"ذاكرة وإخفاقات".. ألا تستحوا!؟ أما بعد

وزارة المجاهدين مشكورة استفاقت في أواخر الاحتفالات بالذكرى الخمسين للاستقلال، ودشّنت منذ أيام معرضا تحت اسم “ذاكرة وانجازات”، مع تنظيم مسابقة لأحسن لوحة فنية تصور انجازات 50 سنة من الاستقلال، بهذه المناسبة التي لم نر منها إلا المعارض والأصنام، وهي لا تعبّر عن شيء، إلا عن قصورنا حتى في الاحتفال بانتصاراتنا.. ومع ذلك نسأل ماذا ستعرضون يا ترى أيها المسؤولون عن كل خراب أصاب الجزائر منذ 62، خراب في البلد والعقل والروح خاصة، وإن لم تصدقوا فاقرأوا إجابات طلبة البكالوريا عن أسئلة تاريخ الجزائر والثورة، التي أوردتها الصحافة الوطنية، وكيف أصبح ديغول زعيما وطنيا وبوضياف زعيما نازيا.. أليس هذا الخراب الفكري والروحي الذي أنتجتموه طيلة 50 سنة من اقتياد هذا الوطن والشعب إلى الهاوية، حتى أصبحت الثورة مصدر تهكّم والأبطال مصدر سخرية لهذا الشباب الذي طعّمتموه بالأساطير عن أبطال انتصروا على أكبر قوى استعمارية، بينما كَبُرَ ليجد واقعا مؤلما وتمزّقا في كل الاتجاهات.. فهل فعلا تحتاج الجزائر لمعرض للذاكرة والانجازات وأي ذاكرة سنقدمها لأجيال اليوم وغد، ونحن نشاهد رموزا صنعت تاريخنا تخرج من الجزائر، لتقول ما لم تستطع قوله هنا في وطنها، وتصرّح بما لا تفهمه هذه الأجيال ولا تجد له تفسيرا، بينما تحتاج هذه الأجيال إلى من ينير دربها وتحتاج الجزائر إلى من يقدم لها الانتقادات والحلول من هؤلاء الذين صنعوا تاريخها، لا إن يزيدها تأزما على ما هي عليه.. وعن أي انجازات نتحدث؟ أليس الواقع الذي نعيشه أفضل معرض على الهواء الطلق لإنجازات 50 سنة من الاستقلال أو فالنقل لتخريب دام 50 سنة على كل المستويات، من الهوية إلى التاريخ إلى السياسة إلى الاقتصاد والثقافة والتراث.. هل فعلا نحن بحاجة لتنظيم مسابقة لإنجاز لوحات فنية تحكي إنجازات خمسينية الاستقلال، والجزائر ورشة الفساد والإفساد وأفضل لوحة رسمها النظام الذي تفنّن في وضع ألوانها، فطغى عليها منذ وقت طويل أسود داكن أو أحمر قان. وكلما أراد الشعب أن يرى ألوان أخرى طمست عينيه، أو صودرت كل الألوان لتدخل المخابر الخفية ويصنع النظام اللون الذي يرغب فيه أن يسود وأن يراه الناس.