الجزائر

تراجيديا الحرية


عُرضت مسرحيتان، أول أمس الجمعة، لحساب المهرجان المحلي للمسرح المحترف 13 في سيدي بلعباس، هما "دار ربي" لمحمد الأمين موفق عن جمعية "موريستاغا" للفنون الدرامية المسرحية والسينمائية من مستغانم، و"دوار العميان" لمحمد مصطفى يحياوي، وإنتاج جمعية "تياترو" من ولاية تيارت. وتناول العملان موضوع الحرية، لكن ضمن صور درامية تراجيدية وكوميدية، لتصل إلى الحرية المنشودة، التي سرعان ما تضيع!"دار ربي" مسرحية لكاتبها الراحل وأحد رواد المسرح الجزائري ولد عبد الرحمان كاكي، تروي على مدار ساعة، قصة سجينين هاربين؛ "القاضي" و"سليمان"، يجدان نفسيهما صدفة في صحراء بعيدة، في مكان يُدعى "دار ربي ". يتطور لقاؤهما بسرعة مع وصول هاربين آخرين؛ ما يسلّط الضوء على كفاحهم من أجل قضايا تحريرية، قادتهم إلى وراء القضبان.
وتستكشف المسرحية بعمق، مواضيع السجن، والهروب، والبحث عن الحرية، مع التركيز على مفهوم الصمود، والعزيمة في مواجهة الظلم.
ويبدأ العرض باقتباس من نيلسون مانديلا، الشخصية البارزة في معركته ضدّ التمييز العنصري. وترمز هذه العناصر إلى الكفاح من أجل الحرية، مستحضرة رغبة الجزائر في الاستقلال، وعملية تحرير القارة الإفريقية من مستعمريها.
وتقدّم هذه المسرحية التي أُنتجت في عام 2023، رؤية مبتكرة للكفاحات المضادة للاستعمار التي خاضتها العديد من المجتمعات الإفريقية، وتسلّط الضوء على الدفاع عن الحقوق، والسعي للحرية، واستعادة الأراضي المستولى عليها؛ ما يقدّم تأملًا عميقا في التحديات التاريخية لهذه الكفاحات.. ويتطلع هؤلاء السجناء إلى استعادة أراضيهم، وهو قرار حيوي في حياتهم.
وقسّم المخرج المسرحية إلى ثلاثة أحداث رئيسية في تاريخ الجزائر، وهي الثورة الوطنية، والعشرية السوداء، والحراك الشعبي.
"دار ربي" كتبها كاكي في عام 1992، ولكن النص لايزال غير مكتمل. حاول المخرج إكمال النص وإيجاد ختام مناسب له. وأدخل تقنية جديدة، وهي "السينما المسرحية"، مدمجا الفنين الرابع والسابع لإضافة لمسة مبتكرة في تجربته الأولى.
أما "دوار العميان" فهي مسرحية تراجيديا، مأخوذة من رواية "بلاد العميان" لهربرت جورج ويلز، وقام بإخراجها محمد مصطفى يحياوي عن جمعية "تيارترو" من تيارت. تناولت مجموعة من المواضيع؛ على غرار الحب، والتضحية، والحرية، والانقياد، والوحدة والتخلي.
وتدور أحداث القصة في قرية العميان التي يفتقر سكانها إلى البصر منذ أجيال. يتذكر رجل على خشبة المسرح وسط الظلام، قصة بصير في بلد لا يرى فيه أحد.
وعلى مدار 56 دقيقة تروي المسرحية قصة "نهلة"، ابنة رئيس القرية، التي تقع في حبّ رجل أجنبي وسيم قد وصل حديثا، ومع ذلك هناك شرط لا يمكن المساومة عليه، وهو استرجاع بصرها.
ويقوم الشاب بمفاوضة يائسة مع رئيس القرية، ويقرّر الهرب مع نهلة رغم تردّدها في البداية، لكن تقتنع في النهاية بالمغادرة، في مغامرة معه نحو عالم جديد مليء بالفرص. ومع ذلك يتم اكتشاف خطتهما من قبل سكان القرية، الذين يبذلون قصارى جهدهم لإفشالها؛ ما ينهي أحلامهما، ويغمر القرية في الظلام مرة أخرى. ثم يقوم والد نهلة، وهو مشحون بالغضب والخوف، بقتلها، فيسحق أيّ أمل في مستقبل مستقر ومزدهر.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)