الجزائر

حيرة النخب



حيرة النخب
في حوار نشرته يومية ''الوطن'' يعكس رشيد بوجدرة، أبرز أدباء الجزائر منذ الاستقلال، حيرة المثقفين الجزائريين وترددهم تجاه الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، فمن ناحية يرى بوجدرة أن الجزائر بلد ديمقراطي إلى حد ما، لأن صحافتها حرة، ولأنها بلد لا تمارس فيه الرقابة على حرية الإبداع، كما يحدث في مصر وتونس، ولأنه لا يجوز تعميم صفة الديكتاور على الجميع، بوتفليقة ليس ديكتاتورا، كما هو حسني مبارك أو زين العابدين بن علي· والجزائر تتوافر على منطق التعددية السياسية· وهناك أحزاب تمثل المجتمع، وحتى أحزاب التحالف الرئاسي تمثل نوعا من الواقع الاجتماعي في بلادنا·
ولكن رشيد بوجدرة، من ناحية ثانية، يقول: إنه يعارض النظام الحاكم منذ الاستقلال، لأنه لم يتغير، فساد كبير، وبيروقراطية غبية، ولا عدل في توزيع الثروة· بلد غني بملايير الدولارات، وشعب فقير· وطبقات بعينها تستفيد من الريع بين موعد وموعد· لا تبنى المساكن إلا لتوزع على من وزعت عليهم في وقت سابق· الفرق بين نواب يتقاضون أربعمائة ألف دينار وبين عمال أغلبية عمالية لا تتقاضى أكثر من الحد الأدنى للأجور، هو الفرق بين الأرض والسماء، ثم إن هناك فئات لا تحصى من البطالين والمهمشين··
والإقرار بأن في الجزائر نوع من الديمقراطية، يجعل المثقفين الجزائريين يرفضون اتباع النموذج التونسي أو المصري، ولكن الإقرار بأن النظام الحاكم في الجزائر، يستوجب ضرورة التغيير·· فما العمل·· نغير أو لا نغير·· إذا لم يكن بوتفليقة ديكتاتورا، وإذا كانت الجزائر ديمقراطية، فلمذا نغير، ما الذي يجعلنا نعارض النظام ونسعى لتغييره؟·
السؤال الأخير: ما الذي يجب فعله؟ يجيب رشيد بوجدرة: الثورة، ولكن ليس بهذه الطريقة· يعني ليس على طريقة التونسيين والمصريين، ولا على الطريقة التي تحاول بها مجموعة من المنظمات والأحزاب منذ أسابيع·· ولكن بوجدرة لا يوضح لنا كيفية الثورة التي تختلف عن طريقة هؤلاء وهؤلاء·
لا نقول هذا الكلام انتقادا لبوجدرة· ومع أننا لا نوافقه في الكثير من طروحاته، حول الإسلام وحول المدرسة الجزائرية وقضية من عربها وكيف عربها، ومن المسؤول عن خرابها·· إلخ، ولكننا لا نملك إلا أن نشاطره حيرته: نعم يجب أن نغير، ولكن من أين نبدأ، من اليسار أم من اليمين·· هل نفصل في رأينا عن نظام واحد، بين ما نملكه من حرية وما لا نملكه، وهل نفصل بين الفساد الإقتصادي وسوء التسيير والرشوة وبين ما نتمتع به من حرية في الكتابة· هل يمكن أن يتعايش نظامان أحدهما يسمح بحرية الصحافة المكتوبة، ولكنه يرفض حرية الصحافة المسموعة والمرئية· هل يستقيم أن ننتقد نظاما من وجه، ومن وجه آخر نعترف بأنه لا يشبه الآخرين؟
كل هذه الأسئلة وغيرها لمسناها عند عدد كبير من المثقفين الجزائريين، وهي تعبر، في نهاية المطاف، عن نخبة لم تحسم أمرها·


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)