الجزائر

خبراء : الإعلام المصري خاضع للهيمنة السياسية.. والمهنية في غيبوبة



حسن عماد مكاوي: الهيئة العامة للاستثمار أفسدت الإعلام .أحمد زارع: الإعلام شوه الحقيقة وبث الأكاذيب .. واغلب الإعلاميين لا يخدمون الوطن .
رفعت البدري: علماء الإعلام والاتصال، يؤكدون أنه ليس هناك ما يسمى بالحياد الإعلامي .
علي المكاوي: المناخ الإعلامي يخدم أصحاب المصالح الخاصة، ويدعم الأجندات السياسية المدفوعة الأجر .
مجدي الجلاد وتوفيق عكاشة يقدمان مضامين وقحة ومشوهة .
من شبكة محيط
يشهد الإعلام المصري المعاصر، حالة من الترهل الرث الذي لم يعد يُحتمل، فالمرحلة الانتقالية التي لا نزال نعايش آثارها حتى الآن، تكشف ببراعة عن فساد إعلامي منقطع النظير، أسوأ بكثير من إعلام نظام المخلوع حسني مبارك نفسه، فإن كان إعلام المخلوع مشوَهاً، فإعلام ما بعد الثورة هو إعلام مضلل يستهدف الفساد والإفساد وإشاعة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد وهذا ما تجلى عياناً بعد عزل الدكتور محمد مرسي.
فتوجيه إرادة الجماهير ليست بالشيء السهل، وهي مسألة تحتاج لإيديولوجيا تكتيكية، وخطط موجهة ومكثفة لتؤتى أكلها فيما بعد، لقد دأبت وسائل الإعلام بعد الثورة على كل ما هو جديد من تزييف للحقائق وتضليل للإرادات لصالح أصحاب المصالح وفلول النظام البائد، بل وتجاوزته للتحريض الواضح والصريح.
وقد تمكنت وسائل الإعلام الممنهجة ببراعة من مغازلة مشاعر المواطن المصري البسيط، الذي لا يجد طريقاً آخر لنهل معلوماته سوى هذه الشاشة التي أضحت قاتلة بما تحويه من سموم، فمارسوا ثقافة التخويف والفبركات الإخبارية، والكذب الحر، والشائعات المسيئة، فضلاً عن تضخيم حالة الفوضى، ولم يتوقف مسلسل الدراما المرعبة عند هذا الحد، بل انتقل لمستوى أعلى تمثل في سياسة "فرق تَسد"، واللعب على وتر التقسيمات والتصنيفات، فهذا علماني، وهذا إخواني، وذاك سلفي، وتمكنوا بالفعل من النجاح في بث روح الفرقة بين نسيج الوطن الواحد.
وسرعان ما دأب الإعلام بعد سياسة التفرقة هذه، وبعد وصول التيار الإسلامي للحكم في العام الماضي، في خلق مصطلحات جديدة تعزف على تيمة واحدة، وهي التشويه لا غير ك"سياسة التكويش" و"التيار الإسلامي المتشدد" و"التيار المدني المعتدل" و"ديكتاتورية الأغلبية" وغيرها الكثير بهدف زيادة الهوة وتعميق الخلاف والإنقسام حتى بعد عزل الدكتور محمد مرسي.
ويتسم المشهد الإعلامي الحالي، بظهور عدد لا نهائي من القنوات الفضائية والصحف منها ما ينتمي للثورة، وأخرى تنتهج اتجاهات دينية حزبية فضلاً عن الافتقاد الشديد للتنوع، حيث كثرة البرامج الحوارية والتوك شو بشكل مبالغ فيه، ولا ننسى رجوع الإعلاميين المتحولين وفلول الإعلام بقوة، فضلاً عن سياسية التهييج والنفاق، بهدف استقطاب شرائح معينة دون أخرى، والانتقائية في عرض وجهات النظر، والتحيز الواضح، وتدويل الأخبار المغلوطة، وافتقاد المصداقية، وفوق كل هذا غياب واضح للرقابة وآليات المحاسبة والمراجعة الإعلامية.
ولكي تنجح مخططات الجهاز الإعلامي في مهمة التدجين والتسطيح والهيمنة لا بد من وجود آليات تعمل على مستويات عديدة في سبيل تسهيل المهمة، وتستخدم آليات تنخر في جسد الوطن الثقافي لتزيد انحطاطه أخلاقياً ودينياً وسياسياً .وقد التقت شبكة الإعلام العربية محيط عددا من الخبراء وشيوخ مهنة الإعلام وعلماء الاجتماع للتعرف على آليات عمل هذه القنوات، وعلى الطريقة التي يتم بها منح القنوات تصاريح مزاولة أعمالها، ومدى أثر الإعلام المشوه على المتلقي نسأل في هذا خبراء الإعلام والاجتماع.
فلترة وتنقيح
بداية يقول الدكتور حسن عماد مكاوي -عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة- إن المناخ الإعلامي المصري بات بحاجة ملحة إلى التنقية والفلترة، خاصة مع انتشار الشتائم، والألفاظ الخارجة بكثير من الأعمال الدرامية خاصة في شهر رمضان الكريم، وهو ما يؤثر بالسلب على الأجيال الناشئة نتيجة لتأثير الإعلام التراكمي عبر السنين على عقول المتلقين والمتابعين .
العامة للاستثمار السبب
وأرجع مكاوي، باللائمة على الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، التي لا تشترط ضوابط تتعلق بالحفاظ على الثوابت المجتمعية والسلم الاجتماعي وما أسماه "سلامة الأفكار من الشوائب"، مشيرًا إلى أن هيئة الاستثمار لا يعنيها سوى سداد الرسوم وأن يكون لصاحب الترخيص المقدم أوراق تفيد بترخيص شركة.
لبنان نجحت
وقارن الخبير الإعلامي، بين مصر ولبنان في مجال اصدار تراخيص القنوات الفضائية، مشيرا الى أن لبنان لا تسمح للفرد بتملك أكثر من 10 % من أسهم القناة الواحدة، ولا تسمح بتملك شخص واحد لأكثر من قناة، بهدف توسيع الملكية ومنع الاحتكار، فيما تشهد مصر جروبات للقنوات مملوكة لرجال الأعمال وأصحاب الأجندات الخاصة، من امثال باقات النهار، والحياة، والمحور، و CBC ودريم وغيرها الكثير.
وأقترح، وجود رقابة حكومية عن طريق تشكيل لجان خبراء من اساتذة الجامعات في مجالات الإعلام، والاجتماع، والسياسة، والاقتصاد، لبحث جدوى وتأثير وطلبات تأسيس القنوات الفضائية، بعدما أصبحت مصر مرتعاً للقنوات الفضائية، وطغى منها الغث على الثمين، شريطة ألا ينتمي هؤلاء الخبراء إلى حزب ما، ويعين تلك اللجنة رئيس الجمهورية، ولمدة خمس سنوات لا يتم خلالها عزلهم أو التدخل في قراراتهم، على أن يكونوا شخصيات متفق عليها من الجميع.
إعلاميون لا يخدمون الوطن
وفي السياق ذاته يقول الدكتور أحمد زارع -أستاذ الرأي العام بجامعة الأزهر وعميد كلية الإعلام والفنون بجامعة الأقصى سابقاً- إن أغلب من يعملون في الحقل الإعلامي الآن لا يخدمون الوطن، نتيجة ما يقدمونه من مناخ مغلوط وموجه، بشكل يُخدّم على أجندات خاصة، ويُدخل الثورة في منعطف أشد خطورة مما هي فيه، خاصة أن التأثير الإعلامي يعتمد على تضخيم الأشياء البسيطة، فيما يسفه من الأمور التي تستحق إبرازها كالقضايا الداخلية في مصر، وصراعات الأمة العربية والإسلامية والأخطار المحدقة بنا.
الرئيس المنتخب والإعلام
وأوضح، أن الإعلام يعمل في مهمته الحالية على نشر الأكاذيب، وترويج المفاهيم الخاطئة، ونسج الأوهام السياسية والاجتماعية وبث الأفكار المغلوطة والنمطية، حتى أصبحت الصورة الإعلامية قاتمة لدى الكثيرين ولم يعد الإعلام المصري ذو مصداقية ، لذلك فالإعلام في مجمله هادم للأخلاق الحميدة ويحض على الرذيلة وانتشار التغييب الاجتماعي ومحاصرة التوجهات السياسية البناءة، ويعمل كذلك على تقويض منجزات الصورة التي أتت بأول رئيس منتخب بإرادة المصريين دون تزوير، ويحاول الترويج الآن بعد عزله بأن هذا الأمر امتداد للثورة .
البناء المعرفي
ويقول الدكتور رفعت البدري -أستاذ الإعلام بكلية الآداب جامعة المنوفية- تلعب وسائل الإعلام دوراً جوهرياً في صياغة آليات تفكير المجتمع بأكمله، وتعد سواء المرئية منها، أو المسموعة، أو المطبوعة، من أبرز الأدوات التي تشكل البناء المعرفي للفرد، وأحد أهم الوسائل التي تكون أرائه المستقبلية وتحدد مساراته وأنماط سلوكه.وقد تتجاوز خطورة الإعلام هذه الحدود لتكون قادرة على نشر نمط سلوكي وثقافي وسياسي أوحتى أخلاقي معين دون غيره وهنا تكمن الكارثة.
لا حياد إعلامي
وأضاف، نفتقد فكرة أن وسائل الإعلام دائماً ما تكون إيجابية مصداقيتها عند إصطدامها بالواقع، فعدد كبير من علماء الإعلام والاتصال، يؤكدون أنه ليس هناك ما يسمى بالحياد الإعلامي، وأن أنظمة الدول السياسية تسعى للهيمنة على وسائل الإعلام، من أجل تثبيت النظام القائم، ليصبح بهذا الإعلام إعلاماً مشوها يهدف لخلق حالة من الإنقسام بين أفراد الشعب تجاه قضايا بعينها.
توجيه بغير تفكير
وقد أكد عالم الاتصال والإعلام والتر ليبمان أن وسائل الإعلام فاشلة في توجيه الجماهير لطريقة تفكير، ولكنها ناجحة وببراعة في تحديد ما يجب أن يفكروا فيه دون غيره، وهذا هو الأشد فتكاً خاصة في المجتمعات التي تعتمد على التلفاز كمصدر أساسي لنهل المعلومات دون القراءة والإطلاع.
وأشار إلى أن الإعلام في صورته الايجابية تقتصر أدواره على تثقيف وتوعية المواطنين والكشف عن الفساد وضمان حريات الإبداع والتعبير وتقديم نموذج إيجابي في كافة المجالات وتبني أفاكر إجتماعية وأخلاقية بناءة فضلاً عن الحفاظ على استقلالية وسائل الاعلام وحيادها، إلا أن الصورة ليست بهذا الإشراق والمثالية خاصة في ظل نظم ديكتاتورية لم تتنفس نسائم الحرية إلا قريباً.
الجلاد وعكاشة
وقال الدكتور على المكاوي -أستاذ ورئيس قسم الاجتماع كلية الاداب ورئيس مركز البحوث الاجتماعية بجامعة القاهرة- إن المناخ الإعلامي سبب كل الفساد المجتمعي، والسياسي، والاقتصادي، كما أن المناخ الإعلامي يشهد افتتاح قناة جديدة كل أسبوع، وهو ما يروج لأفكار ومكاسب رجالات الاعمال اصحاب المصالح الخاصة، والاجندات السياسية المدفوعة الاجر، مشيرا الى أن فساد مصر يكمن في النخبة الضالة المضللة والقنوات الفضائيىة الاكثر تضليلاً لان لهم مفعول السحر من أمثال توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين.
وأضاف، عرض 82 مسلسل خلال شهر رمضان المبارك، وهو ما يعد اسفافا واهدارا للوقت والطاقات الانتاجية للدولة من الناحية الخاصة بتعطيل الطاقات الانتاجية والمالية التي تنفق على انتاج تلك الاعمال الدرامية المتشابهة.
رياء وعمالة وكذب
وشن الخبير الاجتماعي، هجوما حادا على الوسط الإعلامي في مصر، قائلاً "المناخ الإعلامي المصري المقروء والمسموع والمرئي منه غير موجود مثيل له في اسرائيل قدر وضاعته وابتذاله وانحداره، مشيرًا إلى وجود العديد من الامثلة الاعلامية التي تتصف بالوقاحة في أداء رسالتها الاعلامية ومنهم مجدي الجلاد الذي يقدم مضامين سطحية وممجوجة ومنتحلة، لذلك هناك ضرورة لخلق الإعلام الهادف الذي سيساهم في تطهير المناخ الإعلامي من الرياء والعمالة والكذب الممنهج بعدما انصرف الإعلام والإعلاميين وحتى المضامين الفنية في الأعمال الدرامية والسينمائية عن احترام عقلية المشاهد المصري.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)