الجزائر

ديكا-نيوز تفتح نقاشا حول أبرز التحديات الاجتماعية



ديكا-نيوز تفتح نقاشا حول أبرز التحديات الاجتماعية
الجزائر حققت الكثير واستثمرت أكثر..لكن نتائجها لم ترق إلى التطلعات
يتفق المختصون والخبراء الاجتماعيون على أن الجزائر بذلت منذ الاستقلال جهودا كبيرة في مواجهة أهم وأبرز التحديات في المجال الاجتماعي، خاصة ما تعلق منها بالتعليم والصحة، وأنها قد سطرت غداة استقلالها استراتيجيات ومخططات محددة لمواجهة الوضع السائد آنذاك من أمية وفقر. كما أجمعوا أن الجهود والإمكانيات المادية المبذولة اليوم لم تحقق الكثير ولم تحدث النقلة المرجوة اجتماعيا لأسباب لم يتفق عليها المجتمعون خلال المائدة المستديرة التي نظمتها جريدة "ديكا-نيوز" والتي جمعت أخصائيين وخبراء من المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي ومؤسسات عمومية أخرى ومستقلين أكدوا جميعهم أن خللا ما يعيق نجاح المخططات والاستراتيجيات المسطرة لمواجهة التحديات الاجتماعية الراهنة.
وتساءل المجتمعون لماذا وبعد سنوات من العمل ورغم الإمكانيات المادية الهائلة والإرادة السياسية لم تتوصل الجزائر إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي المطلوب؟ ولم تتمكن من معالجة أبرز التحديات الاجتماعية الكلاسيكية على غرار التعليم والصحة، هذه الأخيرة التي لا تزال تتخبط في العجز وسوء التسيير انطلاقا من المستوصف ووصولا إلى الدواء، ثم لماذا لا يتم تسطير استراتيجيات مستقبلية للتكفل بكل شرائح المجتمع ابتداء من المولود الجديد ووصولا إلى الشيخ المسن؟
وقد دافعت السيدة سعيدة بن حبيلس، رئيسة الجمعية الجزائرية للتضامن مع الأسرة الريفية، عن السياسات التي انتهجتها الدولة للنهوض بالوضعية الاجتماعية للفرد الجزائري، مستندة على أرقام وحقائق من الواقع، ومؤكدة أن الجزائر استثمرت ما يزيد عن 17 مليار دولار خلال الأعوام الأخيرة فقط لتحقيق طفرة اجتماعية لائقة مشيدة بتحسن الظروف الاجتماعية للمواطنين الذين انتقل معدل عمرهم الى 76 سنة وهو ما يعكس تحسن التكفل الاجتماعي والصحي بهم، وهو معدل يتوافق والمستويات الأوروبية في حين لا يتجاوز معدل العمر لدى الأفارقة ال 50 عاما.
ولم تنف المتحدثة أن السياسات المنتهجة لم تحقق المطلوب بدليل استمرار معاناة المواطنين في قطاعات حيوية على غرار الصحة التي لا تزال بالنسبة لها جزءا من الرفاهية الاجتماعية التي يبقى الولوج إليها مرهونا بالوساطة والمعاناة وغيرها، وهو نفس الطرح الذي تطرق إليه خبير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، السيد بن بلة عمار، الذي استغرب تسجيل بلادنا وفاة 21 ألف طفل سنويا مع تسطير استراتيجيات ومخططات لحماية الأمومة والطفولة وبرصد مبالغ مالية خيالية للتكفل بهذا الجانب.
كذلك الشأن بالنسبة لقطاع التربية، فرغم مجانية التعليم وتعميمه على مناطق الوطن إلا أننا أمام ظاهرة غريبة وهي تغلب نسب تمدرس الفتيات بالمستويين المتوسط والثانوي على الذكور وهو ما يفتح المجال لطرح أكثر من سؤال عن الوجهة التي يتخذها الراسبون من الذكور، وهو التحدي الذي يجب أن تعالجه وتقف عنده الهيئات والوزارات المعنية والتي يجب أن تبني سياساتها وفق هذه التحديات وأخرى تتعلق بشريحة المسنين الذين ستنتقل نسبتهم الى أزيد من 15 بالمائة سنة 2020، إضافة إلى ارتفاع عدد المواليد الذين سيصل عددهم في آفاق 2016 إلى حدود المليون مولود في السنة.
وقد خلص الخبير إلى نتيجة تؤكد أن ما أنجز إلى حد الآن تم بطريقة غير متوازنة مناطقيا بدليل استمرار تسجيل وفيات الأطفال بعدد من ولايات الجنوب على خلاف الشمال، كما أن نسب النجاح في التعليم لا يزال يصنع الفرق بين ولايات وأخرى وهو ما يجب معالجته أيضا كذلك بالنسبة للشغل الذي وفر بالشمال أكثر منه بالجنوب، مضيفا أن الانطلاقة في مواجهة التحديات الاجتماعية في بلادنا كانت سليمة غداة الاستقلال غير أن تواصلها عرف تذبذبا.
المدير العام للمعهد الوطني للصحة العمومية، الدكتور محمد كلو، طالب بإحداث نقلة نوعية في معالجة التحديات الاجتماعية، خاصة ما تعلق منها بالصحة التي يرى أنها لب الوجود الإنساني، مشيرا إلى أنه على بلادنا أن تنتقل من استراتيجية معالجة الأمراض المعدية وبالتالي تجاوز مستويات التلقيح إلى استراتيجة التكفل بالأمراض المزمنة على غرار أمراض السرطان، السكري، الضغط وأمراض القلب وغيرها، معتبرا أن الجزائر اكتسبت خبرة في معالجة الأمراض المعدية وعليها اليوم أن تنتقل لتواجه وتتكفل بتحديات صحية أكثر تهديدا.
من جهته، طالب الخبير الاستشاري، الدكتور مكي عبد الحق، بضرورة التركيز على الطفل أولا لبناء مجتمع حضاري ومتقدم من خلال إيلاء الأهمية اللازمة لصحته وتعليمه وظروفه الاجتماعية، وهنا لا يجب أن نكتفي بالقرارات السياسية الخاصة به، بل تجب الاستعانة بالكفاءات والمبادرات الفردية التي تحمل حلولا ونتائج مشجعة، مضيفا أن الجزائر رفعت بالأمس العديد من التحديات التي لا يمكن إنكارها، لكن تحديات اليوم أكبر وعلى الأحزاب مثلا والمجتمع المدني أن تساهم في حلها وتركز عليها من خلال توجيه المواطن إليها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)