الجزائر

حينما تتحول "أشياء ما" إلى تحف مميزة



في عالم الفنانة نور اليقين طيب الزغيمي، لا شيء يُرمى؛ فهي من عشاق فن تدوير الأشياء أو إعادة استخدامها بشكل مختلف، لتكون النتيجة تحفا فنية مختلفة، عرضتها بمدرسة الفنون "كريشاندو" بالبليدة، مؤخرا. "مساري" هو عنوان المعرض الثاني للفنانة الشابة نور اليقين الزغيمي بمدرسة الفنون "كريشاندو"، بعد المعرض الذي نظمته السنة الماضية، وشمل محطات من مسيرتها الفنية منذ الطفولة إلى غاية تنظيم الحدث.نور اليقين عبّرت من خلال تحفها متنوعة المواضيع والمواد المصنّعة بها وكذا الوسائط الحاضنة لها، عن إنسانيتها بالدرجة الأولى؛ فهي لا ترى الحياة بعين مجردة، بل بقلب مفعم بالإنسانية، حيث تتقاسم من خلال فنها، الخبرات في الحياة والمسرات والأحزان أيضا، مؤكدة أن الفنان كائن متميز بحسه الرهيف ودقة ملاحظاته، علاوة على رؤيته الأمور بشكل مختلف عن الآخرين، حيث يمكنه أن يتأثر بأمر قد يراه الأغلبية عاديا جدا أو حتى لا يرونه أصلا. الإنسان أيضا، حسب نور اليقين، هو الذي يهتم بالبيئة. وفي هذا أيضا تخصصت الفنانة في صنع تحف من فن تدوير الأشياء "روسيكلاج"، حتى إن والدتها لا يمكنها أن ترمي شيئا؛ لأن نور اليقين يمكن أن تحوله إلى تحفة. وبالمقابل، رفضت الفنانة أن تحصر إبداعها في لوحات، فقررت الخروج من هذا التقليد، ووضع رسوماتها على وسائط أخرى، مثل الآلات الموسيقية كالقنبري والبندير والإيمزاد والقيتار، وكذا على الصحون والأصائص وغيرها.
وفي هذا قالت نور اليقين ل "المساء" إنها أبرزت في الطبعة الثانية لمعرضها "مساري"، تنوع تحفها التي تنتمي إلى علامتها التجارية "نوغيزم"، والتي أطلقتها الصيف الماضي، وشملت مجموعة من القمصان المستوحاة من سلسلتها الأخيرة "ذولاين"، التي تعبر من خلالها عن فنها عبر وسائط مختلفة، مثل الملابس والأكسسوارات والآلات الموسيقية. كما تمثل "نوغيزم" الجزء الأول من معرضها هذا، الذي اختارت أن يكون من الفن التركيبي، ويضم العديد من التحف، ومن بينها ثريا تحمل تحفا من حجارة، وأسطوانات، وقطع خشبية وغيرها، مزينة ومرسومة بتوقيع نور اليقين. المحطة الثانية من معرض نور حملت عنوان "الفرح"، وتضم أربع لوحات في الفن التجريدي، قالت نور إنها لأول مرة ترسم بهذه التقنية رغم أنها لم تبتعد كثيرا عن الفن الفطري والفن السريالي، اللذين تحبهما، مضيفة أنها رسمت في أربع لوحاتها فرحها، خاصة أنها تمر بلحظات جميلة في حياتها، إلا أنها ارتأت أن تكون لوحة من لوحاتها مختلفة عن الأخريات؛ لأنها، دائما، تبتغي أن يكون عملا من عملها منفردا عن أقرانه. وتابعت: "أنا لا أحب الفن الواقعي؛ لأنني أعشق الخيال، وأعتبر الفن نافذة، أهرب منها إلى عالم أصنعه أنا".
وننتقل إلى المحطة الثالثة والأخيرة من معرض نور اليقين، والتي جاءت بصبغة الفن التركيبي تحت عنوان "الفراغ"، وهو عبارة عن لوحات صنعتها من علب الأجبان، ووضعت فيها رسومات وملصقات، دائما مع تقنية "روسيكلاج" التي تعتمدها الفنانة العصامية في أكثر من مرة. وعلى جنب هذه اللوحات الصغيرة وضعت نور لوحات أخرى تحمل قصاصات من أوراق الكتب، وفي داخلها رسومات تجريدية سريالية، لتمزج، بذلك، بين الفن المعاصر والتراث. وأوضحت نور اليقين ل "المساء" تعلّقها ب "الروسيكلاج"، الذي برزت ملامحه في بداياتها في الرسم، إذ لم تكن لديها إمكانيات للرسم على اللوحات، فرسمت على الخشب والأوراق والبلاستيك وغيرها، وتمكنت من وضع بصمتها الفنية. ووجدت جمهورا محبا لرسوماتها، فكانت الانطلاقة في المسار الفني للمحامية نور اليقين، ويا لها من انطلاقة!
وأضافت نور تقول ل "المساء" إنها تحب كثيرا التعبير بالفن التركيبي، الذي يجب أن يحمل رسالة، وأن يكون وفق أبحاث في موضوع ما. وتابعت أنها تأثرت بعمل الفنانة منال درارني، التي تعتمد على "الروسيكلاج" لصناعة الحلي، إلا أن فنها مختلف تماما، ويحمل بصمتها التي تبرز أعمالها. وبالمقابل، دعت نور اليقين الأختين تاليا (تسع سنوات ونصف سنة) ومايلين (خمس سنوات ونصف)، لمشاركتها في المعرض من خلال عرض رسوماتهما الظريفة. وفي هذا عرضت تاليا أزداو على "المساء" رسوماتها السريالية، وقدّمت معلومات عن كل رسمة بالكثير من التفاصيل، فها هي رسمة لسماء بلون أزرق غامق حتى لا يختلط بلون الأزرق الفاتح لنوافذ المنزل. ورسمة أخرى عن مدرسة "كريشاندو"، حيث تدرس تاليا الرسم رفقة أختها، وكذا العزف على الآلات الموسيقية والرقص الكلاسيكي، وثالثة عن والدها الذي نوهت بدعمه الكبير لها. ورسمت تاليا قصة في صفحة واحدة، وكذا شريطا مرسوما عن قصة صوص صغير، لتؤكد حبها للرسم، وحلمها في أن تصبح رسامة، ومعلمة، وكاتبة، وإطفائية، وموسيقية، ومصممة أزياء. أما أختها مايلين فقد رسمت رسومات واقعية مثل رسمها نملة عند الحلاقة لتصفيف شعيراتها، وكذا أرض القلوب والرحلة والقيتار، مؤكدة ولعها بالرسم، وحلمها بأن تصبح بيطرية وراقصة بالي وأستاذة لغات، وهكذا ساهمت تاليا رفقة مايلين في إضفاء المزيد من العفوية والجمال على هذا المعرض.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)