الجزائر

حركة لم الشمل



كم أثّر فيّ كلام عيسى أعراب عضو ما كان يعرف سابقا بحركة المواطنة ''العروش''، وهو يروي لي كيف تلقى نبأ قتل ابنه البكر ذي الثلاث وعشرين سنة ببجاية خلال أحداث الربيع الأسود، ابنه الذي خرج للحظات ليعود بعدها، لكن في كفن، ودون أن يودع والدته التي كانت تنتظره وحضّرت له الحمّام• قال عيسى أعراب إنه بعد كل الفتن التي عصفت والفساد الذي حل بالمنطقة وبشبابها الذين اختطفوا من بين أحضان أمهاتهم، وهم في ربيع شبابهم، فهم بعد فوات الأوان الفخ الذي نصب لهم وللمنطقة جمعاء التي عاشت سنوات من النار، خسر فيها سكانها الكثير، ولم يستفد من زعزعة استقرار المنطقة سوى بعض الصحف التي أذكت نار تلك الفتنة، وبعض عناصر الحركة، الذين استغلوا مطالب شرعية لأغراض دنيئة• هكذا، وبعد ثماني سنوات من النار التي لفح لهيبها سكان القبائل الذين ألقي بهم في الجحيم، ها هي المنطقة تستعيد عافيتها وتفهم بعد الكثير من الخسائر، اللعبة التي حيكت لها من بعض من نصّبوا أنفسهم أوصياء عليها وعلى هويتها•• ها هي العروش الثائرة تفهم أخيرا أن الحل ليس في النار التي أضرمت في كل بيت، ولا في ليّ الذراع والدوس على قوانين الجمهورية، وإنما في التعقل والتوحد أمام كل المآسي التي تعرفها البلاد وضد الفساد المستشري في المجتمع، سواء كان سياسيا أو جرما اقتصاديا واجتماعيا، الحل في حركة لجمع الشمل، وطيّ صفحة الماضي، مثلما فعلنا مع الإرهاب• فالفتن لا تخدم أحد والكل خاسر• والناصحون مثلما يقول المثل الفرنسي، ليسوا هم من يدفع الثمن، وقد دفعت منطقة القبائل ثمن الأحداث غاليا، وما زالت الآثار حتى الآن في النفوس، وفي وجوه الأمهات الثكالى، والآباء مثل عيسى أعراب الذين لم ينسوا حتى الآن فلذات أكبادهم، ولن ينسوهم، ولهذا اختاروا حركة لم الشمل حتى لا يكون هناك المزيد من الضحايا مثل ماسينيسا فرماح في المستقبل• وربما لهذا لم تمتلئ شوارع القبائل بالجماهير المشاركة في مسيرات المقاطعة التي دعت إليها بعض الأحزاب المحلية، لأن عقلاء القبائل لهم خيارات أخرى•


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)