الجزائر

دَمْعةٌ على جثمانِ الثقافة



بقلم :
في الزمن الجميل، كان على المرء كي يدخل دائرة الضوء على الفضاء الثقافي، أن يجتاز امتحانات عصيبة. أن يُبحِر عكس التيار ويرُد المواجهات، أن يتفوق في سِباقِه خطوة خطوة، مُتسلحًا بالنفَس الطويل، مُتقناً فنون الصبر والانتظار، كان الاعتراف يأتي من الجمهور واستنادًا لمعايير دُونَ أَن يسْعى أو يُكابِد إليه صاحبُه آناءَ الليل وأطراف النهار، فيتناسَى دورَه الأساسِي ويستقيل من مهامه الأصلية.
في الزمن الساحر، كان الوقتُ يمر بطيئًا على مُدرجاتِ الجامعات وداخل قاعاتِ التحرير، بعيدًا عن صخب وضجيج المقاهي وسط غُبار المسارحِ. كانت وقتها كلُ كلمةٍ اضافيةٍ فعليةٍ، وكلُ عملٍ يُنجز انتصارًا.
- كانَ الشاعر ينتظرُ أن تسافر أبياتَه على ملايين الألسنَةِ لِتَلُوكَها، وتهتز بصوتِه أشهر المحافِل الأدبية، قبل أن يصبِح جديرًا بحمل لقبِ الشاعر. وأهل القَلَم وما يسطرون، كانوا يفنُون أعمارهم في قَضَم المجلدات العتيقةِ، يُترجمون كنوز الفِكر والأدب قبل أن يستحِقوا الالتحاق بركْب الكتاب المرموقين.
- كان هَم المثقف أن يكون قُدوة، لا أن يُصبح غير ذلك: أن يؤَسِس نهجًا، أن يصطدِم على حسابِه هو...غالبًا بالبُنى السائدة.
لكن اطمئنوا...وقولوا لأنفسِكم متى اليوم؟ والله المستعان على ما تَصِفون.
لكن اجتزنا لسوء الحظ أَو لِحُسنِه – من يدري ؟- ذلك الزمن الخلَاب...الذي لم يَعُد إلا حافزًا لحنين الرومانسيين... أغدًا ألقاك! ياخوف فؤادي من غدي !
وها نحن أخيرًا نتلذذ حياةً ثقافية سائبةً، كل شيء فيها ممكن... لا رقيب ولا حسيب... !ثقافتنا الحديثة ! يَسود عليها المثقفون الجدُد.
حتى أن عددًا من رموز جيل " الزمن البرَاق " بدأ يتكيَف مع " الرقصة الجديدة ".
إن المثقف لم يعُد بحاجةٍ إلى قاعِدةٍ تعترف بِهِ كَيْ يَبرُز بارزًا...أين هو المتلَقي أساسًا؟
" دَلُونِي عليه " وشكرَ اللهُ سعْيَكُم...
ولكي تقتحم أسوار – النجومية – عليك بجمع باقة من " الخربشات " مع صورتك على الغلاف الأخير... لا تخشى حكم القراء...هم لا يقرأون...أعرف كتابا لم يقرأوا حتى كتاباتهم...
أعرف أدباء " استوحوا " انتاجاتهم من أعمال غيرهم...وهم كثر... حياتهم هكذا وليس الأمر بالصعوبة التي تتصورون...
في الزمن الرائع، كان على المرء، كي يكون قدوة أن يمر على امتحانات عسيرة حتى يكتب عند الجمهور مثقفا... باستطاعة المرء أن يصبح مثقفا في أيامنا الحالية ، شرط إتقان سمفونية جديدة ومبادئ عصرية وبئس المصير ! ، إذا الريح مالت، مال حيث تميل...
أقول قولي هذا واستغفر الله ، لي وحدي.....أين أنت أيها المثقف الجميل ؟ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا... !!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)