الجزائر - A la une

رمضانيات : المسلم.. لا يكون إلا حرا



المسلم ليس مخلوقا هينا.. ولا شيئا زائدا على الحاجة.. ولا رقما يكبر به التعداد العام لسكان الكوكب.. بل هو مركز البشرية في عالم الشهادة.. والبؤرة التي تتحلق حولها الكائنات كلها.. فلولا المسلم.. لبقيت الأرض كما كانت دائما..
برية تشغلها الوحوش.. وتطغى عليها الدورات الطبيعية القاسية.. وتتقافز فيها الشياطين.. ولغاب عنها المعنى السامي للخلق والوجود.. ولانتهى كل شيء فيها إلى العدم المحض.
المسلم علامة فارقة في تاريخ الإنسان.. تدل على الطريق القويم.. وتشير إلى الانسجام بين العناصر الكونية ووظائفها الحيوية.. وتعبير عن التواصل بين السماء والأرض.. وتصحيح للوضع الإنساني حال اختلاله.. وتجسيد لحالة التوازن بين الغايات والوسائل.. ودالة على خط الوصول الأخير.. الذي يقع بكل تأكيد خلف الأفق المادي لهذه الحياة.
المسلم وحده.. يملك الحرية الكاملة والحقيقية.. وكل ذراته جاهزة للتجاوب مع مقتضيات هذه الحرية.. فهي تنتفض وتثور على كل ما يسلب منها قدرتها على الحركة والانطلاق.. وتتسع لاحتضان كل المعاني والقيم المضادة للقيود والسدود.
المسلم حر.. هكذا خلقه الله.. ولم يجرده من هذه السمة حتى وهو في جنة الاختبار..
فقد كان صاحب إرادة ومسؤولية.. ولهذا الاعتبار يأبى المسلم أن يكون عبدا أو تابعا أو موضوعا تحت الوصاية.. أو كائنا مصادرا.. أو هامشيا.. فلا عقله يقبل الأغلال.. ولا إرادته تستجيب للاستحواذ.
المسلم بطبعه.. لا يقبل الضيم والذلة.. ولا يقبل يد السلطان.. ولا يحني له ظهره.. ولا يعطي الدنية في دينه ودنياه.. فإذا ما رأيت مسلما يخضع ويخنع.. أو يستشعر نقصا إزاء حاكم متسلط..
أو يسقط صريعا أمام الشهوات.. أو يتضاءل أمام الكبراء.. أو ينقلب مريدا بين يدي شيخ يصادر عقله..
فاعلم أن في دينه ثلمة.. وفي كيانه النفسي فراغ.. وفي وعيه خلل.. وفي حياته فوضى.
الإسلام لا يربي العبيد.. ومجتمعه لا يقوم على السخرة العقلية والعاطفية.. وهو لا يقبل إلا الأحرار إلى جواره.. ويحرر العبيد من داخلهم ابتداء.. ليتحرروا من خارجهم انتهاء.. ويحطم السجون الفكرية.. ويطلق الإرادات الخيرة..
ويرد سياسات الإذلال التي تطال الأفراد والشعوب.
في الإسلام.. لا مكان لفرعون يستعلي على الناس.. ولا شرف لإنسان يسجد خاضعا لهذا الفرعون.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)