الجزائر

حنين للكلاسيكيات وعرفان لمن سبقوا على الدرب



يحتضن المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط "مصطفى باشا"، إلى غاية 21 فيفري الجاري، معرضا جماعيا يضم التلاميذ القدماء والحاليين لجمعية الفنون الجميلة بالعاصمة، تكريما لمصطفى بلكحلة، فنان المنمنمات ومدير هذه الجمعية التي تخرجت منها العديد من المواهب، التي صقلها التكوين والمتابعة وإشراف أكفء الأساتذة والفنانين.استقبلت ثلاث قاعات في الدور الأول من القصر، العديد من اللوحات التي بلغ بعضها درجة الروائع، علما أن أغلبها في مدرسة الأسلوب الكلاسيكي، وأكثرها تعكس التراث الجزائري بامتياز. كما عرضت بعض أعمال بلكحلة مع بعض زملائه من جيله، إضافة إلى تلاميذه السابقين، الذين بقوا أوفياء لجهده وعطائه، معبرين عن إعجابهم وتأثرهم بفنه، علما أن مصطفى بلكحلة، كان أيضا مديرا لمتحف "مصطفى باشا" من عام 2007 إلى 2016.
يضم المعرض 80 لوحة ل 52 فنانا، أغلبهم من الجنس الناعم، اختاروا تقنيات مختلفة وطبعوا أعمالهم ببصمتهم الفنية الخاصة، ففي القاعة الأولى، حضرت أسماء فنانين كثر، قدموا نماذج من الطبيعة الثابتة (الميتة)، التي ارتبطت بالتراث الجزائري، كأن توضع الغلال من مختلف المواسم الفلاحية في أوانٍ نحاسية أو فخارية، أو قرب الأثاث التقليدي بأنوار وظلال هادئة تبعث على الراحة والسكينة، وفي هذا الإطار، برزت الكثير من الأسماء، منها سيدرة حفيظة وبلكحلة فذان وعبد السلام ليلى ومريم زواوي وسعيداني نادية، بباقة الورد الجزائري ذي العبق والشكل المتفتح والألوان الزاهية، التي غابت اليوم، كذلك الحال مع سارة لوناس التي اختارت بدورها الورد كي تهديه لزوار المعرض، لتتوالى صور الطبيعة مع نجاح أيمن وحيدر نادين وآيت يحي فريدة، وهي اللوحات التي زادت القاعة بهاء وزينة. أما صوفيا دردور، فالتفتت للعمارة الإسلامية ورسمت سلالم تؤدي إلى قبو قصر، بإضاءة خافتة من أشعة الشمس، مستعملة اللون الرمادي والبني الترابي.
في القاعة "2"، التي كانت أوسع، ساد التراث وعمت أجواء التقاليد العتيقة، فرسمت الفنانة سناء حمو بوابات القصبة بإحساس مرهف، يعبر عن الحنين لزمن عز القصبة، حيث العمران الشامخ والطبيعة الفيحاء ونشاط المارة هنا وهناك، فيما رسمت جميلة طالبي نساء بالحايك والعجار مع طفل ورجل يتجولون بمتعة في القصبة، وكذلك الحال مع آمال برادعي في لوحة الدويرة في أعالي القصبة، حيث "المراح" المفتوح على البستان، وحيث النسوة في حركة دائمة مع أشغال البيت والطبخ.
ضمت هذه القاعة أيضا، لوحات في المنمنمات والتزهير، وبرزت فيها الفنانة لمياء لعجوزي، حيث رسمت إطارا من الزهر بداخله مقام سيدي عبد الرحمن، ورسمت نسرين مزياني لوحة في الزخرفة والخط العربي بقلبها عبارة الشهادة، كذلك مريم دويب التي مزجت برونق وتناسق التزهير والزخرفة، وقدمتها كصرح معماري شامخ يوحي بمسجد "كتشاوة" العتيق، أما محمد بلخير وشيراز مدلسي، فأعادا رسم بعض الصور الفوتوغرافية عن يوميات الجزائر قديما، مستغلين الصور الفوتوغرافية، فيما سافرت مليكة قرمي بمنمنماتها إلى أقاصي الصحراء الجزائرية.
في القاعة الثالثة، قدمت لوحات مرسومة بالجبس تشبه المجسمات، وكانت غاية في الإبداع، تكاد تنطق من فرط إتقانها فلاح الطاووس المغرور نافخا ذيله الفاتن، وفي لوحة مقابلة كان يجلس الفهد، وفي أخريات كان فرسان الفانتازيا وسلال الورد والمروج والبواخر الراسية بميناء المحروسة، مع العلم أن هذه القاعة شدت كثيرا الجمهور الوافد، كان من بينه أشخاص مسنون لا يقوون على المشي، وكان بعضهم يتكئ على عصاه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)