الجزائر

خدمات متدنية... أوضاع كارثية والقطاع يدخل غرفة الإنعاش والسلطات نائمة



خدمات متدنية... أوضاع كارثية والقطاع يدخل غرفة الإنعاش والسلطات نائمة
يشهد القطاع الصحي بولاية المسيلة، كغيره من القطاعات الأخرى تذبذبا في الخدمات المقدمة وتدهورا كبيرا وعجزا تاما في التكفل بالمرضى من كافة النواحي والجوانب أبرزها تدني الخدمات المقدمة وتدهور الهياكل الموجودة، وعجزا في الطاقم الطبي خصوصا الأخصائيين وبقاء بعض الأجهزة باهظة الثمن من دون استغلال لغياب الطبيب المشغل، وقلة الأدوية وغياب النظافة وسوء الاستقبال والفوضى وغيرها من النقائص.وفي هذا الإطار حاولت "البلاد" تناول هذا القطاع الحساس خصوصا لدى الفئات الهشة في المجتمع من خلال عدد الهياكل ووضعيتها وكذا آراء المواطنين والمرضى من نوعية الخدمات والمشاكل التي يتخبط فيها القطاع، واختلالات المنظومة وغيرها.رغم وفرة الهياكل الصحية بالولاية.. تبقى الخدمات ناقصةعلى الرغم من أن الولاية تملك العديد من الهياكل الصحية، منها أربعة مستشفيات بكل من عاصمة الولاية "الزهراوي" وبوسعادة "رزيق البشير" وسيدي عيسى "كويسي بلعيش" وعين الملح، بينما تحصي ست مؤسسات عمومية استشفائية وعيادة واحدة للتوليد بعاصمة الولاية و202 قاعة علاج ومخبر للتحاليل الطبية و40 وحدة للكشف الصحي وأربع مصالح لمكافحة الأمراض الوبائية ملحقة لمعهد باستور لمكافحة الأمراض المتنقلة والمعدية، لكن الواقع يؤكد النقص التام للخدمات المقدمة ودليل ذلك تسجيل عدة وفيات بسبب اللسعات العقربية وإصابة المئات منذ بداية السنة الجارية حيث تصنف ولاية المسيلة في المراتب الأولى وطنيا بتسجيل أزيد من 5000 لسعة سنويا.نقص في اللقاحات وأجهزة معطلة.. والمريض يدفع الفاتورة..وحسب آخر التقارير التي تحصلنا عليها خصوصا الصادرة عن لجنة الصحة التابعة للمجلس الشعبي الولائي وبناء على عدة زيارات لأكثر من 26 بلدية، تبين تدني الخدمات الصحية المقدمة وعدم رضى لدى جميع فئات المجتمع بالإضافة الى تراجع الهياكل من حيث الإنارة ومرافق الاستقبال وأجهزة الإنذار والحماية وغياب أعمال الصيانة وهناك مستشفيات البناء الجاهز لها 30 سنة من الخدمة مع تدني في المستوى الخدماتي وسوء المعاملة والمحاباة والمحسوبية وغيرها، وسوء التغطية الصحية من حيث النظافة، وتعّطل بعض الأجهزة وعدم دخول البعض منها حيز الخدمة وتذبذب في اللقاحات والأدوية الاستعجالية وقلة وغياب الأطباء الأخصائيين وتعطل أجهزة الأشعة لغياب الصيانة ونقص في كمية ونوعية الكواشف المتوفرة والخاصة بتشغيل بعض الأجهزة الحساسة والتي تم اقتناؤها بأثمان خيالية لكنها لم تدخل الخدمة، ليبقى المرضى يدفعون فاتورة الإهمال واللامبالاة خصوصا في الفترات الليلية وغياب الأمن والاعتداءات اليومية المتكررة على المرضى والأطباء وحسب آخر الإحصائيات التي تؤكد وفاة 476 رضيعا ووفيات في صفوف النساء الحوامل نتيجة نزيف حاد نظرا للعجز في تأطير العيادات.انعدام المداومات الليلية في أغلب العيادات... واختلالات صارخة في الخريطة الصحيةالخريطة الصحية بالولاية هي الأخرى تعرف اختلالات كعدم ثبات التأطير الإداري وتسجيل حالات شغور لمنصب المدير والاعتماد على التسيير بالتكليف ونقص الأطباء العامين والأخصائيين وأعوان شبه الطبي وفي الأسلاك المشتركة وأعوان النظافة والأمن والحراس.كما أن نسبة معتبرة هي على وشك التقاعد الأمر الذي سيزيد القطاع تعقيدا ويحد من الخدمات التي هي في الأصل محدودة جدا، وإسناد مهام التصوير بالأشعة الى مساعدي التمريض وتسجيل عجز تام في تعميم نظام المداومة خاصة في الفترات الليلية على مستوى العيادات المتعددة الخدمات لقلة الطاقم البشري كما سبق ذكره، كما أن تجميد عملية التعاقد مع الأطباء الأخصائيين زادت من الأمر تعقيدا.مستشفى الزهراوي.... لا ماء ولا دواء، مراحيض مسدودة والحشرات رفيقكم الدائمحسب جولة تفقدية الى مستشفى الزهراوي، الذي يوجد في وضعية كارثية. المستشفى يسبح في مياه قذرة بسبب عدم ربط المراحيض بقنوات الصرف الصحي بعضها مسدود والمياه القذرة تتساقط فوق السطح، وكذا انتشار رهيب للحشرات الضارة التي احتلت الطاولات والجدران وأصبحت بمثابة المرافق الدائم للمريض ناهيك عن تآكل الجدران والأبواب خاصة تلك المصنوعة من مادة الألمنيوم، فضلا عن الرطوبة الزائدة والظاهرة للعيان وتحوّل إحدى ساحات المستشفى الى مقبرة للوسائل المستعملة والجديدة كالمركبات والأسرة والطاولات والخزائن وعدم تخصيص مكتب مستقل للطبيب الشرعي.علما أن مصلحة الاستعجالات تستقبل يوميا ما يناهز 400 مريض يشرف على علاجهم 4 أطباء و7 ممرضين، بالإضافة الى النقص الفادح في الأدوية التي يتم جلبها من ولاية بسكرة، كما يوجد جهاز السكانير خارج الخدمة منذ سنوات نتيجة انعدام المختص، ونقص المياه الصالحة للشرب والتي يتم بها تشغيل أجهزة تصفية الكلى، وهو ما أدى بأقارب المرضى الى تموين المصلحة بالمياه عن طريق الصهاريج ونقائص أخرى في مستشفى يعتبر الأحسن في الولاية ويقدم خدماته لحوالي نصف مليون نسمة... وهو الذي أكد بشأنه وزير الصحة السابق عبد العزيز زياري في سبتمبر 2013 أنه لو وجد مكان ينقل فيه المرضى لتم هدمه في تلك اللحظة.مستشفيات عمومية من العلاج... إلى ممر للعبور نحو الخواصومع دخول قطاع الصحة غرفة الإنعاش التي ظل يتواجد بها دون القيام بأي مبادرة من القائمين عليه للتخلص من المشاكل، تاركين المريض يعاني ويدفع الثمن، سواء تعلق الأمر بالنقص المسجل في الأطباء الأخصائيين أو الممرضين في المستشفيات الكبيرة في الولاية والمشاكل التي ظل ولا يزال يعاني منها إلى حد كتابة هذه الأسطر كالنقص الفادح في الطاقم الطبي المتخصص وهو ما كان وراء هجرة أغلب المرضى من المستشفيات العمومية والتي تحوّلت إلى نقطة عبور للمرضى وليس لعلاجهم.دون الحديث عما يعانيه القطاع ككل عبر بلديات الولاية 47 التي تتواجد بها العشرات من قاعات العلاج المغلقة وكذا سوء الاستقبال والخدمات المقدمة عبر مختلف الهياكل الصحية وهو ما كان وراء تسجيل غضب المواطنين والمرضى معا الذين كانوا في كل مرة يحتجون عن طريق غلق الهياكل الصحية من أجل لفت انتباه السلطات المختصة ممثلة في مديرية الصحة والسكان التي لم تحرك ساكنا غير إطلاق الوعود الواحدة تلو الأخرى.غياب تام لمراكز العلاج المتخصصة... ومعاناة المرضى تتضاعفكما أن انعدام مراكز متخصصة كمركز علاج مرضى السرطان الذين يعانون جرّاء تنقلهم إلى مختلف المستشفيات والمراكز المتخصصة من أجل العلاج والقيام بالعلاج الكميائي نحو الجزائر العاصمة، سطيف قسنطينة والبليدة، بل إن الغرابة الأكبر تكمن في أن ولاية المسيلة التي تبعد عن مدينة ورقلة بأزيد من 500 كلم هي تابعة لمركز علاج مرضى السرطان الواقع بهذه الأخيرة، وهو دليل قاطع على أن المشرفين على تسيير وزارة الصحة لا يعرفون موقع تواجد المسيلة وإلا كيف نفسر إلحاقها بمركز سرطان يبعدها بمئات الكيلومترات.غياب التجهيز يُبقي عدة مستشفيات خارج الخدمة والسلطات تتجاهل الوضعأما فيما يخص المشاريع الخاصة بالقطاع فإن ما تم تسجيله خلال السنوات الفارطة وإلى حد الآن هوإنجاز مشاريع كبرى لكنها لم تدخل حيز الخدمة وعلى رأسها المستشفيات الجديدة سعة 60 سرير بكل من بلدية بن سرور ومقرة انتهت بهما الأشغال منذ شهور لكنهما لا يزالان خارج الخدمة بسبب التأخر في التجهيز لأسباب مجهولة وهو ما زاد من معاناة سكان البلديتين وما جاورهما، شأنهما شأن مستشفى الأمراض العقلية ببلدية أولاد منصور وعدم فتح قاعات العلاج التي تم تهيئتها وعدم تسجيل مشاريع جديدة للولاية هي في أمس الحاجة إليها كمستشفى جديد وعيادة للتوليد بمدينة المسيلة، باعتبار أن المستشفى الحالي مرت على إنجازه سنوات طويلة وأضحى غير قادر على ضمان التغطية الصحية في ظل الارتفاع الكبير لسكان الولاية ككل.الشيء نفسه لبعض المشاريع على غرار مستشفى 60 سريرا بحمام الضلعة الذي انطلق مشروع إنجازه مطلع جانفي من العام الجاري ومستشفى بسعة 240 سريرا بسيدي عيسى لم ينطلق رغم تسجيلها منذ سنوات واختيار القطع الأرضية والقيام بكافة الإجراءات الإدارية، وهو الأمر ذاته بمستشفى 240 سريرا الذي استفادت منه عاصمة الحضنة في ختام زيارة وزير الصحة السابق والذي لم ينطلق بعد.قلة الأطباء الأخصائيين تؤّرق السلطات.. وتضاعف من معاناة المرضىأما الطاقم الحالي العامل بالولاية يوجد 381 طبيبا عاما في القطاع العمومي و212 في القطاع الخاص و194 طبيبا أخصائيا منهم 122 يعملون في القطاع الخاص، أما جراحة الأسنان فيوجد 84 في القطاع العمومي و116 في القطاع الخاص، والصيادلة 10 لدى القطاع العمومي و244 من الخواص بينما الوكالات الصيدلانية العمومية توجد 27 وكالة. أما شبه الطبي فيشتغل بالقطاع العمومي 2469 و90 لدى القطاع الخاص.وحسب المعطيات المستقاة من مديرية الصحة بالولاية فإن العجز المسجل في الأطباء الأخصائيين يفوق 47 منصبا والتي تعود الى تفضيل الأطباء عدم العمل بالولاية لعدم توّفر الإمكانيات والتحفيزات وظروف العمل المريحة.كلية للطب ومستشفى جامعي... حلم ولاية مليونيةيطالب سكان الولاية مدير القطاع بالسعي لتحقيق مشروع الحلم الذي ينادي به السكان والمتعلق باستفادتهم من كلية للطب ومستشفى جامعي، خاصة أن هذا الأخير سيساهم بشكل كبير في إنعاش المنظومة الصحية بالولاية التي تتوّفر على كل المقاييس والمعايير المسموح بها لتدريس الطب في الجامعة واستفادتها من مستشفى جامعي خاصة أن 13 برفيسوراً سبق لهم أن أعطوا موافقتهم لتدريس الطب بعاصمة الحضنة. بالإضافة إلى مراجعة الخريطة الصحية عبر الولاية والتي تضاف إلى نقائص وانشغالات أخرى على طاولة مكتب المدير الذي علّق عليه سكان الولاية آمالا كبيرة لإخراج القطاع من غرفة الإنعاش، إلا أنه لاشيء تحقق على أرض الواقع وكذا مطالبة الوزير عبد المالك بوضياف ببرمجة زيارات فجائية للولاية للوقوف بنفسه على حجم الكارثة التي يوجد بها أهم قطاع في حياة السكان وليس الإعتماد فقط على التقارير التي تصله الى مكتبه.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)