الجزائر

تكلفة الجنائز تفوق ميزانيات الأعراس ببوقطب


تفرض العادات التقاليد على العائلات ببوقطب ولاية البيض بمجرد وفاة أحد الأقارب إقامة مأدبة لإطعام الناس المتوافدين من أجل آداء واجب العزاء، وذلك على خلفية كسب الأجر والثواب للفقيد وفقا لما تتحدث عنه تعاليم الدين الإسلامي، وكذلك لتوفير أجواء الأنس والألفة مع أهالي الفقيد، غير أن عادات التجمع وتناول مختلف المأكولات تحول في عدة محطات إلى مناسبة للتباهي بنوعية الطعام والحلويات التي تقدمها العائلات للزائرين ، وهو ما وقفت عليه « الجمهورية» في بعض المناطق.يعد التعاون والتكافل الاجتماعي خلال الجنازة من أسمى أوجه القيم الإنسانية والدينية التي يتسم بها المجتمع الجزائري ، حسبما أوصى به ديننا الإسلامي الحنيف، لدرجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسند مسألة إطعام أهل الميت إلى الجيران والأقارب، ومن العادات التي كانت معروفة ببوقطب قيام العائلات من أقارب الميت أو الجيران حتى ولو كانت فقيرة بتحضير الغداء أو العشاء على شرف الحضور ، وتدوم أيام العزاء كما يعرف بالمنطقة ما بين 4 الى6 أيام بلياليها، ويتم تكليف 4 أو 6 عائلات بتحضير الغداء أو العشاء دفعة واحدة، لأن المُعزيّن يتراوح عددهم ما بين 150و200 شخص يوميا ، هذا بغض النظر عن تكاليف يوم إحياء «السبوع «، وتحرص كل العائلات التي شهدت وفاة على خدمة المعوزين واستضافتهم بتقديم حلويات ومأدبات غداء وعشاء.
لكن للأسف لا نجد هذا اليوم ، حيث أن أهل الميت هم من يتولون إطعام الحضور الذين يأتون لتقديم العزاء، وبطريقة مبالغ فيها ، إذ يكثر فيها الإسراف والتبذير لدرجة يضطرون فيها إلى اقتراض أموال كبرى بحجة أنها صدقة على الميت، ويقيمون ولائم تبدأ بذبح الخرفان يوم الدفن ويحضر بموجبها الكسكس، وحتى الفواكه والحليب والتمر، بالإضافة إلى المسمن والسفنج والبغرير الذي يزين موائد الشاي والقهوة خلال الجلسات التي يحضرها أهل الميت أو الجيران، وهناك بعض العائلات في الولايات المعروفة تبالغ في الجنائز التي تجعلها قريبة من الأفراح ، ففي الوقت الذي يعمل سكان بعض ولايات الوطن جاهدين على التقليل من تكاليف الزواج باللجوء إلى إقامة حفلات أعراس جماعية ، تمكن الشباب الذين يعيشون ظروفا صعبة من إكمال نصف دينهم، نجد مناطق وبلديات في ولاية البيض لا تكتفي بالتبذير الذي يميز الأعراس والحفلات وأيام عودة الحجاج ، بل حتى المآتم أصبحت جد مكلفة.
ومهما كان الميت فقرا أو غنيا، فلا أحد يفكر في العائلة التي تركها ولا أحد يتطوع لجمع المال للأيتام، وإذا أخذنا مثالا ، فهناك 15عائلة فقط تتكلف بتحضير الطعام للمعوزين على مدار 4ايام وتكون التكاليف المالية ما بين ال20و30مليونا ، ولو تم جمع هذا المبلغ أو نصفه وسلم لأهل الميت لكان أحسن من التبذير، لكن همّ الكثير هو ملء البطون دون مراعاة الأجسام العارية والبطون الخاوية التي يتركها الميت.
الجنائز باتت تكلفتها تضاهي ميزانية الاعراس خوفا من السنة الناس التي أصبحت تعيب حتى على الجنائز ما اجبر البعض على انفاق المصاريف على الميت من اجل إكرامه وإعلاء قيمته وشانه-ما جعلها محل منافسة ومقارنة-كل تلك الامور جعلت جنائز اليوم مثلها مثل الاعراس وأضحت تحضر فيها أضخم الأطباق وتذبح الذبائح ناهيك عن الحضور المتنوع لأنواع من الحلويات
وهي كلها أمور لم نكن نألفها في الجنائز وحسب احد شيوخ المنطقة فان في الماضي كان اهل الميت لا يوقدون النار في بيتهم خاصة يوم الوفاة والدفن بل يتكفل بذلك بل يتكفل بذلك جيرانهم واقاربهم ويحضرون عزاء الميت على قدر ما استطاعوا.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)