الجزائر

حتى السفارة مقصرة!



حتى السفارة مقصرة!
العيب ليس في شحن جثمان المطربة وردة الجزائرية من القاهرة إلى الجزائر كما تشحن البضائع المهربة من مصر إلى الجزائر.. بل العيب كل العيب أن تموت المجاهدة والمحكوم عليها بالإعدام من طرف الفرنسيين خلال الثورة خارج التراب الوطني!
والعيب أيضا أن تشحن من مطار البلد الذي غنت له أكثر مما غنت لبلدها الجزائر!
نعم مصر الشقيقة معذورة فيما حدث لأنها تعيش وضعا خاصا أفقدها بعض لياقتها ولباقتها وكياستها المعهودة.. وما كان يحدث الذي حدث لوردة في مطار القاهرة لو كانت القاهرة هي القاهرة التي عهدناها قبل كامب دافيد وليس قبل الثورة الأخيرة! مصر لا تلام هذه الأيام عما حدث لوردة وهي تعود الى الجزائرالعودة النهائية، بل الذي يلام هو سفير الجزائر في القاهرة.. لأنه هو الذي قصّر في القيام بواجبه نحو الراحلة... فكيف يعلم هذا السفير أن رئيس الجمهورية قد أوفد طائرة عسكرية خاصة لإحضار الجثمان إلى الجزائر ولا يتخذ بدوره الإجراءات اللازمة التي تليق بنقل الراحلة من المستشفى أو البيت إلى المطار أو الطائرة؟! أين هي نباهة وفطانة السفير في مثل هذه الأمور؟! وهل لو كان السفير حجار ما يزال في القاهرة كانت تفوته مثل هذه الأمور ويحدث لجثمان وردة ما حدث؟! لا أعتقد ذلك! وإذا كانت السفارة الجزائرية في القاهرة لم تقم بواجبها، فكيف نلوم الأشقاء في مصر عما حدث؟!
جثمان وردة الجزائر ومصر شحنت كما تشحن البضائع وهي التي أبكت ملايين الجزائريين وخاصة أبناء وأمهات وأرامل الشهداء وهي تغني للشاعر الراحل صالح خرفي رائعته ''نداء الضمير'' و''من بعيد''.. وأتحدى كل مرهف الحس الوطني أن يسمع وردة وهي تغني ''وعلى نشيدك رفرفت روح الشهيد''! ولا تنزل منه دمعة لتسقي وردة على قبر شهيد! أو يسمع كلمات صالح خرفي في الخمسينيات وهي تذوب في حنجرة وردة. ''يا حبيبي ربعنا بالأمس ربع الذكريات.. إنه مأوى ذئاب كدّرت صفو الحياة!'' ونسمع اليوم أن جثمان وردة قد شحن كما تشحن البضائع المهربة ولا يحس بأن ربع وردة وحبيبها صالح خرفي ما يزال مأوى ذئاب! خاصة وأن جثمان صالح خرفي هو الآخر قد شحن كما تشحن البضائع في صمت ليدفن في غرداية، وهو من هو في الجهاد بالكلمة وقت أن كان الذئاب يملأون ربوع الجزائر الحبيبة.
في بداية الثمانينات قامت السلطات المصرية بتسريب خبر كاذب للسفارة الجزائرية في القاهرة مفاده ''إن المطربة وردة أخذت الجواز المصري للسفر... وكان القانون الجزائري آنذاك لايسمح بازدواجية الجنسية... وسربت السفارة الجزائرية الخبر لصحيفة المجاهد الأسبوعي ونشره صحفي جزائري لا يحمل الجنسية الجزائرية الأصلية.. وثارت ثائرة المرحومة وردت على الصحفي إياه بالقول ''إنها لا تحتاج إلى أن يقيّم وطنيتها من هو أجنبي! وإذا كانت أعظم أفلام الثورة الجزائرية هو فيلم ''معركة الجزائر''، فإن أعظم أغاني الثورة الجزائرية هي الأغاني التي تعانقت فيها براعة الشعر لصالح خرفي وروعة أداء وردة... نداء الضمير ومن بعيد.
رحم الله وردة وصالح
Bouakba.saad@elkhabar.com




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)