الجزائر

تونس: جدل واسع حول النظام السياسي المستقبلي للبلاد


تونس - تعرف الساحة السياسية التونسية في الوقت الراهن جدلا واسعا حول طبيعة نظام الحكم المستقبلي والنظام السياسي الذي ستنتهجه الدولة التونسية في ضوء الدستور الجديد للبلاد الذي سيتكفل باعداده المجلس التأسيسي المقبل.و ان كان الاجماع والتوافق قد حصل بين كل الاحزاب السياسية التونسية اليسارية منها واليمينية والوسطية حول الثوابت الوطنية منها الهوية العربية والاسلامية والتشبت بمبادئ الحرية والديموقراطية فانها لم تختلف كثيرا بخصوص الرؤى المتصلة بطبيعة الحكم وتصورات النظام السياسي المقبل حيث برز شبه اجماع على تبني النظام الذي يمزج بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني. ويعني المزج بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني بالنسبة لمعظم الاحزاب " ضمان اكبر قدر من الحرية" للسلطة التشريعية للتدخل في الحياة السياسية مع "الحد للسلطة المطلقة" لرئيس الجمهورية القادم "وتفعيل دورالسلطات" الاخرى خاصة دور السلطة القضائية.
وفي هذا المضمار أبرزت حركة "النهضة الاسلامية" على لسان ناطقها الرسمي نور الدين البحيري ان النظام السياسي المنشود من خلال الدستور القادم يجب ان يتضمن نظاما جمهوريا مبنيا على الفصل بين السلطات واستقلال القضاء واقامة علاقات مجتمعية تقوم على اساس المواطنة والتمسك بمبدا التداول على السلطة ورفض استعمال العنف للوصول للسلطة او البقاء فيها. وشددت حركة النهضة على ان الدستور الذي تحتاجه تونس يجب ان يقوم على الحق في التفكير والتعبير وتحرير الدين واماكن العبادة من كل التجاوزات السياسية.
أما عن موقف حزب " المؤتمر من اجل الجمهورية " فانه دعا إلى تجسيد نظام شبه رئاسي يقوم على اساس الفصل بين السلطات وتكون من خلاله السلطة التنفيذية منقسمة بين رئيس الجمهورية والوزير الاول معربا عن معارضته للنظام البرلماني تفاديا" لعدم الاستقرار وفي ظل وجود احزاب ضعيفة نوعا ما".
وبخصوص موقف حزب "الوفاق الجمهوري " فقد أكد تمسكه على غرار جل الاحزاب الاخرى بنظام المزج بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني معتبرا تبني اختيارهذا النظام السياسي هو بمثابة الامر الذي لا مفر منه. وتمحورت مقاربات السياسيين والحقوقيين التونسيين حول اعتماد نظام النصف رئاسي لتجنيب تونس"المخاطر" التي عرفتها ابان العهد الرئاسي للرئيس المخلوع وتفادي " سلبيات" النظام البرلماني التي مردها "هشاشة" الخارطة الحزبية في تونس " وعدم ضمان " أغلبية قوية ومنسجمة قادرة على الوفاء بمتطلبات هذا النوع من الأنظمة.
واعتبر رئيس "الحركة الاصلاحية " التونسية عمر صحابو أن التونسيين عاشوا في ظل نظام رئاسي " يهيمن فيه فرد واحد على جميع السلطات" وان النظام البرلماني المطلق له "مخاطر" ينبغي التنبه اليها لذا فان الحركة الاصلاحية تتبنى الاختيار المتعلق بالنظام نصف الرئاسي.
ويرى الدكتور عبد العزيز الجزيري المحلل السياسي التونسي ان تونس اليوم توجد في صميم النظام التعددي لكن" غياب أغلبية متجانسة" (ايديولوجيا وسياسيا) يهدد النظام البرلماني في حين أن النظام الرئاسي "ناجح بالولايات المتحدة فحسب" فالحل اذن على حد قوله يكمن في النظام المختلط اي نصف رئاسي لانه "سيأخذ بثنائية "السلطة التنفيذية (رئيس منتخب لولايتين فقط) وحكومة مكلفة بتنفيذ السياسة العامة للدولة مع ضرورة أن يكون الرئس المنتخب له اختصاصات جوهرية محددة وأن يتم تكريس دولة القانون والكرامة لأن القانون وحده لا يكفي.
لكن حركة الوحدة الشعبية التي يتزعمها أحمد بن صالح رافعت من اجل النظام السياسي البرلماني الذي ترتكز فيه السلطة التنفيذية بيد الحكومة المنبثقة عن البرلمان ويتولى تشكيلها الحزب او الائتلاف الفائز في الانتخابات التشريعية مما يسمح باحداث "التوازن" بين السلطة التشريعية والتنفيذية واحترام مبدا الفصل بين السلطات.
وفي المقابل دافع رئيس حزب العمال الشيوعي التونسي حما الهمامي بقوة عن النظام البرلماني معتبرا أن تونس" عانت كثيرا" من النظام الرئاسي و أن الحديث عن نظام رئاسي أو نصف رئاسي قد" يعيد البلاد إلى الوراء" موضحا ان الجمهورية الديمقراطية البرلمانية لا تنجح الا اذا كانت مبنية على مبادئ أولها اجراء انتخابات على المستوى الجهوي والمحلي واعادة ترتيب السلطات فتكون بذلك السلطة الأولى هي التشريعية تم القضائية ثم التنفيذية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)