الجزائر

ثورة أطلسية


لا يكاد دور الحلف الأطلسي في ليبيا يذكر في وسائل الإعلام العربية التي تبشر بالثورة رغم أنه هو من أسقط نظام القذافي، فإلى حد الآن لم تفعل المعارضة سوى التقدم لاحتلال المواقع التي تخليها قوات القذافي بعد القصف المدمر، وهذه الحقيقة مهمة جدا لأنها سترسم مستقبل ليبيا بكل تأكيد.واهمون هم هؤلاء الذين يعتقدون أن الدول الغربية، وخاصة أمريكا وفرنسا وشركاؤهما في الحلف الأطلسي، حركوا قواتهم، وتحملوا مخاطرة سياسية مكلفة من أجل أن يرقص الليبيون في باب العزيزية، ولعل بعض المتحمسين للديمقراطية المحمولة جوا عبر الطائرات الحربية والصواريخ انتبهوا إلى الأمر فقدموا تهانيهم للشعب الليبي مشفوعة بمطالبة الحلف الأطلسي بعدم التدخل أو بالكف عن التدخل، ورغم أن النية تبدو حسنة فإنها تعكس شيئا من السذاجة.
ما نشهده اليوم هو نوع جديد من الغزو يقوم على مبدأ نصرة الشعوب وحمايتها من الحكام المستبدين، ولا تهم المبررات كثيرا، ففي كل دول العالم توجد أسباب للغضب، وفي البلاد العربية خاصة تتوفر شروط الانفجار الشعبي، والخطوة الأولى أصبحت المطالبة بالحماية الدولية التي تأتي من نفس الدول الغربية، أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وفي الآونة الأخيرة انضمت تركيا إلى النادي بوصفها وكيلا لأمريكا ينوب عنها في تمهيد الطريق حيث تكون كراهية أمريكا عائقا أمام تدخلها المباشر.
المشكلة الأساسية هي أن وسائل الدعاية التي تلبس لباس الإعلام الموضوعي والنزيه، أضلت كثيرا من الخلق، أوهمتهم أن خلاصهم سيكون على أيدي الأمريكان، حتى أصبح قتلة الأطفال في أفغانستان هم أنبياء الحرية في ليبيا، وتحولت طائرات الأطلسي إلى طير أبابيل يسبح بحمد الله بكرة وأصيلا، وتحولت السياسات التدخلية للولايات المتحدة وحلفائها إلى ثورات مباركة.
لقد جاء عصر الثورات الأطلسية التي تبدأ في وقت معلوم وتنتهي في وقت معلوم، فمنذ متى أصبحت الثورات تنتهي بعمليات تعرف بأسماء رمزية كما حدث مع عملية اقتحام طرابلس التي سميت عملية فجر عروس البحر تماما كما كانت أمريكا تسمي كل عمليات الغزو واعتداءاتها المتكررة على شعوب العالم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)