الجزائر

تحولت إلى فضاء إشهاري وإعلامي مجاني جدران الشوارع تستعير حلة “حائط الفايسبوك”


تحولت إلى فضاء إشهاري وإعلامي مجاني                 جدران الشوارع تستعير حلة “حائط الفايسبوك”
تحرر الجزائريون من حاجتهم للمؤسسات الإعلامية والوكالات العقارية، وحتى لخدمة المعارف والمقربين، بعدما تمكنوا من إيصال أفكارهم وخدماتهم عبر جدران البنايات، لتتحول هذه الأخيرة إلى وسيلة إعلامية جديدة اختزل الجزائريون من خلالها سلسلة من الأعمال والأعباء. لم تعد بحاجة إلى دفع مبالغ طائلة من أجل الترويج لمنتوج معين أوالإعلان عن فتح مؤسسة أومدرسة، أو حتى البحث عن مفقود، فيكفي أن تكتب ورقة وتطبعها بعدة نسخ، لتتكفل الجدران بإرسال رسالتك وتبليغها لأكبر عدد ممكن من الأشخاص. هو واقع لمسناه من خلال مرورنا عبر بعض شوارع العاصمة.. وعلى الرغم من أن الازدحام كان يميز تلك المناطق، إلا أن الأوراق غطت جدران البيانات وكأننا أمام لوح النتائج في إحدى الكليات، أو أمام إحدى البلديات أوالدوائر. وأكثر صورة كانت أقرب إلينا هو حائط الفايسبوك، فالجدران استعارت منه ذلك التنوع والاختلاف في المواضيع، وبين استحسان واستهجان من المواطنين تحولت الجدران إلى فضاء إعلامي حر تحت تصرف الأفراد والجماعات.  الجدران تغنيك عن زيارة الوكالة العقارية إذا كنت ترغب في اقتناء مسكن، قطعة أرضية وحتى آلة أو سيارة، لا تكلف نفسك عناء زيارة وكالة عقارية، فجولة بسيطة في شوارع المدينة قد تفي بالغرض، لأن المتأمل للإعلانات الجدارية يجدها مليئة بالعروض العقارية المختلفة والتي تتضمن معها حتى السعر. في هذا السياق استوقفنا بعض الأشخاص بشارع حسيبة بن بوعلي في العاصمة، لمعرفة آرائهم حول الموضوع. كانت البداية مع فاطمة الزهراء، عاملة في مؤسسة خاصة بالعاصمة، قدمت من ولاية معسكر، والتي اعترفت أن إعلانا حائطيا بشارع ديدوش مراد بالعاصمة مكنها من العثور على سكن للإيجار بالمنطقة، حيث وفر عنها عناء البحث، خاصة أنها مشغولة طول اليوم، لتكون نظرة ألقتها على الحائط بمحض الصدفة حلا لكل مشكلاتها.وعلى النقيض من ذلك انتقد كمال، هذا النوع من الإعلانات واعتبرها غير حقيقية، فهو - على حد قوله - حاول في العديد من المرات الاتصال بالأرقام المنشورة دون جدوى..  فضاء إعلامي حر ومجاني للسياسيين ونحن على مشارف التشريعيات تتهافت مختلف التكتلات السياسية للظفر بالعديد من الوسائل الإعلامية، حتى تتمكن من تجنيدها في مؤازرة حملتها الانتخابية. وإن كان لكل فضاء إعلامي قواعده وأصوله، تشهد الجدران فوضى الشعارات السياسية، فلا قانون يحكم الإعلانات الحائطية، ليتحول “الجدار” إلى واحد من داعمي الحملات الانتخابية. وإن كان للمواطنين رأي آخر حول الموضوع، نذكر منهم، عثمان، متقاعد، الذي انتقد بشدة الجرعات التي تقدم للموطنين من الرسائل السياسية، كما لم يختلف معه السيد رفيق الذي توقع أن تمتلئ الجدران كعادتها بالصور والشعارات السياسية بمجرد بداية فترة الحملة الانتخابية، وهو ما اعتبره أمرا مملا للغاية ومثيرا للكآبة في شوارع العاصمة، خاصة أنها تلاحق الموطنين في كل زمان ومكان.   إشهار مجاني للمؤسسات التجارية والمدارس الخاصة وجد الكثير من التجار والمؤسسات الخاصة في الجدران فضاء خصبا للترويج لسلعهم ومنتجاتها، فقد استوقفتنا الكثير من اللوحات الإعلانية الورقية التي أوكلت للحائط مهمة بثها وإيصالها للجمهور. ولمعرفة وقعها على نفوس المواطنين استفسرنا بعضهم، وعلى الرغم من تفاوت آرائهم إلا أنهم أجمعوا أن هذه الإعلانات في غير محلها. لعل ما أخذ حصة الأسد من إعلانات الجدران في الشوارع التي مررنا بها، كانت تلك المتعلقة بالمدارس الخاصة والدروس الخصوصية وحتى دورات الكمبيوتر واللغات الأجنبية، التي استحسنها بكثرة طلاب الجامعة، والذين يمثلون الفئة الكبرى من الجمهور المستهدف عبر مثل هذه الإعلانات.   الجدران تشد أزر العائلات وتساهم  في الأعمال الخيرية وعلى خطى صفحات الفايسبوك وظفت البنايات جدرانها في العمل الخيري، فبدون دفع أي مصاريف لأي جهة كانت تكتفي عائلة الشخص أوالمفقود بطبع عدة نسخ من ورقة تحمل صورة الشخص والرقم الواجب للاتصال به، وعلى حسب الأماكن التي ينشر فيها يكون الأمل في العثور عليه أكبر. وفي هذا في السياق تقول (فوزية.د) من منطقة أولاد موسى، إنها تمكنت من العثور على أخيها المختل عبر جدران الشوارع. كما لا يختلف الأمر كثيرا مع حنان، التي تستنجد في كل مرة بأصحاب القلوب الرحيمة عبر حيطان شوارع العاصمة عندما تحتاج إلى جرعة من الصفائح الدموية، لمجابهة فقر الدم الذي تعاني منه منذ عدة سنوات، ليخلق مستعملو الجدران لأنفسهم فضاء إعلاميا يمكنهم من إيصال أصواتهم إلى الجميع.  الإعلانات الحائطية.. تشوه واجهة المدن الكبرى على صعيد آخر، اعتبر الكثير من المواطنين ممن التقتهم “الفجر” خلال جولتها الاستطلاعية، أن هذه الإعلانات الحائطية تشوه الوجه الحضاري للمدينة، وتقضي على تلك الواجهة الجمالية التي طالما اكتستها العاصمة، فالكثير منهم استنجد بالسلطات المحلية لردع مثل هذه الممارسات رافعين شعار “النظافة للمحافظة على جمال المدينة”. وفي هذا السياق يقول مجيد: “نحتاج إلى محيط نظيف وهادئ.. فكفانا من الرسائل التي نتلقاها في كل زمان ومكان، والتي لاحقتها حتى إلى الشوارع”.   فيروز دباري  
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)