الجزائر

رعاية الغش والتزوير


في وهران لم ''يسخن'' مجموع طلبة كلية الحقوق مقاعد الكلية، منذ بداية السنة الجامعية الحالية، وفي نفس الولاية ثار أولياء تلاميذ إحدى الثانويات، التي سيختبر أبناؤهم هذه الأيام في مادة الرياضيات، التي لم يزرهم أستاذها ولو مرة واحدة وهم على مشارف العطلة الشتوية.  وفي سطيف ثار الأساتذة الجامعيون على إدارة مؤسستهم ''التي كان يختارها رئيس الجمهورية'' في السنوات القليلة الماضية ليلقي فيها خطابات ويشيد بها وبما وصلت إليه من رقي، ويقولون مستظهرين الأدلة والبيانات إن ''بزنسة كبيرة'' تجري داخل ''حرم'' جامعة فرحات عباس. وفي ولاية أخرى، حاولت تلميذة في السنة الرابعة متوسط أن تكون ''بوعزيزية'' بطريقتها الخاصة، حيث ابتلعت كمية كبيرة من الحمض الأسيدي، لأن مديرة الإكمالية التي تدرس فيها طردتها وأرغمت الأساتذة الذين لا يدرّسون هذه التلميذة على توقيع وثيقة يشهدون فيها أنها مشوشة.. وفعلوا.  ولا أحد في وهران اجتهد لإقناع طلبة الحقوق المضربين، منذ بداية السنة الجامعية، بأن مطلبهم ''غير معقول'' وفي حدود ''اللاأخلاقي''، بمطالبتهم بإنقاذهم بإضافة نقاط إلى كشوفهم العامة، لينتقلوا إلى السنة الموالية دون تحقيق النتائج الدراسية المؤهلة لذلك، وتركوا أولئك الطلبة يفرضون قانونهم. وسمع الناس ما حدث في بومرداس، التي كان اسمها في السابق مرتبطا بأرقى معهد تكوين في الجزائر، وهو المعهد الذي صار طلبته اليوم يشاهدون ''تتوج الفاشلين''، مثلما حدث في جامعة سيدي بلعباس، في المعهد الذي من المفروض ألا يحصل فيه غش ولا تزوير لأنه يتخرج منه من سيمارسون أنبل مهنة وهي علاج الآدميين. هذا بعض ما شاع عما يحدث في ما يفترض أنها ''أقدس المؤسسات''، ويعلم الله ماذا يحدث في مثيلاتها التي أنجزت في إطار ''التوازن الجهوي''، و''شعبوية'' المرحلة السياسية الحالية، وهي جامعات ضخمة وجميلة من الناحية المعمارية، ومنها ما يقع في مناطق خلابة، لكنها كلها ينقصها الأساس، وهم الأشخاص الذين ينقلون العلوم والمعرفة للطلبة.  وبعد كل هذا، يشتكي مسيّرو المؤسسات والشركات من ''الجامعيين'' الذين يقصدونهم للتوظيف، عندما يلاحظون أنهم لا يحملون من العلوم والمعارف ما يمكنهم من ممارسة ما هو مدوّن على شهاداتهم الجامعية من كفاءات مفترضة. هل يحق لمسيّري المرحلة الحالية للجزائر، أن يرهنوا مستقبلها بإغراقها بأجيال من الجزائريين ''الرديئين'' الذين ستؤول إليهم أمور البلاد والعباد، لأنهم يعتقدون أن السلم الاجتماعي اليوم والحذر من انتقال عدوى تونس ومصر إلينا، يستوجب أيضا السماح بتكريس الرداءة واللاكفاءة وحتى الغش والتزوير ورعايته وتمكينه من التسلط؟  قال سيف الإسلام القذافي للثوار الذين ألقوا عليه القبض إن ما ينتظر الليبيين بعد رحيل والده أبشع مما عانوه في عهده. وعندنا ماذا يمكن أن يحدث للبلاد بعد أن يرحل الجيل الذي يرعى اليوم الغش والتزوير، عندما يخلفهم المتخرجون من مدرستهم.. الله يستر.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)