الجزائر

تصر على البقاء وترفض اتهامها بالتقصير جمعيات ثقافية.. مع وقف التنفيذ


تصر على البقاء وترفض اتهامها بالتقصير              جمعيات ثقافية.. مع وقف التنفيذ
اعترفت كلها أن العمل في المجال الثقافي أقل ما يقال عنه أنه مغامرة يريد بها أصحابها صنع التحدي وتفعيل المشهد الثقافي، في بلد أصبح يبتعد بخطوات سريعة عن كل ما يحمل “شبهة” الثقافة، وإن كنا نتفق معها مبدئيا حول هذا المنطق إلا أن ذلك لا يعفينا من التساؤل بإلحاح عن سر تقصيرها في التواجد المستمر، وبالتالي الجدوى من وجودها وإن كان مبررها في ذلك ينحصر في غياب المقر والتمويل الذي لا يغني حسبها ولا يسمن من ثقافة، إلا أنها ترى في تواجدها على الساحة الثقافية، وبغض النظر عن المضمون الثقافي الذي تحاول تقديمه، يعد رهانا لا مفر منه على أمل نجاحها في تحقيق تراكم ثقافي يحسب لها مستقبلا.حاولنا الاقتراب إلى نماذج من هذه الجمعيات الثقافية ليس للحديث فقط عن مشاريعهم ومشاكلهم وإنما للتوصل معهم إلى صيغة منطقية تبرر وجودهم على الساحة الثقافية في ظل رفضهم لما يوفر لهم من إمكانيات، وهو ما ينعكس بالضرورة على ما يقدمونه من ثقافة، وهو ما يجعلهم دوما في موقف المقصر.“البيت”: الحل في دفتر الشروط لنعرف ما لنا وما علينا”يقول بوبكر زمال، رئيس جمعية “البيت” الثقافية، إن من المتعارف عليه أن الجمعيات بمختلف توجهاتها ومشاريعها هي جزء من المجتمع المدني تتبنى أهدافا معينة وتختار لها برنامجا معينا، وهذا بمقتضى ما تتيحه لها الفرص والإمكانيات المتاحة لها، وهو الحال مع الجمعيات الثقافية التي تحاول هي الأخرى أن تؤسس لتواجدها في هذا الإطار، مع الحرص على أنها لا ينبغي أن تتوجه بالضرورة إلى نخبة المثقفين فقط، وإن كان واقع الثقافة والمثقف الجزائري في رأيه لا يبشر بأي ملامح ثقافية. وبالتالي يرى زمال أنه من الواجب التساؤل أولا عن الهدف من إنشاء مثل هذه الجمعيات، للانتقال إلى الحديث عن فعاليتها في تحريك المشهد الثقافي، لذا فهو يقترح وضع دفتر شروط لتنظيم عملها الذي يبقى في معظمه نظريا في ظل غياب الدعم، مع ضرورة إشراكها في مختلف الهيئات الثقافية والاجتماعية ليكون لها صوت مسموع وبالتالي دور في المجتمع، ومن هنا يمكن أن تحاسب على التقصير إن وجد. وفي نفس السياق، لا ينكر المتحدث أن العمل في هذا المجال يعد رهانا كبيرا بالنظر إلى العراقيل الكبيرة التي يواجهونها، بداية بالمقر الذي يعد العائق المشترك الأول بين أغلب الجمعيات الثقافية، بالإضافة إلى الدعم المادي الذي لا يغني ولا يسمن من ثقافة، والذي يقتصر على ما يقدمه الصندوق الوطني لترقية الأدب، إلى جانب بعض الإعانات و الهبات المقدمة من البلديات أو بعض المؤسسات الوطنية والوزارات، وهي في مجملها لا يمكن أن تغطي تكاليف المشاريع والأهداف المسطرة ، خاصة وأن “ البيت “ تسعى منذ تأسيسها إلى إصدار مجلة خاصة بها، بالإضافة إلى تنظيم مهرجان أدبي كبير، وهي المشاريع التي تبقى مؤجلة إلى الآن.وفي انتظار تحسن الوضع تحاول الجمعية إثبات وجودها في إطار نشر الكتب، خاصة في مجال الشعر، في ظل قناعتها بمحدودية فعالية التنشيط الثقافي.  جمعية الاختلاف:”الوزارة تريد احتكار الثقافة لنفسها”يرى بشير مفتي، الأمين العام لجمعية “الاختلاف”، أن الدولة ممثلة في وزارة الثقافة عادت في الفترة الأخيرة للوصاية على النشاطات الثقافية، لتتولى نشر الكتب أو دعم نشرها مع تنظيم الملتقيات والنشاطات الثقافية معتمدة في ذلك على ما لها من عدة وأموال وبنية تحتية، وهو أدى إلى تقليص دور الجمعيات الثقافية والتسبب في ضعفها أو تلاشيها، خاصة أن وزارة الثقافة لم تنفتح - حسبه - بشكل ايجابي على هذه الجمعيات رغبة منها في أن تكون هي رقم واحد في العمل الثقافي رغم أنها كانت غائبة في العشرية السوداء ولم يكن الشأن الثقافي من بين أولوياتها، لذا فقد تولت جمعيات بعينها، على غرار” الجاحظية” و”الاختلاف” دورا بارز في تفعيل المشهد الثقافي والدفاع عن الكتب والمجلات من خلال تأسيس حركة نشر وتنظيم نشاطات ثقافية وخلق جوائز ساهمت في ولادة مبدعين. وإذا تحدثنا عن التمويل بالأرقام - يضيف الأمين العام - فقد تلقينا قيمة 200 ألف دينار من قبل الوزارة، إضافة إلى 150 ألف دينار من ولاية الجزائر، وهي قيمة لا تشجع على الاستمرار، حتى بعد أن قامت الوزارة بخلق صندوق دعم الإبداع.وقد أكد المتحدث أنه رغم العراقيل الكثيرة مع محدودية مصادر تمويل الجمعية الذي كانت أولى نتائجه إيقاف إصدار مجلة “الاختلاف”، التي يأمل عودتها بعد أفولها بسبب غياب التمويل،  إلا أن الاستمرار في العمل - يضيف المتحدث - هو الرهان الذي تعمل رابطة كتاب الاختلاف على تحقيقه والتأكيد عليه.  ويعتبر المتحدث أن الجمعيات الثقافية تؤسس نظريا لثقافة المجتمع المدني والمواطنة والتنشيط الثقافي، وتقوم بدور تطوعي من أجل أهداف تكون قد حددتها في برنامجها الذي تأسست من أجله. وفي ظل ما سبق، يرى الكاتب أنه قد حان الوقت للمبادرات الجديدة، وعلى وزارة الثقافة أن تفتح المجال لها واسعا دون أن تفرض عليها شروطا من منطلق الفوقية مع ضرورة العمل على مضاعفة عدد الجمعيات الثقافية. الجاحظية: “ماذا بعد عمي الطاهر؟”حددت الجمعية الثقافية “الجاحظية” هدفها، منذ بداية تأسيسها عام 1989، في ترقية الثقافة بجميع الوسائل والوصول بالجمعية إلى أن تصبح مؤسسة ثقافية تتمتع بميزانية خاصة تتحدد وفقا للنشاطات التي تقوم بها، وهو الهدف الذي ناضل من أجله الراحل الطاهر وطار وتقدم باقتراحه منذ سنوات على وزيرة الثقافة التي أبدت موافقتها المبدئية دون تحقيقه.وقد أكد السيد بصادق، عضو بالجمعية، أن هذه الخطوة ستسمح بتوسيع المجال في التعامل مع مؤسسات أخرى في الخارج سواء في الخليج أو أوروبا، وبالتالي يكون لها أفق أكبر في التحرك. إلا أن رحلة المرض التي قضاها عمي الطاهر بين باريس والجزائر، والتي انتهت بوفاته في أوت الماضي، عرفت حضورا باهتا للجمعية التي اقتصرت نشاطاتها على بعض المواعيد الثقافية التي كانت تنظم بين الحين والآخر، واختفت بذلك المشاريع الكبرى التي ناضل من اجلها الأب الروحي للجمعية.وفي الحديث عن التمويل، أكد محدثنا أنه غير كاف، وهذا رغم مساهمات بعض الوزارات والمجلس الشعبي الوطني، إلى جانب التمويل الذاتي الذي يعود إلى مداخيل طبع وبيع مجلة “التبيين” والكتب التي تطبعها الجمعية، ما يدفع حسبه، القائمين عليها إلى التقليص من نشاطاتها وفق الميزانية المتوفرة وحجم النشاطات الثقافية التي تعمل عليها الجمعية.وأشار بصادق إلى أن الجمعية تقوم كل نهاية سنة بجرد لكل أعمالها، إضافة إلى حوصلة مالية تقدم لوزارة الداخلية المكلفة بالتنظيم، وهو الأمر نفسه الذي تخضع له كل الجمعيات الوطنية  والولائية، إضافة إلى ضرورة إعلام وزارة الثقافة بكافة النشاطات مع تقديم النشاطات المقرر تقديمها في العام الجاري. ومن أهم النشاطات التي تقوم بها الجمعية، إلى جانب إصدار ثلاث مجلات “التبيين”،”القصيدة” و”القصة”، نجد تنظيم المعارض والمحاضرات والملتقيات، مع إقامة الجائزة المغاربية “مفدي زكريا” للشعر التي أصبحت الآن ذات طبعة عربية.رابطة الأدب الشعبي:”سنحرق دمنا من أجل الثقافة”يصر توفيق ومان، رئيس رابطة الأدب الشعبي، أن الجمعيات الثقافية تبقى المخولة الأولى بتفعيل الحراك الثقافي الجواري في الجزائر، خاصة أن المؤسسات الرسمية ممثلة بالوزارة الوصية أو باقي المؤسسات العمومية تبقى بعيدة عن تحقيق حركة ثقافية حقيقية.وبالتالي فهو يرى أن وجود مثل هذه الجمعيات لابد منه نظرا لكونها الأقرب من المجتمع والقادرة على ترجمة ثقافته بمختلف أشكالها، إلا أنه يتأسف على وضع هذه الجمعيات الثقافية التي تعاني من أجل البقاء بالنظر إلى قلة الإمكانيات المتوفرة لها.ويؤكد ومان أن العمل في المجال الثقافي يعد تحديا كبيرا، حيث يستحيل على هذه الجمعيات العمل في ظل غياب عنصر “المال” دائما، وهو ما يجب توفره لضمان الاستمرار، وهو ما يدفعنا إلى العمل بوسائلنا الخاصة لتحقيق التواصل بين المثقفين، وهذا من خلال ترشيد مداخيلنا لإقامة نشاطات ثقافية بطابع محلي وعربي.     وعن تواجد “رابطة الأدب الشعبي” على الساحة الثقافية، تحدث ومان عن تجربة العمل المشترك مع دار “الفارابي” اللبنانية في مجال نشر الكتب، وهي المباردة التي جاءت - حسبه - للتعريف بالشعر الشعبي بدافع استقطاب جمهور عربي وتمكينه من الاطلاع على التجربة الجزائرية في القصيدة الشعبية التي تعرف انتشارا وإقبالا عربيا كبيرا، في الوقت الذي تعرف معاناة كبيرة في الجزائر، هذا بالإضافة إلى الاستفادة من حجم انتشار هذه الدار اللبنانية في سبيل تجاوز مشاكل السوق المحلية وخاصة في التوزيع. من جهة أخرى، يقول رئيس الرابطة إن الجمعيات الثقافية ملزمة بإثبات وجودها وفعالية المضمون الثقافي الذي تقدمه لدفع الوزارة إلى الاعتراف بوجودها وضمان الدعم اللازم لها. حورية. ص
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)