الجزائر

تنافس المكتبات وتعتمد على العروض الترويجية: مواقع التواصل توظف الخوارزميات لاصطياد القراء



أضحت مواقع التواصل الاجتماعي، فضاء مناسبا لبيع واقتناء الكتب بمختلف أنواعها ولُغاتها، وذلك عن طريق مدونات وصفحات ومتاجر إلكترونية لطلبة جامعيين ومستثمرين وأصحاب مكتبات، تحولوا نحوها في اتجاه عكسي للبحث عن القراء بعدما تكاسل هؤلاء في رحلتهم لطلب الكتاب، وقد ساهم هذا الأسلوب التسويقي في خلق المنافسة، و سهل وصول العناوين الجديدة إلى الزبائن بفضل العروض المغرية و التخفيضات وخدمات التوصيل.وتتيح الصفحات الإلكترونية، مجموعات ضخمة ومتنوعة من الكتب العربية والأجنبية، التي تتناول مواضيع مختلفة كالأدب والشّريعة وتاريخ الحضارات والتّطوير الذّاتي والمالي، وأخرى تُعنى بالصِّحة الجسدية والنفس البشرية والتغذية الطبيعية، و الطب و البحوث الأكاديمية، إلى جانب الروايات الخيالية و البوليسية والعاطفية وكتب في السياسة و التاريخ و غيرها ، فضلا عن الكتب المدرسية للمراجعة، و الموجهة لتلاميذ الابتدائي والمتوسط والثانوي، ومجموعة من الإصدارات التي تضم سلاسل الاختبارات للمقبلين على شهادتي التّعليم المتوسِّط و البكالوريا.
سهولة في الوصول
إلى الكتاب وتوفير
للوقت والجهد
يعتبر اقتناء الكتب من الإنترنت عموما ومواقع التواصل الاجتماعي على وجه التحديد أمرا سهلا، يُوفِّر على القارئ الوقت والجهد، إذ يجِدُ كل أنواع الكتب والإصدارات معروضة أمام ناظريه، مُرفقة بالسِّعر ونبذة مختصرة عن محتوى المؤلف، فضلا عن خلاصة تبين أهيمته و الفائدة التي سيجنيها القارئ من تصفحه والتمعن فيه.
وقالت أشواق وهي طالبة جامعية، إنها صارت تفضل اقتناء الكتب عن طريق الصفحات الإلكترونية الموثوقة التي سبق وتعاملت معها في كثير من المرات، بدلا من التنقل إلى المكتبة، حتى تختزل الوقت والجُهد، خصوصا مع توفر خدمة التّوصيل إلى الولايات، وذلك مقابل مبلغ لا يزيد عن 600 دينار، مضيفة في ذات السياق، أنها بحثت مطولا في مكتبات ولايتها عن بعض مؤلفات علم النفس لكنها لم تجدها، مثل « عقدك النفسية سجنك الأبدي» و» اعرف وجهك الآخر» للدكتور يوسف الحسني، لكنها حصلت عليهم بسهولة من صفحة إلكترونية، وفرتها لها في ظرف لم يتعد الأسبُوع.
باقات وتخفيضات مغرية
ويرى مكتبيون، أن هذا التّحول الذي طرأ على مجال بيع الكتب في الجزائر عبر مختلف فضاءات التّواصل الإلكترونية، قد ساهم في نشر الوعي القرائي وزاد المقروئية نسبيا بين مختلف الشرائح العمرية وبالأخص الشباب والطلبة الجامعيين، كونهم الأكثر استعمالا لمواقع التواصل الاجتماعي، وبهذا الخصوص قالت منار وهي موظفة بقطاع التعليم، إنها مهووسة بقراءة الكتب منذ سنّ المراهقة، أين كانت تتوجه بشكل دوري للمكتبة من أجل اقتناء رواية جديدة كل ثلاثة أشهر، أما الآن بعد انتشار بيع الكتب افتراضيا، ووصول الإعلانات إليها دون مجهود منها، فقد باتت تتأثر بمغريات الأسعار و العروض الترويجية وتختار العناوين المميزة والغامضة للإصدارات الجديدة التي تعرض على المنصات، حتى أنها صارت تشتري كتابا جديدا كل شهر تقريبا، وبحكم عمليها في مجال التعليم، فهي تتصفح المتاجر الإلكترونية الموجهة لبيع الكتب المدرسية كذلك كما قالت، وذلك للوقوف على المطبوعات الجديدة التي تتضمن دروسا وتمارين في مادة العلوم الطبيعية. وصادفنا خلال استطلاع على موقعي فيسبوك وإنستغرام، إعلانات ممولة تعرض على رواد المنصتين، تخفيضات ملفتة بقيمة تتعدى 500 دينار، زيادة على طرح باقات من الكتب المميزة بسعر تنافسي، و قدمت صفحة « أون لاين بوكس» ، هذا الأسبوع مجموعة متنوعة من الباقات بسعر 2300 دينار، تتضمن كتبا في تطوير الذات وأخرى في الذكاء المالي أو العاطفي و روايات بوليسية كذلك، منها كتاب « فكر وازدد ثراء « إلى جانب « اقرأ الناس كأنهم كتاب» و» أغنى رجل في بابل»، وباقة أخرى تشمل « العادات الذرية» و» المليونير الفوري» و « أغنى رجل في بابل».
وقالت ابتهال وهي مسيرة منصة إلكترونية لبيع الكتب، إن هذا النوع من الترويج مهم جدا لاستقطاب القراء، و زيادة الاهتمام بالكتب خصوصا وأن ارتفاع أسعارها يعد من بين أسباب العزوف، أم نوال طالبة جامعية، فأخبرتنا أنها صادفت في الآونة الأخيرة كثيرا من الإعلانات الممولة، لصفحات تبيع الكتب، وتعرض باقات تشمل أكثر من كتابين في مجال واحد أو مجالات مختلفة، بتخفيضات مغرية تصل إلى 30 بالمائة من سعر الكتاب الأصلي، الأمر الذي حفزها هي وشقيقتها وصديقات لها على اقتناء أربع باقات في الأشهر الثلاث الأخيرة، بشكل مشترك حتى يحصلن على تخفيض أكبر.
إقبال على كتب الوعي والعلاقات والتطوير الذاتي
تواصلنا مع صاحبة المتجر الإلكتروني «قرية القراء» بموقع إنستغرام، مريم مباركي من برج بوعريريج، البالغة من العمر 21 سنة، وهي طالبة ماستر 1 تخصص علم النفس العيادي، فعلمنا منها أنها أطلقت مشروعها خلال شهر فيفري 2022، واختارت له شعار» اقرأ لترتقي»، واختارت الاستثمار في هذا المجال لكونها شغوفة بعالم الكتب والمطالعة، ولأنه يخدم تخصصا من جهة ثانية، خصوصا وأنها تبيع كتبا في علم النفس تتحدث عن تطوير الذات وتوجه القارئ نحو اكتساب الذكاء العاطفي و طرق النجاح في العلاقات الاجتماعية والمهنية وغير ذلك.
وأوضحت مباركي، أنها لا تعتمد في الترويج لصفحتها وكُتبها، على الإعلانات الممولة، بقدر ما تهتم بنشر ملخص عن محتوى الكتاب في شكل قصة أو باعتماد خاصية الفيديو القصير «الريلز» للوصول إلى أكبر قدر ممكن من مستخدمي المنصة، مع التطرق إلى الحلول التي يقدمها والاستفادة الممكن تحصيلها من المؤلف.
وذكرت في ذات السياق، أنها تقتني الكتب من المكتبات ثم تعيد بيعها، كما تساعدها صديقتها في الحصول على النسخ بسعر جيد، مؤكدة أن أكثر الكتب طلبا ومبيعا على منصتها، هي العناوين التي تتحدث عن الأنثى مثل « كاريزما الأنوثة» و « أنوثة طاغية» وكتب تعنى بالتنمية الذاتية مثل « معجزة الصباح» و» العادات الذرية» و» فن اللامبالاة»، وكتب دينية منها « فاتتني صلاة»
و« لأنك الله» و» لكنود»، مشيرة كذلك إلى اهتمام الزبائن بالكتب ذات العلاقة بالثقافة النفسية على غرار « جلسات نفسية» و « عقدك النفسية سجنك الأبدي» و» اعرف وجهك الآخر» وهو عنوان يحقق شهرة واسعة حسبها.
كما أفادت المتحدثة، أن سعر الكتب صغيرة الحجم يترواح بين 600 إلى 1500 دينار، في حين تكلف النسخ الأصلية أكثر، إذ تصل أسعار بعض العناوين الرائجة إلى 5000 دينار، مضيفة بأنها تعرض على واجهة صفحتها أكثر الكتب بحثا وطلبا من قبل الزبائن، والتي ترى أنها تضيف رصيدا للقارئ وتُحدث تغييرا ملمُوسا وإيجابيّا في حياتِه الواقعيّة والعاطفيّة، خُصُوصا وأنّ بعض النِّساء يستشِرنها حول الكتاب المُناسب للحالة التي يعانين منها سواء مشاكل زوجية أو عاطفية، وكثيرا ما يطلبن الكتاب الشهير « الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» أو « لماذا يحب الرجال»، ناهيك عن وجود إقبال على أكثر الروايات شهرة مثل « أرض زيكولا» وكذلك سلسلة « خوف « لأسامة مسلم، مضيفة أنها تتعامل مع زبائن من مختلف الولايات، وتقوم بإرسال النسخ إليهم مع شركات التوصيل مقابل سعر تحدده الوكالة و يختلف من منطقة لأخرى.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)