الجزائر

خاشقجي.. المأساة والمساومة !



عشرة أيام بعد اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي والمعلومات ما زالت تتدفق، المحققون الأتراك، والمخابرات التركية تتقاسم ما توفر لديها من معلومات مع أجهزة مخابرات غربية، لكن لا وجود لإعلان رسمي تركي عن تلك المعلومات، أو حتى عن المسار الذي يأخذه التحقيق.
يبدو أن المسألة كلها تسير ضمن تسويات سياسية إقليمية ودولية على أعلى مستوى، كل ما يمكن استنتاجه اليوم هو الإجماع على مقتل الصحافي المختفي، ومع مرور الوقت يتم تطعيم المعلومات بتفاصيل أخرى مثل المعلومة التي نشرتها جريدة واشنطن بوست الأمريكية والتي تفيد بأن المخابرات التركية أطلعت نظيرتها الأمريكية على تسجيل بالصوت والصورة يوثق ما جرى لخاشقجي داخل مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول.
الباحث الأمريكي سايمون هندرسون، والذي يعد من كبار المختصين في الشأن السعودي، قال في مقال نشره قبل أربعة أيام "قد يكون هذا أسبوعاً مضطرباً بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة وبعض دول الشرق الأوسط. نحتفظ ببعض الأمل بظهور خاشقجي، في مكان ما، على قيد الحياة وبصحة جيدة. ولكن لا تعولوا على ذلك" وحتى الإشارة إلى أن الفريق السعودي الذي تواجد في اسطنبول عندما تواجد خاشقجي في القنصلية تضمنت تفصيلا لا يمكن إغفاله وهو أن الطائرتين اللتين أقلتا هؤلاء عادتا إلى القاهرة ودبي، وحسب هندرسون فإن الإمارات ومصر أيضا منافستان إقليميتان لتركيا. وإذا كانت هذه التفاصيل لرحلتي الطيران صحيحة، يمكن للأزمة الدبلوماسية أن تكتسب أبعاداً أكبر.
هناك حرب خفية تدور حول دم جمال خاشقجي، وفي هذه الحرب كل شيء يبدو مباحا، وفيها تتوارى قيم حقوق الإنسان وحرية الصحافة خلف مصالح هائلة وصراعات دولية معقدة، وفي هذه الحرب تتحول التفاصيل الإنسانية في هذه المأساة إلى وقود لمعركة شرسة ليست القيم في محورها.
هذه القضية قد تطوى بتسوية وقد لا يفضي ذلك بالضرورة إلى ظهور الحقيقة، ولعل أولى الثمار كانت فك عقدة القس الأمريكي الذي أطلق سراحه أمس بعد أن بقي سجينا لسنتين وكانت قضيته سببا في تدهور العلاقة بين واشنطن وأنقرة، فالذين يتقاسمون المعلومات عن قضية خاشقجي يعرفون قيمة ما بين أيديهم ويسعون إلى استثمارها بما يخدم مصالحهم التي تتجاوز بكثير مجرد الحصول على ثناء المدافعين عن حقوق الإنسان.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)