الجزائر

حق الرد : حق يراد به باطل



أسس مشروع قانون الإعلام الجديد غرامة ثقيلة على وسائل الإعلام التي تمتنع أو ترفض نشر ''حق الرد''، وهو أمر كان موجودا في قانون الإعلام لسنة 09، لكن الجديد فيه أنه أضحى مقترنا، في عهد الثورات، بالتهديد والوعيد، وهو تطور من شأنه أن يضحك الناس علينا. كل وسائل الإعلام المحترفة والتي تحترم نفسها، تنشر حق الرد بكل فرح وسرور ولا يضرها في ذلك أي حجة أو مبرر، وقد توجد هناك قلة من صحف تسمي نفسها صحفا، ربما تكتب على الناس ما شاءت ولا تمكنهم من طرح وجهات نظرهم وتكتفي دوما ب''ويل للمصلين''. لكن لماذا تستخدم حالات شاذة تعتبر الصحافة الجادة بريئة منها، من أجل تحويل حق الرد إلى معول هدم بغرض وضع الصحافة في ''صندوق المتهمين''، وكأنها تمارس الدجل والشعوذة وتنشر الأكاذيب؟المشكلة أن الذين جاؤوا بمشروع قانون الإعلام وأكلوا ''الشوك'' بفم النواب بسعيهم لضرب مصداقية الصحافة ب ''حق الرد''، إنما يمثلون أصل المشكلة، فهؤلاء يمتنعون عن الكلام عندما يسألون عن رأيهم قبل نشر الصحف للمقالات، ويتهربون بشتى الطرق عن تقديم معطياتهم أو شهاداتهم، لكنهم يطالبون بحق الرد بمجرد أن يتم نشر ''الخبر''. ومع ذلك نقول ''شيش'' ولا مانع من تسليط العقوبة على الصحف التي ترفض نشر حق الرد، عند نشرها أو كتابتها معلومات خاطئة أو فيها وجهة نظر واحدة على حساب أخرى، لكن شريطة ألا يكون التكذيب من أجل التكذيب فقط أو لا يحمل دليلا واحدا على صحته.
لكن هناك سؤالا فقط: لماذا لا يعاقب وزراء الحكومة الذين يقدمون معلومات للرأي العام مغلوطة ولا أساس لها من الصحة، ويعلنوها بعظمة لسانهم وأمام كاميرات التلفزيون وفي أوقات ذروة المشاهدة؟ هل هؤلاء ''نوكل عليهم ربي'' فقط؟ لأنه لا يوجد أي قانون يفرض على الوزراء حق الرد، لأنهم منزهون عن الخطأ وكل ما يخرج من أفواه مسؤولي الدولة هو ''الصح''، بينما ما تقوله الصحف هو ''خرطي''، رغم أنه لا أحد يصدقهم، بدليل أن صحف الدولة ووسائل إعلامها الثقيلة التي تعد لسان حالها، لا أحد يسأل عنها إلا إذا كان مضطرا أو مجبرا على ذلك.
إن أغنية ''حق الرد'' التي أخرجت وكأنها اكتشاف جديد في مجال الممارسة الإعلامية، هي حق يراد به باطل، لضرب القليل مما تحقق في مجال حرية التعبير، ولتغطية الفاسدين والمفسدين الذين يسعون لتبرئة أنفسهم أمام الرأي العام، من وراء حق الرد، خصوصا بعدما تأكد أكثر من مرة أن العدالة لا تتحرك للتحقيق فيما تنشره الصحف من فضائح إلا نادرا.
[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)