الجزائر

توريث جينات التمثيل عرفت مداها عربيا وانحسرت في الجزائر فنانون تورطوا في الفن وينصحون أبناءهم "الفن ما يوكلش"



توريث جينات التمثيل عرفت مداها عربيا وانحسرت في الجزائر               فنانون تورطوا في الفن وينصحون أبناءهم
يرث الأبناء عن أهاليهم الكثير من الطبائع والمواهب والعادات، بداية بالشكل والمال ووصولا إلى المهن. ومن هذا المنطق فقد تحولت أسباب لقمة العيش بمختلف مسمياتها ميراثا متداولا أضيف إليه الفن، فكانت عند بعض الفنانين العرب فرصة لتخليد ذكراهم بعد الرحيل  وبالعودة إلى الجزائر نجد أن هذا التقليد لم يكن أبدا مغريا بين الفنانين الجزائريين من مخرجين أو ممثلين، والذين يبدو أنهم تورطوا فنيا ولا يريدون لأبنائهم المصير نفسه.  الظاهرة تكاد تكون مفضوحة في بعض الأعمال العربية التي تجمع عددا من أفراد العائلة الواحدة، والتي لم تعد تقتصر على الممثلين الكبار، بل وصلت إلى الأطفال والرضّع. إلا أن الأمر يختلف في الجزائر حيث يصر الكثير من الفنانين، ونقصد الممثلين منهم، المخاطرة بمستقبل أبنائهم ويفضلون انضمامهم إلى طوابير الباحثين عن عمل حكومي عوض ولوج عالم الفن الذي لا يسمن ولا يغني - في نظرهم - من جوع، خاصة أن واقع الفن في الجزائر لا يشجع حتى الممثلين الكبار على الإستمرار فيه لولا أنه مصدر رزقهم الوحيد. فمسألة توريث فن التمثيل إذن يبقى مستبعدا ولو على سبيل التجربة. وقبل الحديث عن مجال التمثيل لا بأس أن نعرج على مجال الغناء، لنجد أن نماذج التوريث داخله معروفة في الجزائر، على رأسها عائلة عبابسة، حيث اشتهر الوالد عبد الحميد عبابسة بأغانيه التراثية وارتبط اسمه بقصيدة "حيزية"، كما ارتبط اسمه بعائلته الفنية بداية بابنه نجيب، قبل أن تشتهر ابنته نعيمة كمطربة أعراس، وتشتهر ابنته الأخرى فلة على نطاق عربي أوسع.  وفي الموسيقى دائما عرف الفنان محمد الطاهر الفرڤاني كواحد من أقطاب أغنية المالوف، ورغم أنه في سن متقدمة مازال محمد الطاهر الفرڤاني وفيا للفن، إلا أن ذلك لم يمنعه من تقديم من يرثه فنيا وهو ابنه سليم الفرڤاني، إضافة  إلى الفنان الراحل الهاشمي ڤروابي الذي ترك لنا، إضافة إلى أعماله الفنية الخالدة، ابنه مصطفى ڤروابي الذي ورث عن والده الصوت والصورة، شأنه شأن عبدو درياسة الذي لم يستطع الخروج من عباءة أبيه الفنان القدير رابح درياسة. وبالرجوع إلى أهل الكار في الجزائر وجدنا أن القناعة المشتركة بينهم هو جملة " الفن في الجزائر ما يوكلش"، وذلك بالنظر إلى واقع الفنان الجزائري الذي يعرف تراجعا مستمرا على الرغم من كل المحاولات التي كانت تصب في مجملها لرد الإعتبار للفنانين الجزائريين الذين يفتقرون إلى الآن  إلى نقابة جادة يمكن أن تكون الناطق الرسمي باسمهم وتدافع عن حقوقهم التي تبقى من المحظورات.المخرج حاج رحيمتجربة توريث الفن لم تكن أبدا مغرية في الجزائر يقول المخرج الجزائري حاج رحيم، إن النماذج التي تعكس هذه الظاهرة في وسط التمثيل بالذات، تكاد تعد على الأصابع على غرار ابن لخضر حمينة، وإن لم تستمر تجربته لفترة طويلة، إضافة إلى ابن الفنان الراحل رويشد وهو مصطفى عياد. أما عن التجربة في حد ذاتها، فيقول حاج رحيم إنها ليست مغرية عند الكثيرين وإن لم يمانع وجودها في حال توفرت الموهبة، إضافة إلى التخصص الدراسي في هذا المجال. على الرغم من أن المخرج يرى أن واقع الفنان في الجزائر، إلى جانب غياب معاهد متخصصة تصقل المواهب الشابة، قد قلل من الكفاءات في الجزائر التي يمكن أن تشتغل في هذا المجال سواء من أبناء الفنانين أو غيرهم، إلا أنه ظل يردد أن الفن في الجزائر لا يشجع على المخاطرة بمستقبل الأبناء؛ حيث يوضح أن ابنه وإن بادرته الفكرة في اقتحام عالم شهرة والده، إلا أنه تراجع عنها وفضل التدريس.الفنان حكيم دكار العيب في الفنانين وليس في الفنعكس من سبقوه، فقد رفض الفنان حكيم دكار صاحب سلسلة "جحا" التي استطاع بها أن يتخطى حدود الجزائر فنيا، من البداية، مصطلح توريث الفن، وأكد أن الموهبة هي التي تفرض نفسها على صاحبها وهي من تحكم استمراره بهذا المجال أو تحكم عليه بالإنسحاب حفظا لماء الوجه. فهو يرى أن أبناء الفنانين إن اختاروا السير على خطى أهلهم فهم يضعون حملا أكبر على كاهلهم يلزمهم إثبات أنفسهم بعيدا عن شهرة من سبقوهم، وذلك لا يتأتى، حسبه، إلا بالموهبة التي ستكون حافزا له لدخول عالم الفن وتحقيق نجاح يضاهي أو يزيد عن النجاح الذي حققه الأهل. وبالنسبة إليه فهو لن يعارض إذا أبدى أحد أبنائه رغبته في التمثيل لأن الفن ببساطة منحه كل شيء وذلك بعيدا عن الحسابات المادية، لذا فإن توفرت الموهبة فإن مهمته ستكون في إعطائه النصائح التي يمكن أن تنفعه في هذا المجال مع ضرورة تدعيمها بالدراسة لصقل الموهبة. ويضيف دكار، في سياق الكلام، أن واقع الفنان في الجزائر لا يعني أن العيب في الفن، ويكفي أن هذه المهنة استطاعت أن تمنحه شخصيا حب الجمهور في الجزائر والخارج، وهو أهم مكسب بالنسبة إليه و من أجله يمكن أن يتغاضى عن كل المشاكل التي تواجهه في الميدان، حتى أنه يقول إنه لو عاد به الزمان إلى الوراء فلن يختار غير التمثيل. ومن منطلق هذه القناعة فهو يعتقد أنه يجب على الفنان العمل لتحسين وضعيته إلى الأحسن، وهو ما سيمكنه من تقديم الأفضل مستقبلا. الفنانة شافية بوذراعأنا من جيل حرية التعبير ولكن للتمثيل أصوله ترى الممثلة القديرة، شافية بوذراع، أن مسألة دخول أبنائها لمجال التمثيل يعد أمرا شخصياً، خاصة في الوقت الحالي، الذي أصبح من الصعب أن يفرض أي من الوالدين على أبنائهم الدخول إلى مجال لا يحبونه.أما عنها، فتقول بوذراع إنها تنتمي إلى جيل حرية التعبير والصراحة، لذلك فهي تفضل أن يتعامل معها أبناؤها وفق هذا المنطق، وهي علمتهم بأن يكونوا هكذا، صريحون ويمتلكون كامل الحرية في اختيار مستقبلهم سواء في عالم التمثيل أو في عالم الغناء أو أي مجال آخر، ومهمتها هي كوالدة تقتصر على النصح والإرشاد. وتضيف المتحدثة أنها إن كانت ترى في ابنها أو ابنتها موهبة التمثيل ستعمل على تنمية هذه الموهبة لا غير، بحثّهم على دراسة التمثيل، أو الإخراج. وقبل أن تختم حديثها معنا قالت المتحدثة إنّ التمثيل يبقى موهبة وسينجح فيها كل من يقدر هذه الموهبة ويعطيها حقها، لكون التمثيل له أصوله، وليس كل من هب ودب يقول أنا ممثل.الفنان محمد عجايمي لا حرج في توريث الفن لضمان لقمة العيش الممثل محمد عجايمي، وهو واحد من الممثلين الذين نجحوا في توريث أبنائهم جينات التمثيل، لا يرى عيبا في ذلك إذا توافرت شروط الإبداع والموهبة الفنية التي يؤكد أنها كانت متوفرة فعلا في ابنه، الذي يعمل كممثل على مستوى الإذاعة الوطنية، إلا انه لم ينف أنها تبقى على سبيل الهواية فقط بالنسبة إليه لأنه مقتنع بدوره أن الفن "ما يوكلش"، خاصة بعد أن أصبح كباقي المجالات التي تهمش المبدع وترفع من شأن الدخلاء، حيث يقول عجايمي إن تجربته الكبيرة في التمثيل اضطرته إلى الوقوف أمام أشباه ممثلين اكتشف أنهم أبعد ما يكونون عن التمثيل.الفنانة بهية راشديلا أمانع دخول أبنائي لعالم التمثيل رغم ما في الكار من مشاكل قالت الممثلة القديرة، بهية راشدي، أنها لا تمانع دخول الأبناء إلى عالم التمثيل، رغم أنها كممثلة وجدت صعوبات كثيرة وعراقيل أكثر في بداية مشوارها في العالم التمثيل. واعتبرت المتحدثة أنّ أكبر فرصة يمتلكها الممثلون الشباب اليوم، أكثر من الفرص التي كانت بحوزتهم هم، أي الجيل السابق، بعد أن أصبح للتمثيل معاهد وأساتذة، وبإمكان أي ممثل اليوم أن يزيد من قدراته وينمي موهبته سواء هنا في أرض الوطن أو خارجه. وتعترف راشدي بالصعوبات الكبيرة التي تواجه الفنان اليوم في الجزائر، لكن هذا كله لا يعني بالضرورة أن يقف الفنان في وجه ابنه أو ابنته من أجل إبعاده عن الصعوبات التي تعتري طريقه.الفنان جمال بونابالكلمة الأخيرة للأبناء يرى الممثل جمال بوناب، أنه أصبح من الصعب أن يفرض الأب على الإبن رغباته، خاصة فيما يتعلق بمستقبله المهني أوالدراسي، لكنه سيكون دائما سندا له، في مختلف القرارات التي يتخذها هذا الإبن. ويؤكد المتحدث أن مسألة التمثيل ليست بالأمر الهين الذي يجعل الفنان يفرض على ابنه دخول عالم التمثيل وهو لا يملك موهبة التمثيل، ولم يدرس مبادئ التمثيل وأسسه، لذلك فهو يفضل أن يترك الكلمة الأولى والأخيرة لأبنائه، رغم يقينه التام أن هذه المهنة "ما توكلش عيش". حورية. ص/ حياة. س


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)