الجزائر

جريمة دولة !



مئات الجزائريين قتلتهم الشرطة الفرنسية في السابع عشر أكتوبر سنة 1961، لأنهم تظاهروا ضد قرار عنصري بفرض حظر التجول عليهم، وللمطالبة باستقلال الجزائر.كتب كثير عن تلك المجازر، وقدمت شهادات من ناجين من القمع الوحشي الذي مارسته السلطات الفرنسية، وانتظرت فرنسا إلى نهاية 2012 لتعترف على لسان رئيسها السابق فرانسوا أولاند الذي صرح خلال زيارته إلى الجزائر قائلا "إن فرنسا تعترف بكل وعي بالمأساة التي تمثلت في قمع دموي تعرض له جزائريون كانوا يتظاهرون من أجل استقلال بلادهم"، ويمثل هذا التصريح إمعانا في الإنكار وتجاهل الضحايا.
مجازر 17 أكتوبر فضحت الوجه العنصري لفرنسا التي كانت شرطتها تعتقل وتقتل على الهوية وبحسب لون البشرة والملامح، حتى أن الكاتب الكولومبي الكبير غابرييل غارسيا ماركيز وجد نفسه حينها في أحد أقسام الشرطة في باريس لأن ملامحه أوحت للبوليس بأنه جزائري، ولعل وصف أعنف قمع لمظاهرة في أوروبا الغربية في التاريخ المعاصر الذي أطلقه مؤرخان بريطانيان على المجازر ليس فيه أدنى مبالغة.
الآن يجري ربط المجازر بالسفاح موريس بابون الذي قضى سنوات عمره الأخيرة في السجن بعد إدانته بجرائم في حق اليهود في فترة الاحتلال الألماني لفرنسا، غير أن الحقيقة أن ما جرى كان جريمة دولة تواصل فرنسا الرسمية في التغطية عليها إلى اليوم حتى وإن كانت قد اعترفت بها على استحياء، وأرادت إحياء ذاكرة الضحايا من خلال لوحة على جسر سان ميشال لم تسلم من التخريب.
لم نفعل ما يكفي انتصارا لضحايا الجريمة العنصرية الفرنسية، ولم نزعج بابون في حياته أبدا، وسيسجل التاريخ هذه السلبية في الدفاع عن حقوق ضحايا الجرائم الاستعمارية، ومع ذلك فإن وفاة بابون لا تسقط هذا الواجب، لأن فرنسا الدولة مستمرة بعده، وهي من تتحمل هذه المسؤولية، والجزائر الدولة هي من يقع على عاتقها تحصيل الحق المعلق إلى اليوم.
في 17 أكتوبر 1961 أثبت المهاجرون الجزائريون ارتباطهم بالوطن الأم، ولا يكفي اتخاذ هذا التاريخ يوما وطنيا للهجرة لتكريس مكانة المهاجرين كمواطنين جزائريين بصفة كاملة، فهذا الحق تم انتزاعه بالدم وبتضحيات جسام، واليوم يمثل المهاجرون خزان كفاءات وثروة ثمينة يتعين تقديرها بما تستحق.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)