الجزائر

رجل آثر الجزائر وتشبّع بقيم التضامن للثورة


رجل آثر الجزائر وتشبّع بقيم التضامن للثورة
أجمع في أشغال الندوة التاريخية حول المناضل وصديق الثورة التحريرية، المثقف الفرنسي الراحل فرانز فانون، على أن هذا الأخير يبقى أحد الرجالات الذين التزموا بالوقوف إلى جانب الشعوب المستضعفة والمحتلة عبر العالم وبالجزائر على وجه الخصوص، مؤكدين أن الجزائر كانت المهد الذي تشبّع فيه بروح التضامن والاستماتة في محاربة التمييز العنصري وظاهرة الاستعمار المقيت.وأكد الإعلامي والباحث في التاريخ، الأستاذ عمار بلخوجة في تدخّله في الندوة التاريخية التي نظمها منتدى الذاكرة لجمعية «مشعل الشهيد»، أمس الثلاثاء، بالتنسيق مع جريدة «المجاهد» بالجزائر العاصمة، بحضور مجاهدين ورفاق درب المناضل، أن فانون استلهم قناعاته في الدفاع عن الشعوب المستضعفة، من معاناة الشعب الجزائري إبان ثورة التحرير المجيدة من همجية وغطرسة الاحتلال الفرنسي البغيض، مشيرا إلى أن أشكال التعذيب التي طالت كافة أفراد الشعب، وصور المرضى المعذبين ومكبّلي اليدين، أوقدت في قلبه وفكره نزعة رفض الاستعمار وكل أنواع الاضطهاد، كما زادته قناعة بوجوب الوقوف إلى جانب الشعب الجزائري ومساندته في مسيرته الكفاحية.وأضاف السيد بلخوجة في هذا الاطار، أن الراحل استطاع أن يتزعّم دون منازع مكانة الثأئر ضد الظاهرة الاستعمارية وسياسات التمييز العنصري، ومساندة الشعوب التي كانت تحت نير الاستعمار ومنها الجزائر (البليدة) بالتحديد التي احتضنته منذ 1953 عند قدومه إليها لمزاولة مهنة طب الأمراض العقلية، حيث عايش حالة القهر والمعاناة التي كان يحياها الجزائريون في تلك الفترة، وهو ما دفعه لكتابة رسالة استقالة من منصبه بالمستشفى إلى الحاكم العام الفرنسي آنذاك «روبرت لاكوست»، يخبره فيها (...نحن لاشيء على الأرض، إذا لم نكن عبيد قضيّة شعب يناضل من أجل الحرية والاستقلال..»، وأضاف أيضا: «.. بعد ثلاث سنوات من تواجدي بالجزائر أتضامن وأقف بقوة إلى جانب هذا البلد وشعبه الشجاع.. فبهذا أعلمكم باستقالتي من منصبي بالمستشفى..).وأوضح بأن فرانز فانون، التحق مباشرة بقيادة الثورة بتونس، بعد اتصال أعضائها به ومنهم عبان رمضان وامحمد يزيد ورضا مالك، حيث كان يساهم بالكتابة في جريدة المجاهد، وكان أحد أعضائها المسيّرين، مضيفا أن سنة 1955 كانت مميزّة في حياة هذا المناضل، حيث اتصلت به قيادة جبهة التحرير الوطني عدة مرات وشجعته على الانضمام إليها، وهو ما دفعه لإقامة مستشفى عام بالحدود الجزائرية التونسية، خصص للراحة وإعادة التأهيل لفائدة المجاهدين المصابين والمنهكين من الحراسة والمواجهة الميدانية مع العدو، لتمكينهم من استرجاع عافيتهم.وقد شجّعت كل هذه التحولات في مسيرة فرانز فانون -يضيف المحاضر- على ترشيح هذا الأخير لأن يكون ممثل (سفير) الحكومة الجزائرية المؤقتة في عدة دول إفريقية كغانا، حيث مثّل الجزائر بها وكان له شرف لقاء عدة زعماء وقادة أفارقة، كما خصّت الجزائر الراحل بعد الاستقلال بتثمين كبير لمسيرته المشرّفة اتجاه الجزائر، باطلاق اسمه على مستشفى بالبليدة المختص في الأمراض العقلية.من جهتها، ثمّنت المجاهدة وعضو الثلث الرئاسي في مجلس الأمة الويزة اغيل آحريز، المسار النضالي للراحل طيلة حياته بالجزائرّ، مشيرة إلى أنه رغم الاستعمار وسياسة التمييز العنصري واضطهاد الشعوب عبر العالم، خاصة في الجزائر، لم تمنعه من التمسّك بمهنته كطبيب مختص في الأمراض العقلية، ومقابل ذلك مساندة ودعم الثورة ورفض سياسة الاستعمار.ودعا الفنان والممثل عبد الحميد رابية في تدخل له، إلى ضرورة ترسيخ اسم المناضل فانون في برامج المنظومة التربوية والجامعات، باعتباره أحد أصدقاء الثورة البارزين الذين لم يمنعهم عدم الانتماء إلى الجزائر من الدفاع عن قضية شعبها والمناداة باستقلاله وانعتاقه من أغلال الاحتلال الفرنسي، مذكرا بأن كل محاولات تصفيته باءت بالفشل ولم تمنعه حتى من التأليف منذ سنة 1952، تاريخ صدور أول كتاب له يهاجم فيه الظاهرة الاستعمارية، وينقل صورة المعاناة اليومية للسود ضد البيض في إطار العنصرية، بالاضافة إلى كتابه الشهير «المعذبون في الأرض» الذي أصدره في فيفري 1961 الذي حقّّق رواجا كبيرا في تلك الفترة.وقد قدم كل من محمود بوسوسة (صحفي سابق بجريدة المجاهد)، وبعض أعضاء الأسرة الثورية شهاداتهم حول مسيرة هذا المفكر الذي دافع عن القضية الجزائرية داخل الوطن وفي المحافل الدولية.فرونز فانون من مواليد 20 جويلية 1925 بفور دو فرونس بجزيرة الدومينيك، وقضى أكثر من 30 سنة في مهنة الطب بقسم الأمراض العقلية بالبليدة، عرف بنضاله من أجل الحرية ونبذ التمييز بين الشعوب والأعراق، وتوفي بعد صراعه مع مرض سرطان الدم ودفن بمقبرة مقاتلي الحرية الجزائريين، تنفيذا لوصيته التي أوصى بها قبل وفاته.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)