الجزائر

رمضانيات : قادمون.. من الزمن الغابر



رمضانيات : قادمون.. من الزمن الغابر
في حال المفاضلة بين السيئ والأسوأ.. أفضل للشخص ألا يفهم الدين.. من أن يفهمه بطريقة خاطئة.. ففي الأولى ينحصر خطره على نفسه.. أما في الثانية.. فيتعدى خطره إلى غيره.. كشأن الفاسد في ذاته.. والمفسد لغيره.
في الأولى.. قد يلزم الصمت.. ويكف لسانه ويده.. بحكم أنه لا يفهم شيئا.. كالقاصر الذي ينتظر من يدله على الصواب.. وقد يكون محظوظا إذ يرشده أحدهم إلى الحق.. ويريه كيف يتحرك على أرض صلبة.. فلا يتعثر.. وكيف يتجنب الاصطدام بصخرة عاتية.. فلا يسقط.
أما في الثانية.. فهو مطلق السراح.. يدا ولسانا.. يوزع خطره على الجميع.. وقد تبلغ به الجرأة والحماقة.. أن يتحول إلى أداة قاتلة.. ومن يدري فقد ينتهي سفاحا باسم الدين!!!
مثال هذا التشوه.. ما تعرض له الداعية التونسي عبد الفتاح مورو.. الذي كان بصدد إلقاء محاضرة عن التسامح في الإسلام.. فانتهى به الأمر نزيل مستشفى القيروان.. فقد تجرأ أحد الشباب المغالين على سبه وشتمه.. ثم أخذ الكأس التي كانت على المنصة وضربه بها على وجهه.
وهذه الحادثة ليست الأولى.. ولن تكون الأخيرة.. في أجواء التفريخ التكفيري.. حيث يحتكر الجهلة والأميون الحديث باسم الدين.. وينصبون أنفسهم أوصياء عليه.
فمن تجرأ على شيخ عالم.. وآذاه بهذه الصورة القبيحة.. يملك الذهاب بعيدا في انحرافه.. ومن يدري فقد يزعم التقرب إلى الله بأعراض وأرواح مخالفيه.. ولن يتوانى بالفتك بهم.. وقد تستبد به الحماقة فيشعلها حربا شعواء على الخلق جميعا.
الخطر حقيقي.. يكمن في ارتهان الإسلام من قبل بعض الجماعات الغريبة عن الدين .. لتمارسه على طريقة العصابات التي تحترف نشر الرعب بين الناس.. سعيا في بسط الهيمنة عليهم.
كانت ديكتاتورية بن علي.. تقوم على إرهاب الصمت.. فمآل من ينطق بكلمة لا ترضيه.. أن يرمى في قبو مظلم.. ليذبل ويموت هناك.. ومرجعيته في ذلك.. حفظ أمن الدولة التونسية.. كما يدعي.. ونزق المغالين في الدين.. لا يختلف جوهريا عن ديكتاتورية بن علي.. لأنه يقوم على ذات الوسيلة.. أي قهر الناس على الصمت.. وإن اختلف عنه في الغاية.
وجه الخلاف أن بن علي اعترف بذنبه وفر هاربا.. أما هؤلاء فيعتقدون أن باب الجنة قد فتح لهم.. فلا مجال للارتداد إلى الخلف.. ومن ثم سيدهسون كل من يعترض طريقهم.. شيخا كان.. أم عالما.. أم داعية.. ولو بلغ من الكبر عتيا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)