الجزائر

حقبة مريرة وتاريخ مجهول يحتاج إلى المزيد من الدراسات



نشط مساء أول أمس، الباحث والمؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، بمدينة فاماك الفرنسية، محاضرة بعنوان «الهجرة الجزائرية»، تطرق فيها إلى أسباب هذه الهجرة وتاريخها والظروف الصعبة التي عايشها المهاجرون الجزائريون، فضلا عن دورهم في دعم الحركة الوطنية، وغيرها من المواضيع المرتبطة بهذا الموضوع.المحاضرة التي أدارها الأستاذ الجامعي والباحث الدكتور محمد بن صالح، في إطار الدورة ال29 لمهرجان الفيلم العربي لفاماك - فال دو فانش بفرنسا، كانت فرصة للمؤرخ بنجامين ستورا المولود في مدينة قسنطينة، للخوض في تاريخ الهجرة والتي انطلقت بالتحديد مع الحرب العالمية الأولى، حيث وصل أزيد من 100000 جزائري إلى فرنسا، واختاروا الإقامة في ناحية باريس ونونتير وبادكالي وحتى اللورين وليون، موضحا أن هؤلاء الوافدين، لم يكن لديهم قانون خاص بهم، إذ لم يكونوا لا مهاجرين ولا حتى أجانب، حيث أنهم جاءوا من بلاد محتلة، وبالتالي فهم من الناحية القانونية تحت وطأة الاحتلال الفرنسي، ولا أجانب من منطلق أنهم لم يكونوا يتمتعوا بجميع الحقوق التي كان يتمتع بها الفرنسيون، مشيرا في نفس السياق، إلى أن أغلبية هؤلاء الجزائريين، كانوا من الفلاحين ولاسيما من منطقة القبائل، الذين كانوا يمثلون حوالي 80 بالمئة من مجموع المهاجرين، مشددا على أنه إلى حد اليوم لم تكن هناك صور و«كليشيهات»، تظهر قدوم هؤلاء المهاجرين، ليتحدث بعدها عن النشاط والنضال السياسي الكبير، الذي قام به الجزائريون في فرنسا، على غرار حزب «نجم شمال إفريقيا» في 1926، وحزب الشعب الجزائري، ما يؤكد تشبثهم بوطنهم وتعلقهم بأرض أجدادهم، موضحا أن العديد منهم كانوا مناضلين ملتزمين وطالبوا صراحة بضرورة استقلال الجزائر، ما شكل لهم عدة صعوبات ومضايقات من قبل السلطات الكولونيالية الفرنسية، ليعرج بعدها نفس المتدخل، إلى الخلافات والصدامات التي حدثت داخل هؤلاء المهاجرين، خصوصا بين المصاليين والأفلانيين، حول الزعامة الوطنية، ومن هو الأجدر بحمل لواء الحركة والنضال من أجل نيل الاستقلال، معترفا بأن هذا الأمر أحدث، شرخا وتمزقا كبيرا داخل هذه التيارات وكاد في الكثير من الأحيان أن يعصف بهم، ما قد يتسبب في ضياع بوصلتهم الحقيقية، ألا وهي استقلال الجزائر، مبرزا أن هذه الهجرة في العموم، تنقسم إلى قسمين أو مرحلتين، الأولى من عشرينيات القرن الماضي إلى الأربعين، والثانية من الخمسينات إلى السبعينات، معترفا في نفس السياق بأن هذا الموضوع لا يزال مجهولا ويحتاج إلى دراسات مستفيضة، بل وأنه ما زال منفصلا عن التاريخ الفرنسي، مشددا على أن هذه الهجرة كانت عمالية ولم تكن هجرة نخب ومثقفين.
هذا وتخلل المحاضرة، طرح جملة من الأسئلة تتعلق بصعوبة اندماج هؤلاء الجزائريين في المجتمع الفرنسي، وشعورهم بالتهميش، بالرغم من أن الكثير منهم قضى في الحرب العالمية الأولى وحتى الثانية، وساهم العديد منهم في بناء فرنسا الحالية، ليرد عليهم ستورا بأن هذا الأمر معقد وقد قام المهاجرون الجزائريين بعدة مسيرات في بداية الثمانينات للمطالبة بحقوقهم وإدماجهم بصفة كاملة في المجتمع الفرنسي، هذا وأشاد الحاضرون كثيرا بالمعلومات القيمة التي كان يقدمها الدكتور والباحث في «كراسك» وهران محمد بن صالح، بخصوص جهود الدولة الجزائرية لترقية اللغة الأمازيغية، والتنوع الثقافي والفكري الذي يوجد في بلادنا، مبرزا أهمية السينما في تنوير المجتمعات ومحاربة ظاهرة التطرف أو ما يسمى ب « الإسلام السياسي الراديكالي» .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)