الجزائر

جزائريون يقبلون على الطرب الأندلسي في السهرات العائلية



جزائريون يقبلون على الطرب الأندلسي في السهرات العائلية
تلقى الموسيقى الأندلسية، مؤخرا، اهتماما ملحوظا من قبل الجزائريين الذين يختارون السهر في جو عائلي في قاعات الطرب الأندلسي الذي أبدع فيه عدد من الفنانين. ورغم أن هذا النوع من الغناء اقتصر لزمن طويل على فئة معينة تمثلها النخبة وعائلات معينة، إلا أن الحنين للفن الأصيل بعد رواج الذوق الهابط. ولم يكن ذلك ليبدو لولا المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية التي أبرزت أن الجزائريين لايزالون يحتفظون بذوقهم الموسيقي التراثي.عاشت الجزائر قحطا غير مسبوق في صناعة الفعل الثقافي سنوات التسعينات، ما جعل قاعات السينما وغيرها من قاعات العرض الفني تُصد في وجوه الجزائريين. وفي السنوات الأخيرة نشهد افتتاح قاعات مجهزة بأحدث التقنيات مخصصة للسهرات العائلية خاصة لاحتضان النشاطات الفنية والثقافية التي ظن البعض أنها طويت في سجل الأرشيف. ومن بين هذه الفضاءات قاعة ابن زيدون بالجزائر العاصمة، التي احتضنت المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العريقة، التي بعثت منعرجا جديدا عن اهتمام الجزائريين لذوقهم الموسيقي، أو بعد أن شابه الذوق الهابط لسنين. ليعترف القائمون على المهرجان أنهم لم يتوقعوا نسبة الإقبال التي كانت عالية، لأن القاعة تتسع ل 1500 شخص، وكانت ممتلئة عن آخرها، بل إن البعض لم يسعفه الحظ للظفر بمكان فيها. بحثنا في المواعيد الثقافية فوجدنا أنها أعطت أهمية للطرب الأندلسي الذي يحمل أسماء لمعت داخل وخارج الوطن، كما أن كثيرا من العائلات كانت تزين بيوتها بآلة موسيقية أندلسية ولا يوجد فرد من أفراد العائلة إلا وله دراية بكيفية العزف عليها، وهذا دليل على الوعي الثقافي بالموسيقى الطربية.. حيث أكد الباحث في التراث الأندلسي فوزي سعد الله، في حوار جمعه مع موقع ”الموسيقى العربية”، أن اللحن الأندلسي غيرت مجرى تاريخ الموسيقى بحد ذاتها في العالم، والجزائر عرفت مدارس عريقة في هذا الطرب، منها مدرسة الموسيقى في بجاية. قائلا ذات الباحث:”دخلت الموسيقى والغناء في الأندلس في تفاعل وتلاقح طويلي الأمد تمخضا عن غناء بهوية أندلسية بحتة، هي حوصلة الخبرات الموسيقية العربية الحجازية والشامية والبغدادية والبربرية والزنجية والإسبانية المسيحية الكنسية - الغريغورية، وحتى الصقلية أي السلافية، التي كانت تشمل المؤثرات البلقانية والجورجية وعددا من العناصر الموسيقية الأوربية. كما يجب أن لا ننسى وجود المؤثرات الفارسية في الغناء الأندلسي. كل هذا التنوع الثقافي الموسيقي توفرت له الظروف المادية الملائمة بفضل الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي الذي شكل تدريجيا تقاسيم ما سيعرف بالطرب الأندلسي، الذي مازالت أصداؤه تتردد في مجتمعات شمال إفريقيا بشكل خاص، من موريتانيا إلى ليبيا”.بالعودة إلى تاريخ هذه الموسيقى يبدو جليا أن اهتمام الجزائريين بها ليس حديث العهد، بل هي ميزة بين أقرانهم في العالم الشرقي، خاصة أنها نابعة من قلب حضارة كانت همزة وصل بين الشرق والغرب، ما جعل الآلات الموسيقية التي يحتويها الجوق ثرية ومتنوعة. وهذا ما جعل الكثير من الجنسيات تقبل على سماع هذا النوع الطربي في الجزائر، لأن هذه السهرات تعتبر الوحيدة تقريبا لضمان سهرة عائلية أورفقة الأصدقاء بشكل محترم في مدينة الجزائر التي تغلق فيها المحلات وتنتهي فيها أغلب أنواع الخدمات ليلا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)