الجزائر

رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عبد الله غلام الله ل "الحوار": إعادة فتح المساجد بيد الفقهاء



* حرية المعتقد مكفولة للجميع
* لجنة الفتوى وحدها من تقرر مصير صلاة العيد
* تنصيب مفتي الجمهورية من صلاحيات الرئيس
* المجلس الإسلامي الأعلى مرافق للشعب الجزائري في جميع مواقفه
حاورته: ن.س
أوضح رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عبد الله غلام الله ل "الحوار"، أن مصالح هيئته مجندة لمرافقة كل ما يجري في المجتمع الجزائري، كما تطرق غلام الله إلى مسألة «حرية المعتقد»، وحول تأخر فتح المسجد الأعظم، وتأخر تنصيب مفتي الجمهورية، وهل بإمكان تحويل المسجد الأعظم إلى مرجعية إسلامية عالمية على غرار الأزهر والزيتونة، وهل بإمكان "المرجعية الدينية الوطنية" أن تتحول إلى مؤسسة دستورية جامعة ؟ …أسئلة وأخرى أجاب عنها ضيف "الحوار" خلال هذا اللقاء.
هناك من يوجه اللوم ل"المجلس الإسلامي الأعلى" بالتقصير والانطواء والغياب عن مناقشة قضايا الأمة؟ أم أن الأمر تتحكم فيه محدودية الصلاحيات الممنوحة له؟
لقد رافق المجلس الإسلامي الأعلى الشعب الجزائري منذ الاستقلال (قبل أن يتم إدراجه في دستور 1996) وتفعيله رسميا سنة (1998) عبر اجتهاد علماء أجلاء وفقهاء متمرسين، مما جعلنا اليوم نملك رصيدا اجتهاديا وفقهيا يضاف إلى التراث الفقهي الجزائري عبر العصور.
وفي تاريخ المجلس الإسلامي الأعلى الكثير من الاجتهادات والفتاوى التى ساهمت في إيجاد الكثير من الحلول للمشاكل التي يعاني منها المجتمع، وقد عملنا على الاهتمام بالقضايا الكبرى للأمة، فقد عمل السادة العلماء أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى على الاجتهاد في القضايا الكبرى للأمة مثل الصيرفة الإسلامية التي هي في طور التجسيد في الواقع عبر الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء في الصناعة المالية الإسلامية، تحقيقا للمقصد الشرعي( حفظ المال) كما تناولنا موضوع الهجرة غير الشرعية تحقيقا للمقصد الشرعي(حفظ النفس) وموضوع حماية الأسرة من ارتفاع مستويات الطلاق في المجتمع، ومسألة منسوب الكراهية في خطاب وسائل الإعلام وغيرها من القضايا التي يتناولها المجلس من خلال فضاءات الحوار والنقاش أسبوعيا والتي يوفرها المجلس للعلماء والمثقفين من مختلف الاتجاهات.
المسجد الأعظم مشروع عظيم أشرفتم على متابعة إنجازه خلال فترة توليكم وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، الآن وقد اكتملت الأشغال فيه، في تقديركم ما هي أسباب تأخر فتح أبوابه أمام جموع الأمة ؟
موعد فتح مسجد الجزائر تقرره السلطات العليا في البلاد بعد تأكدها من الانتهاء التام من الأشغال، وإذا تم الانتهاء من الأشغال فإن جائحة كورونا كوفيد 19 عطلت الكثير من المواعيد، مما جعل موعد افتتاح المسجد يتأخر ربما بهذا السبب.
هل تشاطرون الرأي من يدعون إلى تحويله إلى مرجعية إسلامية عالمية على غرار الأزهر والزيتونة ؟
المسجد منارة إسلامية أقيم في موقع له رمزيته التاريخية، والشعب الجزائري بحاجة إلى هذه المنارة، لتكون داعمة لوحدته وتماسك وتلاحم أبنائه إضافة إلى ما يقدمه من خدمات دينية وثقافية جليلة، بإمكانها أن تساعد على تجاوز الكثير من العقبات التي تواجهنا اليوم، وحتى المتوقعة في المستقبل، زيادة على المكانة التي يمثلها والتي تجسد مكانة الجزائر في العالم الإسلامي.
في إطار النقاش حول المشروع التمهيدي للدستور، ألا ترون أنها فرصة سانحة لتعزيز دور "المجلس الإسلامي الأعلى" كمؤسسة دستورية ينبغي أن يتجاوز دورها مهمة "إبداء الرأي حول المسائل التي تعرض عليها" ؟
في إطار التجاوب الإيجابي مع مشروع تعديل الدستور، التي بادر به رئيس الجمهورية عكف أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى على دراسة مسودة مشروع التعديل، وقد اقترحنا الكثير من التعديلات التي تعزز مكانة المؤسسات في المجتمع، وترتقى بها إلى مستوى الطموحات المشروعة التي عبر عنها الشعب، والمهمة التي كلف بها المجلس الإسلامي الأعلى، مهمة كبيرة كونها تتعلق بالوحدة الفقهية الكلية للأمة، مما يجعلها في حصن من تلك المخاطر والتهديدات التى تستهدف الوحدة الفكرية للأمة وانسجامها الثقافي، مما يوجب الذهاب نحو المسارعة إلى القيام بالواجبات التي تعزز اللحمة الوطنية بين أبناء الشعب الجزائري.
يُعرف عنكم أنكم من المدافعين على "المرجعية الدينية الوطنية" ومن الذين عملوا على تكريسها، ألا ترون بأن هذه "المرجعية الدينية الوطنية" ينبغي أن تتحول إلى مؤسسة دستورية جامعة ؟
المرجعية الدينية الوطنية، طموح لكل الراغبين في الانسجام الثقافي والاجتماعي للجزائر، مما يجعل من الاستناد على التراكم التاريخي الذي شكل الإسلام الاسمنت المسلح لوحدة الشعب وتماسكه، وتجاوزه لكل الصعاب التي واجهته، واليوم ينبغي على الفقهاء والمثقفين الوطنيين العمل على تعميق التعاون وتكثيف الجهود، من أجل أن تجد الأجيال الجديدة من الشباب الفرصة السانحة التي تجعلهم يعتزون بوطنهم وتراثهم ويتطلعون إلى ممارسة حياتهم في اطار الرؤية الواضحة والمنهج السليم الذي رسمه أجدادهم من العلماء الجزائريين الذين ساهموا بجدارة في تاريخ الأمة الإسلامية.
هل ينبغي التنصيص عليها في الدستور مستقبلا؟
الدستور قواعد قانونية عامة، توضع لبيان هوية النظام وإدارة البلاد، ولكن المهم في الموضوع كيف تتضافر جهود العلماء والمثقفين والمؤسسات في مشروع وطني واضح المعالم، يحقق الهدف المنشود من المرجعية الدينية الوطنية، فالعمل الميداني والاجتهاد النوعي والسعي الصادق والمخلص، هو ما يمكن المرجعية الدينية الوطنية وغيرها من المشاريع الوطنية الكبرى من التحقق في أرض الواقع وينعم بخيراتها أبناء البلد.
هل بإمكان ل"دسترة لجنة الإفتاء" أن يفي بالغرض؟ وهل البلد بحاجة إلى "مرجعية في الإفتاء" فقط ؟
الفتوى هي استفراغ الوسع في تحصيل العلم أو الظن بالأحكام الشرعية، مع مراعاة المصلحة العامة، وهو ما يوفر للمواطنين الحلول الشرعية للمشاكل التي تواجههم في حياتهم اليومية وتجعلهم يعبدون ربهم على الوجه الشرعي عبر تحقيق المقاصد الشرعية، مع مراعاة المصالح الكبرى للأمة، والاجتهاد من أهم الخصائص التي عرفت بها الأمة الإسلامية. وأما الإطار العملي للفتوى، فيمكن تجسيده في الآليات التي تناسب العصر وتوافق التطورات الحاصلة في حياة الناس، سواء أكان في لجان للفتوى أو مجامع فقهية أو مجالس أو غيرها من الآليات، المهم أن تتحقق المقاصد الشرعية من الاجتهاد، ويتم تحصيل ثمرات الفتوى بما يضمن وحدة الأمة وانسجامها.
برأيكم ..لم تأخر تنصيب مفتي الجمهورية؟
لقد قلت في العديد من المناسبات أن هذا الموضوع من صلاحيات السيد رئيس الجمهورية وهو أدرى بما يمكن أن يحقق الأهداف الوطنية الكبرى منه، ولكن يجب الإشارة إلى أن الكثير من العناوين والشعارات تكون جميلة في بريقها، إلا أنها لا تحقق المراد منها في الواقع، كونها تكون غير مناسبة أو غير متوافقة مع زمانها. والتي يظل تقدير أهمتها من اختصاص أولي الأمر.
هل الاستجابة ل «مطلب حرية المعتقد وممارسة الشعائر وإقامة مؤسسات العبادة غير الإسلامية» في الدستور يتناقض وجوهر الشرع الحنيف؟
لقد كرس الإسلام حرية المعتقد (لا إكراه في الدين) ووسع من مساحات الحرية وضمن حقوق العبادة للإنسان، مما جعل الحرية ركن من الأركان الكبرى التي عرفت بها الحضارة الإسلامية، والشعب الجزائري طبعه التسامح وسجيته التعايش، وهو ما عرف عنه في تاريخه الطويل، وقد تمكنت الجزائر من احترام حرية المعتقد وتنظيم حرية ممارسة العبادة عبر القوانين والأنظمة التي تكفل حرية ممارسة العبادة للجميع في ظل الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي.
إن قبلنا ب «حرية المعتقد» في الدستور، ألا يعد ذلك مطية وذريعة لقبول ممارسة العلاقات غير السوّية بل وشرعنتها ؟ خاصة وأن مطلب حرية المعتقد يرافقه دوما دعوات لحرية الإفطار في رمضان والمجاهرة ب«المثلية» وغيرها ؟
الاتفاق حاصل بين عقلاء الدنيا أن الحرية ترافقها المسؤولية والممارسة اليومية تؤطرها القوانين وتحميها، وكما يقال (العادة محكمة) فيكون للأعراف وقواعد الثقافة الاجتماعية واجب الاحترام، وفي ظلها تكون ممارسة حرية المعتقد التي هي من الحقوق الاساسية للإنسان، وليست وسيلة لنشر الاضطراب والفوضى في المجتمعات.
هل أنتم مع إعادة فتح المساجد في ظل استمرار جائحة كورونا، أم لا؟
نسأل الله تعالى أن يرفع الوباء على الإنسانية وأن يلطف بعباده وكل مسلم قد تألم من تعليق الصلاة الجماعة والجمعة، وقلوب الناس تعتصر حزنا وهي ترى المساجد مغلقة، إلا أن مقصد الشريعة في حفظ النفس مقدم، وقد أفتت اللجنة الوزارية للفتوى بتعليق الصلاة الجماعة والجمعة والأمر راجع إلى علماء الطب والفقهاء يجتهدون في توقيت وطريقة التعامل مع الوباء حسب المعطيات القائمة في الواقع، إلا أن من يحسم في موضوع الوباء هو المواطن الذي يجب عليه التقيد بالإجراءات الاحترازية وقواعد الوقاية، وكلما كان الالتزام قويا كلما عجلنا بزوال الجائحة باذن الله.
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، هل تعتقدون أن صلاة العيد ستمنع من أدائها جماعة في ظل استمرار كورونا، وما رأيكم في مطلب أدائها في الساحات العامة؟
كما قلت سابقا إن اللجنة الوزارية للفتوى هي المخولة فقها وقانونا لإصدار الفتوى التي تناسب هذه الجائحة ويجب احترام مبدأ الاجتهاد الجماعي وإلزاميته دون التشويش على المواطنين، وترك مسؤولية الاجتهاد للجنة الوزارية للفتوى، فهي المخولة لذلك وحرصها الوحيد هو حماية حياة الناس وأرواحهم وفق مقاصد الشريعة الإسلامية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)