الجزائر

خالف، ياسمين، أماني وأحلام ..نماذج ناجحة



نادي «أوزون».. فضاء علمي لتشجيع بحوث الطلبة
أكثر من 100 منخرط منهم 90 ٪ من كلية الكيمياء
نقص الإمكانيات أوقف بعض المشاريع
شكلت النوادي العلمية بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا وعلى رأسها نادي «أوزون ozone» الفضاء أو المحيط الملائم لتطوير بحوث الطلبة وتحويلها إلى منتوج إقتصادي يفيد البيئة بالدرجة الأولى، خالف، ياسمين، أماني هبة الله ونور أحلام، هم أنموذج لطلبة كلية الكيمياء الذين نجحوا خلال فترة كوفيد_19 في تحويل أفكارهم إلى مشاريع مصغرة تحافظ على البيئة تستحق التشجيع والدعم لتجسيدها ميدانيا رغم قلة الإمكانيات.
وضعت الحكومة نظرة استشرافية لتطوير اقتصاد المعرفة المرتكز على التكنولوجيات الحديثة خاصة الرقمية لتلبية حاجيات الاقتصاد الوطني، حيث حرص رئيس الجمهورية على تعزيز البحث العلمي والتكنولوجي ودعم التعاون بين الجامعات ومراكز البحوث، وكذا المؤسسات الإقتصادية مع تعزيز روح المبادرة لدى الشباب في إطار المقاولاتية، وأولى إهتماما بالغا بالحظائر التكنولوجية وأقطاب الإمتياز، وجسّد الإرادة السياسية عبر استحداث وزارة منتدبة مكلفة باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة.
في هذا الصدد، ترجمت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي برنامج الحكومة عبر تنصيب المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات، وإعداد نص قانوني لاستكمال إعداد القانون التوجيهي للقطاع يهدف إلى تعزيز التثمين الاقتصادي لنشاط البحث العلمي والتطوير التكنولوجي.
هذا المسعى انخرطت فيه جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجية، منذ تأسيسها وعززته في السنوات الأخيرة مع توفر الإرادة السياسية لتشجيع الشباب حاملي المشاريع والابتكارات على دخول عالم المقاولاتية، وتحويل الأفكار إلى منتجات مصنعة تلبي الإحتياجات الوطنية، وتتكيف مع الاقتصاد العالمي كخطوة أولى لمنافسة المنتوجات الأجنبية المتداولة.

حلول اقتصادية بإمكانيات بسيطة

تنقلت «الشعب ويكاند» إلى جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، بباب الزوار، بمناسبة يوم العلم للإطلاع عن قرب على مشاريع الطلبة التي تفيد الإقتصاد الوطني، خاصة وأن هذه الجامعة هي الوحيدة على مستوى القطر الوطني التي تتوفر على نوادي علمية تستقطب الطلبة المبدعين ذوي الابتكارات العلمية، حيث أن الكثير منهم سافروا للخارج ونجحوا في إنشاء مؤسسات وإبتكار أجهزة بالبلدان الأوروبية، فجامعة باب الزوار أضحت مدينة للإبداع لتوفرها على كفاءات شابة تحتاج لمساعدة لتطوير بحوثها المندرجة في إطار اقتصاد المعرفة.
يعتبر نادي «أوزون» من بين النوادي العلمية الذي تأسس في 14 جويلية 1996 يجمع أكثر من 100 طالب طموح لإختراع مشاريع مصغرة وحلول إقتصادية، هدفه توفير مناخ للإبداع والابتكار وتلاقح أفكار طلبة باب الزوار من مختلف التخصصات العلمية، حيث يمنح لهم فرصة ليكونوا مهنيين في مجال البحث وبالتحديد في مجال الكيمياء بعد تخرجهم من الجامعة.
خالف مزي، طالب سنة ثانية ليسانس بكلية الكيمياء من بين المنخرطين حديثا في النادي أي منذ أربعة أشهر، تمكن رفقة زملائه في النادي من تحويل الأفكار العلمية إلى مشاريع ميدانية، حيث استغل فترة كوفيد_19 لتجسيد هذه المشاريع، يقول خالف أنه بفضل انخراطه في هذا النادي الذي منح له الفرصة كبقية الطلبة إستطاع الخروج من النمط العادي للطالب، وهو الدراسة وإجراء الامتحانات والعودة للمنزل دون القيام بأي شيء أخر، بل أصبح يفكر في حلول علمية تفيد المجتمع.
يشير خالف أنه سنويا الحدث الأساسي لنادي أوزون هو تنظيم أبواب مفتوحة لإستقبال منخرطين جدد، حيث استقبل النادي هذا العام أكثر من 200 طلب للإنخراط، وهناك فريق يتكفل بمعالجة الملفات، ويشكل طلبة كلية الكيمياء 90 ٪ من المنخرطين علاوة على اختصاصات أخرى يمكنها تكملة اختصاص الكيمياء مثل الفيزياء والإعلام الآلي وغيرها من التخصصات العلمية.
يضيف خالف أن هدف النادي هو جعل المشروع ذي فائدة، وتمكين كل طالب من التعبير عن المشروع الذي يؤمن به، ويشير إلى أن المنخرطين القدماء في النادي والذي هاجروا إلى الخارج ما يزالون على إتصال مع نادي أوزون، ويقدمون تجربتهم بتلك البلدان للطلبة المنخرطين حديثا.
ويقول: «أول لقاء لي مع أحد قدماء النادي في عام 2000، كان خلال الأبواب المفتوحة التي شاركت فيها لأول مرة وهذا شرف لي، نادي أوزون مؤسس على قيم إنسانية وفضاء لتجسيد أفكارنا ميدانيا».
يأمل محدثنا أن يحظى بالدعم من طرف المؤسسات الإقتصادية كي يبدعوا أكثر في مشاريع أكبر، لأن نقص الإمكانيات أوقفت بعض المشاريع، في هذا الشأن يشيد الطالب بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، كونها الوحيدة التي تتوفر على نوادي علمية على خلاف بقية جامعات الوطن، وهذه ميزة تستحق الإشادة.
يضيف: «نادي أوزون وفر لنا بيئة للإبداع، نجاحه مرتبط بنجاح أعضائه، هدفنا تشجيع الفكر العلمي لإيجاد حلول جادة للعديد من المشاكل، بالنسبة لي الدعم المعنوي الأهم».
من جهتها، توضح ياسمين حاجي مسؤولة عن مجموعة طلبة ماستر 02 في شعبة الكيمياء التحليلية، أنهم يتقاسمون المهام ويترك المجال للمنخرطين الجدد ودعمهم للإندماج في الميدان المهني.
تقول بن صحرة نور أحلام، طالبة هي الأخرى بكلية الكيمياء، أن الكثير من الأشخاص لديهم معلومات سطحية على أن تخصص الكيمياء مجرد مواد كيمياوية خطيرة، في حين أن هذا التخصص مرتبط بالبيئة والمطبخ، انطلاقا من مواد طبيعية.
تضيف: «تعلمنا من نادي أوزون كيف نستغل نواة التمر في صناعة القهوة ومقشر للوجه، شوكولاطة عوض رمي هذه النواة، عندما أجرينا بحوثا مخبرية وجدنا أنه يحتوي على فيتامين E والزيوت المرطبة».
في هذا الصدد، تحدثنا أحلام عن مشروعها المتمثل في استخراج سكر طبيعي يفيد الجسم خاصة بالنسبة لمرضى الكبد من نواة حبة التمر، وكذا بن القهوة وشوكولاتة أطلقت عليها إسم «داتيلا» ذات ذوق رائع، إضافة إلى مشروع يحافظ على البيئة وهو صنع أكياس بيو بلاستيك تتحلل في الطبيعة خلال أشهر، حيث استخرجت مادة لاميدو المتواجدة في البطاطا والنشاء وقشور الجمبري لصنع هذه الأكياس، وقد نال هذا المشروع جائزة أفضل إختراع من طرف المدرسة الوطنية المتعددة التقنيات في مارس المنصرم.
تشير الطالبة أنهم إستغلوا الأزمة الصحية في إختراع أمور مفيدة، كما أطلقوا قناة يوتيوب بهدف تعميم الكيمياء العلمية حول كيفية إستخدام عدة أشياء، في المقابل استفاد بعض الطلبة من تكوين حول كيفية تحويل الأفكار إلى مشاريع ميدانية يشرف عليها أستاذ.

صناعة منظف طبيعي بيئي

بلقاسم أماني هبة الله، طالبة سنة ثالثة في تخصص الكيمياء الأساسية، من بين الطلبة الذين نجحوا خلال جائحة كورونا في إختراع منظف طبيعي لا يضر بصحة الإنسان والبيئة وأيضا إقتصادي غير مكلف، بإستخدام بذور الحمضيات، حيث نالت عام 2019 على جائزة أفضل إبتكار.
تقول أماني: «في حياتنا اليومية نستخدم المنتوجات الصناعية الغنية بالمواد الكيمياوية والخطيرة، بما أننا نادي علمي قمنا ببحوث على بذور البرتقال وقشور الليمون واستخلاص مواد لإنتاج منظف طبيعي وذلك بإضافة الخل الأبيض، لأنه قليل التركيز ورائحته عطرة لا تضر».
توضح محدثتنا أن قشور ونواة الحمضيات تحتوي على فيتامين A, B, C يمكنها إزالة الميكروبات، علاوة على أن المنظف لا يؤذي الأشخاص المصابين بالحساسية، وهو فعال، بيئي وإقتصادي.
وتضيف أن لديها مشروع آخر وهو صناعة صابون لغسل اليدين، خاصة وأننا في فترة كوفيد_19 كنا نستخدم كثيرا المواد المنظفة، حيث قامت بإسترجاع الزيوت النباتية المستعملة في المطاعم عوض رميها، لكن هذا المشروع يحتاج لتحسين أكثر كي يحافظ الصابون على صلابته لأشهر ولا يذوب في مدة وجيزة.
تشير الطالبة إلى أن هناك مشاريع تستعمل فيها مواد لا يمكنهم شراءها، لأنها مكلفة جدا وفي نفس الوقت خطيرة، وأحيانا تكون غير متوفرة، وتؤكد أن لديهم قائمة من المواد تسلم لإدارة كلية الكيمياء، هذه الأخيرة تزودهم بها عدى ذلك فليست لديهم مساعدة من أي مؤسسة.
في المقابل تحدثنا أماني عن إبتكار قامت به زميلتها نور شيبان وهو صناعة الورق من قشور «تيشواوا» الشائعة عندنا والتي يتناولها الصغير والكبير، حيث نال إعجاب سفير دولة لبنان بالجزائر حين زار جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا خلال الأبواب المفتوحة التي نظمتها رئاسة الجامعة، وقد تحصل هذا المشروع على جائزة.
توضح أنه بعد دراسة قامت بها نور شيبان، اكتشفت وجود مادة السليلوز الأساسية في صناعة الورق.
لم تقتصر نشاطات أعضاء نادي أوزون على إبتكار مشاريع صغيرة مفيدة للبيئة، فقد شاركوا في عمليات تشجير داخل الجامعة لترسيخ هذه الثقافة، وقاموا منذ أسبوع بعملية تنظيف ورفع النفايات، حيث تحصلوا على الجائزة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)