الكتابة والخط مفهومان، مترادفان، إلا أن الأول أعم، من حيث مجال العمل والاستعمال. ونحن نريد الحديث عن الخط المسمى عند القدماء رسما، وهو قرين الضبط والإعجام. ولكن الرسم أقرب إلى مفهوم الخط من غيره، لقربه من عملية التزيين والتلوين.
لقد نشأ الخط العربي رسوما بصرية، محتفظة بما يتحرك في المحيط العربي، وقد اتخذه العربي في البداية وسيلة للمعرفة، ونقلا للأفكار، ثم اكتسب قداسة، عند ما سجل به القرآن الكريم، ثم صارفنا تزين به الآثار والمآثر، وانتهى به الأمر إلى الجمع بين المدركات البصرية والسمعية في المصحف المرتل.
لقد كان أول ما حفظ للخط العربي هبته وقدسيته، تعبيره عن آي القرآن مفرقة، قبل جمعها في المصحف المرتل. وما برز من إشكال، هو جمود الخط العربي شكلا وتعبيرا عن المسموع كما هو مسموع، ثم استرجاع الصور الفكرية المرسومة إلى كميات صوتية منطوقة. وهل يوجد في تراثنا ما يحمل ملامح التعبير عن الصورة والصوت معا، وكيف يمكن تطوير ذلك، وتنقيته وترقيته إلى مصاف الخطوط البصرية السمعية العالمية.
لقد انصرف الناس إلى الخط العربي تزيينا وتلوينا وتنويعا؛ ولكنهم انصرفوا عنه تطويرا وتعبيرا وتوظيفا، فبات متخلفا عن التعبير عنه المسموع كما هو مسموع، وظهر في العالم ما يسمى بالكتابة الصوتية، وبقي الخط العربي فاقد الصوت وبلا صيت. وما تسعى إليه هذه المداخلة، هو تقديم صورة عن الخط العربي كما كان، وكما هو كائن، وكما ينبغي أن يكون، مع البحث عن الإجراءات العملية للتسهيل والتطوير والتحسين. تلكم هي إشكالية المداخلة، في أبعادها وأهدافها ومبتغياتها ومقاصدها الكلية العامة، تبقى تفاصيلها وكيفيات تطبيقها وتوظيفها، نعرضها مفصلة لاحقا بحول الله.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/09/2021
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - مكي درار
المصدر : جسور المعرفة Volume 2, Numéro 5, Pages 98-118