الجزائر

دور الأوقاف في التكافل الاجتماعي



تتكفل مصلحة الأوقاف بالشرائح الاجتماعية الفقيرة والمحرومة، إلى جانب نفقاته على المؤسسات الاجتماعية والخيرية المختلفة، إلى جانب الخيرين والمحسنين، من مختلف طبقات المجتمع التلمساني وأصنافه، الذين يعملون على زرع التكافل الاجتماعي والتضامن بين الناس، كما حثنا على ذلك الدين الإسلامي الحنيف(150).
تتلقى هذه المؤسسة الدعم المالي بالدرجة الأولى، من الدولة ومن الهيئات والأغنياء والمحسنين، ومن الأراضي الفلاحية الموقوفة والعقارات التابعة لها، تقدم خدماتها أيضا للمرضى والعجزة في البيمارستانات، وهي إحدى المؤسسات الخيرية، التي يقوم بتشييدها السلاطين والأمراء وأهل الخير، صدقة وحسبة للإنسانية وتخليدا لذاكرتهم(151)، وكان أبو حمو موسى الثاني، يهتم بالأرامل، والأيتام والمحتاجين والضعفاء والمساكين، وأهل السجون، ويقدم لهم الجرايات في المناسبات المختلفة ويستمع إلى مظالمهم وانشغالاتهم مرة في كل أسبوع(152).
وكان يبدل عناية خاصة بالطلبة، ويحبس عليهم الأوقاف ويقوم بكسوتهم وإطعام المحتاجين، في كثير من المناسبات(153)، وكان السلطان أبو الحسن المريني أيضا يعتني، بهذه الشريحة أثناء استيلائه على تلمسان ومكوثه بها، فقد وزع على فقراء تلمسان اثنى عشر ألف دينار واثنى عشر ألف كساء ومن الطعام مطامير، لا تعد ولا تحصى فضلا عن مكافأته للأعيان والفقراء والصلحاء، والكتاب وذوي الوجاهة من أهل تلمسان(154).
كما كانت له صدقات جارية، مستمرة على اليتامى ويجمع الصبيان للختان، في يوم عاشوراء ويكسوهم، ويقدم لهم بعض المال وما يكفيهم من اللحوم(155).
وقد اعتاد سلاطين بني زيان على الاهتمام بإنشاء الطرق للمارة، خاصة تلك التي تربط تلمسان بضواحيها وبالمدن المجاورة لها، ويؤهلونها بالسكان بعد أن يقطعوهم الاقطاعات على طول حافتيها- حتى يبيعوا للمسافرين المواد الغذائية وما يلزمهم من أدوات السفر(156).
وكانت مؤسسة الأوقاف تتكفل بالغرباء والضعفاء، وبدور الشيوخ والمسنين والعجزة، وتقدم لهم ما يحتاجونهم، من إيواء وكسوة وغذاء، وتقدم الجرايات والهيئات، والإعانات للفقراء، والمساكين، والمعوقين، والجذامى والمكفوفين، وتأخذ على عاتقها الديون التي تتراكم على الطبقات العاجزة عن دفعها، وعن المسجونين، وتمون المساجد والمدارس والزوايا(157)، بصفتها مؤسسات اجتماعية وثقافية. كما كانت تنشئ المرافق العامة، لصالح السكان كالسقايات العمومية في المدينة وفي خارجها، كالتي أنشئت في حي منشر الجلد، وسويقة اسماعيل في عهد السلطان أبي الحسن المريني وفي غيرها من أحياء تلمسان وساحاتها وضواحيها(158)، بالإضافة إلى ما يقدمه أهل الخير والإحسان من سكان تلمسان وأمرائها لهذه الشريحة المحرومة(159).
وإذا كان دور مؤسسة الأوقاف ينحصر في التكافل الاجتماعي والتضامن الإنساني، وعمل الخير بين الناس، وحماية الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمحرومة، فإن دور خطة الحسبة هو الحفاظ على النظام العام والآداب، وتوفير الطمأنينة للمواطن وحمايته، من الغش والتدليس والمنكرات ومن الشواذ والمنحرفين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)