إلى الخلع لهذا السبب إلا نادرا، بالنظر لتبعيتها المادية للزوج وضغط الظروف الاجتماعية التي تحتم عليها التغاضي عن الأمر.
كما تعتبر المشاكل العائلية مع أسرة الزوج والخلافات حول تسيير ميزانية الأسرة وقضايا أخرى تتعلق بالميراث والسكن، من المسببات الأخرى للجوء المراة للمطالبة بالخلع، كحل أخير لوضع حد لمعاناة لم تعد تتحملها.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)